سر الأبعاد الكونية وعلاقتها بالرسل عليهم السلام

مراسل حيفا نت | 10/09/2021

بقلم يمان محمد صلاح

سر الأبعاد الكونية وعلاقتها بالرسل عليهم السلام

 

تحدثنا بالحلقة الماضية بشكل مختصر عن عظمة الإله في خلق الكون البديع لكن محتوى هذه الحلقة سيعمل على إشعال أول شرارة تغيير في نفس وعقل كل من يجد نفسه تائه في الحياة الدنيا.

نبدأ بأن العلم يخاطبنا باكتشافه حزام كهرومغناطيسي يحيط بالأرض في عام 1980. هذا الحزام مسؤول عن كثافة الأرض وجاذبيتها. بحسب العلماء كلما ازدادت كثافة الحزام كلما ازدادت الجاذبية وحسية المواد الفيزيائية.

أثبتت الدراسات أن تردد الأرض في عام 1980 كان 7.8 وترددات دماغ الانسان كانت أيضا 7.8 أي أن تردد دماغ الانسان يساوي تردد الأرض.

لقد ثبت أن تردد الأرض في ارتفاع ووصل حاليا الى 12 وعند فحص ترددات دماغ الانسان الحالية نجدها أيضا 12. بذلك نستنتج حتمية تساوي ترددات الانسان لترددات الأرض لكي يستطيع العيش عليها.

الإنسان مستخلف في الأرض لذلك ما يحدث للأرض يحدث له والعكس.

إن هذه التغييرات في الأرض حدثت بسبب هذا الحزام الكهرومغناطيسي المحيط بها فبسبب انخفاض كثافته طرأت تغييرات مناخية وحدث تغيير في الأشكال التضاريسية ونشأت عدة ظواهر طبيعية.

لم يقتصر ذلك على الظواهر الفيزيائية فقط بل هناك الظواهر الحسية التي تبعت هذا التغيير أيضا والتي ارتبطت بمشاعر الإنسان ووعيه وأحاسيسه وهي مسؤولة عن شعوره بالانفصال واللخبطة.

من ناحية الوعي الطاقي والروحي:

بداية، الأبعاد هي حالات نفسية روحية يمر بها الإنسان بداخله. الانتقال بالأبعاد هو انتقال بالوعي فقط وليس الجسد، وفي هذه المقالة سنوضح البعد الثالث والرابع والخامس.

البعد الثالث: ذكرنا في الحلقة الأولى أنه بعد فيزيائي بحت ولكن ما يميزه أيضا هو ملامحه الطاقية والتي هي عبارة عن مشاعر النقص، الدونية، الأفكار السلبية والإحساس بالذنب التي بدورها تولد الحسد والشك والخوف، الخوف من الناس وآرائهم وأفعالهم، أي أنني أختار أن أكون حبيس القوقعة البشرية التي حددت مصيري ومصير العديد بناء على العادات والتقاليد والمعتقدات المتوارثة والتي لا يزال يتم تطبيقها في المجتمعات دون فهم صحيح للقوانين والنظم الإلهية وتطبيقها بحسب عقدنا الحالي والذي بات اليوم لا يشبه حتى اخر 5 سنوات منه. هنا الإنسان ينجح بكونه ضئيل القدرة والإمكانيات ويتفنن في الهروب مقنعا نفسه وأقرانه بحسب خرافة أسلافه أن الحياة صعبة والوفرة ليست للجميع.

مستوى وعي الإنسان المنخفض في هذا البعد يؤدي إلى أسئلة منخفضة الوعي أيضا، مثل: لماذا انا؟ لماذا فلان لديه كل شيء؟ لم يحدث معي كل هذا؟ باختصار يعيش دور الضحية بامتياز ويتكبل المعاناة في ما وصفه الله عز وجل بالجحيم في كتبه السماوية وهو جحيم الأرض فليس كل كلمة جحيم جاء ذكرها في الكتب السماوية كانت تقصد جحيم الآخرة.

البعد الرابع: هو مرحلة اللاوعي والتي هي بعد الصحوة وهو الجسر بين بعد جحيم الأرض وبين بعد الوفرة (البعد الخامس). هنا يستفيق الإنسان ويبدأ بمراقبة المواقف وتحليل مشاعره، يصبح مدرك لفكرة أن ما يشعر به يتجلى في واقعه أي أن داخلي هو انعكاس لواقعي أيضا.

يبدأ بتحمل مسؤولية أفعاله والتعبير عن نفسه بصورة أفضل وبذلك يقوم بتنظيف نفسه داخيا  من كل شوائب البعد الثالث المبنية على مراقبة والحكم على الناس بل يصبح واعي ومتسامح فيتقبل نفسه وذاته كما هي ويسعى إلى تطويرها لأنه عبر تطبيق كل ما سبق قد وصل إلى فهمها.

البعد الخامس: بعد الوفرة والذي فيه تسأل نفسك لماذا أنا هنا؟ ما هي رسالتي في الحياة؟ ما هو هدفي؟ ما الذي سيحقق لي السعادة ويجعلني أرى نعيم الأرض؟

في هذا البعد تتوصل إلى معرفة أن أسرار هذا الكون العديدة علمها عند الله ولا نعلم منها شيئا إلا عند نزول حكمته. تشعر بأنك مترابط مع الكون بل الكون بداخلك. تبدأ بالسعي والشعور بما حولك أكثر حتى عباداتك يصبح لها نكهة أخرى بعد تخلصك من أحمال لا داعي لها وإنقاذ نفسك من جحيم الأرض.

وصولي للبعد الخامس يعني أن منظوري للأشياء والأمور والأحداث مختلف. إن أخذنا نظرة على حياة الرسل سنرى أنهم كانوا يعيشون هذا البعد على مستوى عالي الطاقة.

فلنتفكر بسيدنا موسى عليه السلام الذي عرف ضوابط الشريعة والحلال والحرام لكن كلفه الله بالسعي لمعرفته أكثر وأرسل له عبدا من عباده وهو الخضر ومن خلال لقائهم اتضحت له حقيقة أسرار عن القضاء والقدر وعن التسرع في الحكم. ابحثوا عن تفسير القصة في سورة الكهف لعل البعض ممن يعيش لذة الحكم على الناس والنميمة الاتعاظ.

لقد سعى مع فتى بأمر الله وأوصاه بتفقد علامة مكان اللقاء والتي ذكرت في القرآن الكريم بالحوت وهو زاد السفر. نسي النبي موسى أن يتفقد الحوت وكان قد رأى الفتى الحوت يعود في البحر أي أنها كانت علامة على أن هذا هو مكان اللقاء ولحكمة من الله نسي الفتى إخباره وتذكر الأمر بعد قيامهما بالمشي يوما وليلة حين سأل موسى عن الزاد. الكثير منا يتوقع رد فعل عنيف حين إدراكه بأنه بعيد عن مكان اللقاء مسافة يوم وليلة لكن نبي الله لم يغضب وعاد سعيا لطلب العلم وأرجو التدقيق على صفة الغضب وطلب العلم.

حين نخوض في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم نرى تعرضه للشتم والأذى في العديد من المواقف، نذكر منها حين اشتد الأذى على النبي وسالت دماؤه بسبب أهل قريش. سأل الملاك جبريل النبي أن يطبق الجبلين عليهم لكنه لم يقبل ودعا الله هدايتهم. هنا نرى التسامح في أعلى درجات الألم ودققوا على صفة التسامح.

نذكر موقف إبراهيم عليه السلام حين أمر بذبح ابنه اسماعيل وقبل لحظة النحر أنزل الله كبشا من السماء وهنا نتعلم التسليم لقضاء الله والصبر الذي سنجزى عليه.

نذكر لحظة المخاض لمريم عليها السلام حين أوحى لها الله بأن تهز جذع النخلة لتسقط حبات التمر مشيرا الى أهمية السعي ولو بشكل بسيط نحو أي أمر.

لعل عدد الأمثلة لا يكفي لكن الهدف هو إزالة غمامة عن الأعين والحث على البحث الشخصي والتفكر بالأديان والكون بشكل مختلف.

إن تردد البعد الثالث منخفض أي أن الوعي الجمعي للعالقين في البعد الثالث منخفض بسبب ترددات قناعاتهم المنخفضة. الإيجو في هذا البعد عالي ويؤدي الى الملل والروتين الفكري فينعدم اللإبداع والتفكر والتساؤل عن ماهية الأحداث ويكثر التسليم للأمور كما تم توارثها والحكم على الناس بناء عليها.

الناس التي في البعد الخامس على علم وإدراك تام لهذه الأمور لذلك نراهم يقومون بتفاديها والتركيز على أنفسهم أكثر وبذلك نرى بأنهم أكثر رضى وسعادة وتحقيق انجازات وبعيدون عن النميمة وعن افتعال أي حدث قد يولد المشاكل بل ولديهم مدى تفكير كبير المساحة ونظيف الطاقة يقدم لهم الحلول.

لتصل الى البعد الخامس عليك القرار بالارتقاء بوعيك وستفاجأ بظهور إشارات للتغيير والتطور وإبدال الجزء المظلم بداخلك بالنور.

في الحلقة القادمة توضيح لنعيم وجحيم الأرض وكيفية الارتقاء الروحي للبعد الخامس والأدلة السماوية على ذلك.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *