علامَ نلوم، نعاتب، ونتّهم الآخرين؟.. علينا أن نلوم، نعاتب، ونعاقب أنفسنا، أوّلًا وقبل كلّ شيء!
لا داعي أن تكون عبقريًّا أو أن تملك موهَبة خاصّة، كي تخمّن – عند سماعك عن وقوع حادث طرق مفجع – أنّ ضحاياه، غالبًا، من العرب! ولا داعي كذلك أن تكون فهلويًّا كي تراهن – في معظم الحالات – لدى وقوع جريمة قتل، أنّ القاتل والقتيل أو القتيلة عرب، أيضًا!
كم هي كثيرة هذه الأخبار العاجلة التي تتصدّر مواقع الـ«إنترنت» العربيّة المختلفة، والّتي تعلن بغالبيّتها حوادث الطرق المفجعة وجرائم القتل الشنيعة..! التي يكون «أبطالها» (القَتَلة والقتلى) عربًا!!!
ومن اللّافت للانتباه، أنّه في حالات كثيرة، لا تُذكر حتّى أسماء الضحايا عبر وسائل الإعلام العبريّة، المرئيّة منها خصوصًا، ولا حتّى الحدث ذاته.. وإن ذُكر، فيُذكر كرفع عتب، من دون تفاصيل خاصّة، لا أكثر ولا أقلّ.. لأنّه – على ما يبدو – لا قيمة للعربيّ في وسائل الإعلام العبريّة!
فهل أصبحنا بلا قيمة، فعلًا؟!
ألا يفكّر كلّ من يقود مركبة – والشباب منهم خصوصًا – أنّها وسيلة نقل لا قتل! ما فائدة القيادة بسرعة طائشة، وتحويل المركبة إلى طائرة تحلّق بسائقها وركّابها إلى مكان لا عودة منه؟! ما فائدة جلوسك وراء مقود المركبة خَمِرًا، ومخدَّرًا، لا تدري ما تفعله ولا تعي، لنقرأ ونسمع النعي، لاحقًا؟!
نكيل الاتهامات يَمْنَةً ويَسْرَةً، نحاول التنصّل من مسؤوليتنا وتصرّفاتنا، فنلقي باللّوم على الآخرين، ونَحْتَجّ بالبُنى التحتيّة المتردّية الموجودة في بلداتنا وقرانا العربيّة، وبوضع الشوارع السيّئ أو بالإضاءة… وقد يكون ذلك صحيحًا، ولكن، أليست غالبيّة حوادث الطرق المفجعة التي يتسبّب بها العرب تحدث في الشوارع الرئيسة، أساسًا، تلك الشوارع ذاتها التي تسير فيها مركبات يقودها يهود، أيضًا؟!
نفتقد التربية والتوعية السليمة؛ فاكتسابُنا عاداتٍ سيّئةً كثيرة، حوّلنا من «ضحايا» إلى مجرمين.. حيث أصبحت حياة الإنسان رخيصة ورخيصة جدًّا لدينا!
وكم بات من السهل، مؤخّرًا، التخلّص من أيّ شخص كان، في هذه الأيام، لأتفه الأسباب وأغباها؛ فالصغير قبل الكبير، عمرًا وقدْرًا، يملك أسلحة عديدة ومتنوّعة. كما نسوّغ جرائم القتل بحجج عديدة: شرف العائلة، والثأر، و….
فدعونا – هذه المرّة – ألّا نلقي باللّوم على الآخرين، وألّا نجد مسوِّغًا لأعمالنا الشنيعة القاتلة!!!
حان الوقت لئلّا نلوم الشرطة على تقاعسها، أو نَحْتَجّ برداءة البُنى التحتيّة والشوارع.. لأنّنا مذنبون، ويجب أن ندفع ثمن ذنوبنا.. لم نعد نثمّن أو نقدّر معنى الحياة أو الإنسان – أقدس المخلوقات على وجه الأرض – فتحوّل جزء منّا إلى قَتَلة وجزء آخر إلى قتلى!
فنحن هم القَتَلة والقتلى، معًا!!!