من طروادة إلى روما بقلم رشدي الماضي

مراسل حيفا نت | 22/09/2021

 

      من طروادة إلى روما

 

   تلزمنا هذه العتبة أن نعود إلى “إنياذة” ( Aeneid) فرجيل التي أبدعها في القرن الأَوّل قبل الميلاد، ملحمةً عن تأسيس روما…

  حيث اتّكأ على أساطير عتيقة تروي كيف أنّ لاجئين من طروادة السّاقطة المنهزمة هاجروا إلى إيطاليا، وهناك أصبحوا أسلاف الشّعب الرُّوماني.

   هذا كما اعتمد فرجيل كثيراً على هوميروس لسرد حكايته…

فها هي الكتب السّتّة من “الإنياذة”  تقتبس باقةً من عناصر “الإلياذة” لتروي بدورها عن الحروب التي وقعت في إيطاليا بين الّلاجئين الطّرواديين القادمين إليها، والشّعب اللاتيني القاطن فيها أصلا…

   وحكاية فرجيل في “الإنياذة” تقول:- إنّ اينياس والطرواديين أبحروا إلى إيطاليا بعد سقوط مدينتهم، حيث شاءت الأقدار واقتضت أن يؤسس اينياس روما، لو سارت رياحُهُ بما تشتهيه سُفُنُهُ… لأنّ عاصفة هوجاء أبعدتْهُ هو ومَنْ معهُ عن مسارهم وألقت بهم في قرطاجة… وهناك رحَّبت بهم ديدو مؤسسة المدينة وملكتها… فروى لها اينياس حكاية طروادته وخديعة الحصان… تأثّرت ديدو بالحكاية، وكيف لا؟! وهي الأميرة الفينيقيّة التي فَرَّت من بلدتها صور، وأسَّست مملكتها قرطاجة بعد أن قام أخوها بذبح زوجها…

  تقع ديدو في حُبّ اينياس ويعيشان كعاشقين ردحاً من الزّمن، حتى تذكّر اينياس بواجبِه الذي ينتظره في إيطاليا، فيصّر على الإبحار، فإذا ديدو تفرط بالحزن حدَّ قَتْلِ نفسها بالسّيف الذي تركه لها اينياس… وبعد الأهوال والحروب ينجح الطّرواديّ بتأسيس المدينة التي ستصبح روما، وتُسمّى  “امبراطوربة” لا تغيب عنها الشَّمس…

   وممّا يجدر الإشارة إليه، أنّ “الإنياذة” تمكّنت من تحويل الطرواديين الخاسرين إلى ظافرين، والإغريق الظّافرين إلى خاسرين وهذا لم يكن غريبا عليهم، فهم تميّزوا بكونهم أهل نُبْلٍ وصمود، ومشقَّة، بعكس الإغريق الذين عُرِفوا كأهل انحراف ومخاطر…

   صحيح، أنّ فرجيل عاش قبل الميلاد (وتوفي سنة ١٩ ق.م) غير أنّ التي سادت في “الإنياذة” كانت متطابقة مع القيم المسيحيّة… لذلك استمرت قراءَته في أوروبا والإقبال عليه في العصور الوسطى…   

  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *