أساس الرضى بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 19/09/2021

أساس الرضى

الشيخ رشاد أبو الهيجاء
إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي

من خاف مقام ربه وسلك الصراط المستقيم اطمأنت نفسه لما قدم في الحياة الدنيا  ذكرا كان أم أنثى , رضي الله عنه وأرضاه وناداه مناد من قبل ربه  عند فراقة لهذه الحياة الدنيا ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) وفي الحياة الدنيا ومن ثم الآخرة اعد لهم حياة طيبة مباركة قال تعالى ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )  هذا وعد قطعه الله على نفسه ولكننا رغم ذلك نجد التذمر وعدم القبول بما قسم الله للناس من أرزاق ونعم لا تعد ولا تحصى قال تعالى ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) ويكفي المرء وعد الله الذي لا يخلف الميعاد ولهذا سأتناول مع حضراتكم حديثا لرسول الله لنوضح أسس مهمة تضمن للإنسان الرضى بما قسم الله له قال رسول الله كما هو عند البخاري والترمذي وابن حبان ( من أصبح منكم آمنا في سربه , معافى في جسده , عنده قوت يومه , فكأنما حيزت له الدنيا ) هذا الحديث يؤكد أن الإنسان ممكن أن تتم له  نعمة الأمن النفسي والجسدي ونعمة الأمن الغذائي فإن تمت له فلا ينبغي له أن يخاف على ذلك في المستقبل لأن الرازق هو الله ومدبر الأمر هو الله القائل وهو اصدق القائلين ( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم )  فتطمئن نفوسهم ويرضوا بما أنعم الله عليهم لذلك جاء في الحديث القدسي الذي رواه الامام احمد والترمذي وابن ماجة عن رسول الله انه قال: قال  الله عز وجل : يا ابن آدم لا تخف من ذي سلطان ما دام سلطاني باقيا وسلطاني لا يزول أبدا , يا ابن آدم لا تخشى من ضيق رزق ما دامت خزائني مملوءة وخزائني لا تنفذ أبدا , يا ابن آدم لا تطلب غيري وأنا لك فإن طلبتني وجدتني وإن فتني فتك وفاتك الخير كله , يا ابن آدم خلقتك للعبادة فلا تلعب وقسمت لك زوقك فلا تتعب فإن أنت رضيت بما قسمته لك أرحت لك قلبك وبدنك وكنت عندي محمودا وإن لم ترض بما قسمته لك فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش في البرية ثم لا يكون لك إلا ما قسمته لك وكنت عندي مذموما , يا ابن آدم خلقت السموات السبع والأرضين السبع ولم أعي بخلقهن أفيعييني رغيف عيش أسوقه اليك بلا تعب , يا ابن آدم إنه لم أنسى من عصاني فكيف من أطاعني وأنا رب رحيم وعلى كل شيء قدير , يا ابن آدم لا تسألني رزق غد كما لم أطلب منك عمل غد , يا ابن آدم أنا لك محب فبحقي عليك كن لي محبا )   وهذا النداء يجعل العاقل مطمئن البال لا يخاف على رزقه ولكنه يسعى ويجد وهو يأكل من رزق الله قال تعالى ( وامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه ) ويعلم أن خزائن الله لا تنفذ لذا يرضى بما قسم الله فلا يظلم ولا يعتدي على حقوق العباد من أموال واعراض وأنفس وخاصة أن من يطلب لنفسه الأمن في بيته وأهله لا بد أن يضمنه لكل من يتعامل معه لذا قال رسول الله وهو يقسم ويقول  ( والله لا يؤمن , والله لا يؤمن ,والله لا يؤمن,  قالوا من يا رسول من لم يأمن جاره بوائقه ) وفي رواية ( من بات شبعان وجاره الى جنبه جائع وهو يعلم ) ولا نريد مشاهدة كل مظاهر الظلم والعدوان التي انتشرت في مجتمعنا الى حد ان الناس في وجل وخوف على أنفسهم وأبنائهم ,  فإن تحقق فينا الحب والرحمة بالعباد لا بد أن يعمنا الأمن في سربنا ومسكننا قال تعالى ( والذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهو مهتدون ) وقال ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني ولا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون )  وهذا يحتاج الى المدد من الله لذا كان رسول الله يدع ربه فيقول ( اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ومن سيء الأسقام ) وكان يدعو ربه كل صباح ومساء فيقول ( اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي اللهم استر عورتي )  وحتى يدوم الحال علينا بتمام الصحة والنعمة لا بد من المبادرة واستغلال الفرص لذلك لقول رسول الله ( خذ من صحتك قبل سقمك , ومن حياتك قبل موتك , فإنك لا تدري يا عبد الله ما اسمك غدا ) فلا تخشى على رزقك وتيقن أن الرازق هو الله القائل ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين )  فمن توفر له الأمن في بيته وأهله وضمن قوت يومه وكانت صحته سليمة فكأنه ملك الدنيا فلا يطمع بأكثر من ذلك, ولكننا نجد أن بعضهم حصل على أكثر من ذلك ولم يرض ولم يسعد في حياته لأنه يطلب المزيد ولو على أشلاء العباد ( لو كان لإبن آدم واد من ذهب أحب  أن يكون له واديان  ولن يملأ فاه  الا التراب ويتوب الله على من تاب )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *