درس خصوصيّ أم عموميّ؟!! بقلم مطانس فرح

مراسل حيفا نت | 10/06/2011

 

 

مدارس.. دروس خصوصيّة.. و"بيزنس"!
درس خصوصيّ أم عموميّ؟!!
 
 
مطانس فرح
 
 
في خضمّ الوضع الاقتصاديّ الصعب الذي يعانيه عدد غير قليل من أهالي الطلاّب، وموجة الدروس الخصوصيّة التي تكتسح عددًا منهم.. توجّه إليّ هذا العدد من هؤلاء الأهالي – وفي ذروة الامتحانات الفصليّة/السنويّة – متذمّرين ومستائين من ظاهرة الدروس الخصوصيّة «المتفشّية» في عدد كبير من المدارس – الرسميّة منها والأهليّة – وأبطالها معلّمو هذه المدارس ومعلّماتها، وضحاياها الأهالي، والطلاّب، أحيانًا!!
 
قد يرى البعض أنّ موضوع الدروس الخصوصيّة شيء عاديّ، وأنّه لا طائلة من المغالاة فيه، أو أنّه لا حاجة إلى التطرّق إليه أصلاً، أو طرق بابه، إلاّ أنّه عندما تتحوّل هذه الدروس إلى «بيزنس»، ويتحوّل المعلّم أو المعلّمة إلى تاجر/ة، وتندرج قضيّة الدروس الخصوصيّة في بورصة يملك أسهمها معلّمون ومعلّمات/مربّون ومربّيات، تأخذ منحًى آخر، وتبتعد كلّ البعد عن كلّ ما يمُتّ بصلة إلى التربية والتعليم! إنّها لظاهرة مقلقة، ومقلقة جدًّا!
 
يقوم قسم من المعلّمين والمعلّمات، مؤخرًا، بالاتّصال – نعم بالاتّصال!! – مباشرةً، بأهالي الطلاّب، محاولين إقناعهم بانضمام ابنهم/ابنتهم إلى مجموعة من الطلاّب – هل قُلت مجموعة؟!! – يتلقّون لديهم دروسًا خصوصيّة، ليكتمل العدد، ويضمن هذا المعلّم أو المعلّمة تمويل رحلته/ها الصيفيّة مثلاً، أو اقتناء سيّارة جديدة أو…
 
والأنكى من ذلك، قيام معلّم آخر بإعطاء دروس خصوصيّة في المواضيع التعليميّة كلّها، الّتي لا علاقة له بها، لمجرّد كسب المال! فكيف يُمكن لمعلّم الرياضيّات، مثلاً، أن يُعطي دروسًا لمجموعات من الطّلاب – في آنٍ واحد – في اللّغة الإنچليزيّة أو في قواعد اللّغة العربيّة، من دون أن يكون مؤهَّلاً لذلك؟! «مْفَكِّر حالُه عَمْ يِعْمَل سَلَطَة» – مع احترامي وحبّي لجميع السَّلَطات على أنواعها.
 
فمَهَمّة التدريس وإعطاء دروس خصوصيّة – في اعتقادي – أكبر بقليل، وأصعب بكثير، من تحضير قَصْعة (جاط) سَلَطة! وعلى هذا المعلّم أو هذه المعلّمة أن يكونا على قدْر من المسؤوليّة، للحفاظ على تلك الأمانة (الطّلاب) الّتي استأمنهما الأهل عليها، مقابل مبلغ ماليّ، طبعًا.
 
كما وصلني أنّه في إحدى المدارس الرسميّة، يقوم المعلّم و/أو المعلّمة بإعطاء الطلاّب قسمًا من أسئلة الامتحانات الفصليّة، «ليُثبتا» للأهل أنّ هذه الدروس تُجدي نفعًا، و«ليساهما» كذلك في رفع معدّل المدرسة السنويّ!!
 
وللتذكير، يُراوِح ثمن ساعة التدريس الخصوصيّة ما بين 50 و 100 ش.ج.؛ إذ يتعلّق ذلك بالموضوع المُدرَّس وبمستوى الطالب/ة، وبالمرحلة التعليميّة؛ وكأنّنا أمام تسعيرة لقائمة طعام «مينيو» في أحد المطاعم..!
 
هذا ما يدور في خضمّ الامتحانات من تجارة، من قضيّة عرض وطلب ومساومة على التدريس!!.. فيقوم الأهل بدفع مبالغ طائلة من الأموال، على أمل أن تساهم هذه الساعات المعدودة البائسة لدى المدرّس الخاصّ، في رفع مستوى ابنهم أو ابنتهم، أو في تحسين النتيجة ببضع علامات!
 
ومن المؤسف أن يجتمع عدد من الطلاّب معًا – نعم عدد من الطّلاب!! – حول طاولة واحدة، وكأنّهم في «صُفَيْف» (صفّ صغير)، لأخذ دروس خصوصيّة – خصوصيّة أم عموميّة؟!! – فكيف يُمكن أن يستفيد هذا الطالب من درس عموميّ (الدرس الخصوصيّ معدّ لطالب واحد، لذا فهو خصوصيّ)، وسْط عدد من الطلاّب؛ إلاّ أنّه – من دون أدنى شكّ – المستفيد/ة الوحيد/ة من ذلك كلّه، هو/هي المعلّم/ة ذاته/ها. فكلّما زاد عدد الطلاّب ازداد دخل المعلّم/ة!
 
وفي حالات معيّنة، يقوم/تقوم المعلّم/ة بالاستغاثة وباستدعاء قوًى مساعدة، من معلّمين ومعلّمات، أو أنّه/ها يقوم/تقوم بتوزيع الطّلاب على معلّم أو معلّمة أخرى، من دون مراعاة أن يكون المعلّم أو المعلّمة اختصاصيًّا/يّة بموضوع التدريس الذي يقدّمه/تقدّمه! 
 
غالبيّة الأهالي توجّهوا إليّ متذمّرين ومستائين من هذا الـ«بيزنس»، يشكون، أساسًا، من الوضع الاقتصاديّ والماديّ المتردّي، ورغم ذلك، فهم مستعدّون لتوفير المبالغ بأساليب شتّى، على أمل أن تعود هذه الدروس الخصوصيّة/العموميّة بالفائدة! يساورهم قلق شديد، فيحاولون أن يرَوا النور في نهاية النفق! حيث يوهمهم المعلّم أو المعلّمة بأنّ ابنهم أو ابنتهم سيحصل/ستحصل على علامات أفضل، وأنّه/ها سيرفع/سترفع من مستواه/ها التعلّميّ، إذا ما أخذ/ت دروسًا خصوصيّة!
 
لِمَ لم يفلح المعلّم ذاته أو المعلّمة ذاتها – على مدار سنة تعليميّة كاملة – في رفع مستوى الطالب/ة؟!! فهل يتحوّل/تتحوّل هذا/هذه المعلّم/ة، فجأةً – الذي/التي لم يُفلح/تُفلح في تدريس طلاّبه على مدار سنة بأكملها، كما يجب – إلى معلّم/ة عبقريّ/ة ساحر/ة، ضامنًا/ة نجاح الطلاّب؟! كيف يُعقل ذلك؟! وماذا سيستفيد الطالب أو الطالبة لدى إعطائه نموذجًا لأسئلة عدّة قد تأتي في الامتحانات، لهدف النجاح، من دون أن يعرف/تعرف أساس الموضوع، كصخرة يبني/تبني عليها صرحه/ها العلميّ.
 
لا أعتقد أنّ ساعات معدودة ستساعد على إدخال مادّة سنة بأكملها إلى «دماغ» الطالب/ة، فما لم يستطِع أن ينجزه المعلّم أو المعلّمة خلال سنة تدريسيّة كاملة، يستحيل أن يُنجزه/تُنجزه خلال ساعات في درس عموميّ – آسف خصوصيّ!!!
 
هل هناك، فعلاً، تعاون بين المعلّمين والمعلّمات وإدارة ومديري ومديرات المدارس، بكلّ ما يتعلّق بالموضوع؟!
 
لا بدّ لنا – هنا – من الوقوف على ما يحدث ومتابعة الأمور وعرضها على وزارة التربية والتعليم؛ لأنّ التعليم قد تحوّل إلى «بيزنس» ولم يعُد رسالة! ولأنّ قسمًا كبيرًا من المعلّمين والمعلّمات أصبح آلة صرف بالعة للأموال!
(حيفا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *