ماذا سيحدث في حال اندلعت حرب جديدة في المنطقة؟ وكانت حيفا عرضة للصواريخ القادمة من كل اتجاه؟ ماذا سيحدث للعرب في هذه المدينة المختلطة الجميلة؟ هل سيكون مصيرهم كمصير المرحومين حنا حمام ولبيبة مزاوي، الذين لقيا مصرعهما خلال الحرب الأخيرة في العام 2007؟!
يبدو أن الوضع متشائم وأنه لا جديد تحت الشمس… الأحياء العربية تفتقر للملاجئ، السكان لا يملكون القدرات المادية لبناء الغرف الآمنة في منازلهم رغم التسهيلات التي تمنحها البلدية في استصدار تراخيص بناء لهذا الغرض.. وحتى الوعي عند الناس غير كافي!!!!
حي وادي النسناس…المثال الأكبر لعدم الجاهزية
حي وادي النسناس الحيفاوي العريق قد يكون أكبر مثال لعدم جاهزية السكان والأحياء العربية للحروبات، ففي الحرب الأخيرة تكبّد الحي أضرارا جمة، بالأرواح والممتلكات، ويقول رئيس لجنة حي وادي النسناس، فكتور حجّار (أبو رمزي): “مع الأسف الشديد الوضع اليوم أسوأ مما كان عليه في البداية، لأنه أولا لا توجد توعية من قبل الحكومات للسكان حول ما يجب القيام به خلال الحروبات، ثانيا لا توجد لدينا ملاجئ ولا أماكن آمنة تأوي الناس في حالة حرب".
وأضاف في رد على سؤال حول الحلول المطروحة: “يجب على الحكومة أن تعطي الحل… علينا أن نطالب الحكومة، أنه كما يقومون بالتوعية والتدريبات في المدارس والمدن اليهودية، يجب أن يقوموا بهذه التدريبات أيضا في الأحياء العربية والسكان العرب. فكما يقول رئيس البلدية ياهف، لا حاجة للملاجئ، ولكن هناك حاجة لبناء غرف آمنة، وعلى الحكومات أن تمنح المساعدات لبناء هذه الغرف الآمنة. ولبناء هذه الغرف الآمنة يجب أن تتوفر الميزانيات، وكما معروف غالبية أبناء شعبنا تقبع تحت خط الفقر، وحي وادي النسناس هو أحد أفقر الأحياء في حيفا. ولذلك لا توجد لدى السكان الامكانيات لبناء الغرف الآمنة، وهذا ملقى على عاتق البلدة والحكومة.
حي وادي الجمال…البيوت القديمة هي المشكلة
من جهته يقول يوسف أسعد – رئيس لجنة حي وادي جمال: “في الحرب الأخيرة وقع بالقرب من البحر، في يوطفاتا، صاروخ، وكان ذلك قريبا جدا من الحي. الحي هو حي قديم جدا، في الحي يوجد ملجأ وحيد القريب منا، وبجانبه حضانة اطفال. في الفترة الأخيرة وبالتنسيق بين المركز الجماهيري كلور وبلدية حيفا، بدأ استعماله كمركز للشبيبة. لأن في المركز الجماهيري لا يوجد مكان يلعبوا به عدا عن الملعب هناك، وبقية الفعاليات تنظم هنا في نادي الشبيبة. وقاموا بترميم المركز وطليه بالدهان من جديد، ليبدأوا باستخدامه لفعالياتهم”.
وأضاف: “نحن نتحدث عن حي عربي يهودي مشترك، ولكن في وقت الحرب لا فرق بين العربي واليهودي، الصاروخ لا يفرّق. كل المباني الجديدة التي بنيت في وادي جمال منذ عشر سنين فما بعد، تحوي غرفا آمنة، وفي الحرب الأخيرة فعلا استخدمنا هذه الغرف التي كانت آمنة. ولكن المشكلة هي بالبنايات القديمة، الشيكونات القائمة منذ عشرات السنين التي لا توجد فيها غرف آمنة. وكان رئيس البلدية قد وعد بتقديم المصادقة لحد أسبوعين لكل من يتقدم بطلب لبناء غرفة آمنة في منزله. وكما رأيت حتى الآن لا يوجد تجاوب كبير في الحي. ولأن الأمر على ما يبدو يتطلب تكلفة كبيرة جدا، والبلدية لا تساهم من ناحية مادية، كما أن الوضع الاقتصادي لدى الناس اليوم ليس بهذا القدر جيدا. من ناحية اقتصادية بناء غرفة إضافية كغرفة آمنة يرفع من قيمة المنزل، ولكن ليس بمقدور الجميع بنائها. نأمل أن يعم السلام المنطقة وألا نحتاج لاستخدام هذه الغرف الآمنة”.
حي الحليصة…غير جاهزٍ لشيء
أما كامل يوسف (أبو كايد) – رئيس لجنة حي الحليصة فيجزم أن "حي الحليصة ليس جاهزا للحرب ولا لأي شيء”. ويتابع حديثه: “أولا يجب أن تتوفر الأمور التي تصون حياة السكان، ولكن حتى الآن لا يوجد لدينا أي موقع آمن. ولذلك ينقصنا الوعي في الحي لهذه الأمور. نحن نطلب ونطالب أن يكون لدينا مكان آمن كملجأ عمومي للسكان، حتى يتمكنوا وقت الحرب من ايواء أنفسهم”.
ويقول في رد على سؤال: “اليوم يوجد ملجأ واخد في شارع الأردن 23، ولكن لا يكفي، فعند بدأ وقوع الصواريخ في هذه الحال حتى يصل السكان من شارع عسفيا أو رازيئيل اليه، يكون "كل واد شارب سهله"…
أما في رده على سؤال حول امكانيات بناء غرف آمنة يقول أبو كايد: "في الحي هناك فقط عائلات قليلة بمقدورها أن تبني غرف آمنة، ماذا عن بقية السكان؟ العاطلون عن العمل، ومن يعمل كعتّال في السوق؟ والحديث يدور عن حي فقير وعائلات متعددة الأولاد، فمن يرغب بالبناء لا يمكنه ذلك، ومن أخذ قرضا قد لا ينجح في سداده. الحل هو أن تبني البلدية ملجأ للسكان في وسط الحي، لينجح جميع السكان من كل أطراف الحي أن يصلوا اليه بسهولة في وقت الحرب”.
حي عباس…يتضامن مع بقية الأحياء العربية بعدم جاهزيته للحرب
في حين يقول عضو بلدية حيفا المهندس هشام عبده – من سكان حي عبّاس: “اذا فحصنا بشكل عام الأماكن الآمنة للجماهير العربية، التي تتركز بالأساس في وادي النسناس، عباس، وادي جمال، الحليصة والكبابير، نرى الوضع بأنه أقل ما يكن القول عنه أنه غير كافي. لأن الملاجئ العاّمة غير موجودة، واذا وجدت تكون مهملة بشكل كبير وغير فعّالة، وغير مستعملة.. اذا ذهبت الى الأحياء اليهودية ترى الملاجئ مستعملة ويهتمون بها أكثر. أما بما يخص الغرف الآمنة فهي تقريبا منعدمة، لأن الدور متعددة الطوابق القديمة تخلو منها، والجماهير العربية التي لا تملك امكانيات اقتصادية كبيرة لا تتقدم بخرائط لبناء غرف آمنة، ورغم أن البلدية وعدت بالمساهمة في منح المصادقات لذلك. لكن للأسف وضعها المادي لا يسمح لها ببناء هذه الغرف”.
ويواصل حديثه قائلا: “وبالتالي فهؤلاء السكان هم عالقون، لا توجد ملاجئ كافية، ولا يمكنهم بناء غرف آمنة.. وباعتقادي في الحرب القادمة، وفي حال اندلعت الحرب مع ايران، سيكون الوضع أسوأ بكثير، لأن الصواريخ ليست كصواريخ "الكتيوشا" التي فيها كميات المتفجرات قليلة، وإنما يدور الحديث عن صواريخ كشهاب التي تحوي كميات كبيرة من المواد المتفجرة. ولذلك أتوجه عبر موقعكم بالأساس لبلدية حيفا أن تبادر وتقيم ملاجئ عامة. رغم أن هناك من يقول أنه لا حاجة لبناء ملاجئ عامة، أنا أقول أنه في الوسط العربي هذه الحاجة قائمة. ابنوا ملاجئ عامّة، لأنه ليس كل الناس يملكون الامكانيات الكافية لبناء غرف آمنة”..
تعقيب بلدية حيفا: ملاجئ حيفا العامة حصلت على درجة 5 نجوم!
وقد وصلنا التعقيب التالي من بلدية حيفا:
تمتاز الملاجئ العامة في مدينة حيفا بصيانتها وجاهزيتها لحالات الطوارئ مما أهل البلدية الحصول على شهادة "5 نجوم من الجمال للملاجئ العامة في حيفا " ضمن مسابقة خاصة أجريت في هذا الصدد, وفحصت عدة أمور كمستوى الصيانة وجاهزية الملاجئ في حالات الطوارئ , إضافة إلى الشكل الخارجي للملاجئ وطرق الوصول إليها (انظر الخبر المرفق).
التوجه هو عدم بناء ملاجئ بعد نهاية الثمانينيات من القرن الماضي وذلك وفقا لتوجيهات قيادة جبهة الأركان الداخلية فهي الجهة المسؤولة عن بناء ملاجئ وليست البلدية , ومع ذلك يتم فتح جميع الملاجئ في الحالات الطارئة , لكن توصية قيادة جبهة الأركان الداخلية تنص على عدم التوجه إلى الملاجئ وإنما المكوث في مكان امن داخل المنزل وقد أثبتت هذه التوصية نجاعتها في الحرب الأخيرة .
اما فيما يتعلق بجاهزية البلدية لحالات الطوارئ فقد عملت بلدية حيفا بعد الحرب الأخيرة على دراسة استنتاجاتها من الحرب ووفقا لذلك بنت برنامج عمل خاص أهلها بالاعتراف من قبل الجنرال الأمريكي ماكينلي كريغ الذي شارك في تمرين نقطة تحول 4 في غرفة الطوارئ في بلدية حيفا خلال العام الماضي بان حيفا هي النموذج للسلطات المحلية في حالات الطوارئ نظرا لعملها خلال الحرب الأخيرة.