نريد مسرحاً محلياً لنا

مراسل حيفا نت | 02/06/2011

 

نريد مسرحاً محلياً لنا
بقلم: فؤاد سليمان
 
 
ان المشهد في مسارحنا المحلية في المدن والقرى العربية يحتاج الى عملية احياء من فراش الموت،  والسبب في هذا أن المسرحيات التي يتم اختيارها، وبذل الطاقة والنقود لكي تنتج وتقدم للجمهور، هي مسرحيات لا علاقة لها أبدا بمجتمعنا وبلداننا وقضايانا، فأن المسرحيات التي بالفعل لها علاقة بما يحدث حولنا قليلة جدا وتشكل حسب رأيي أقل من العشرة بالمئة من المسرحيات التي يختارها هؤلاء المديرون الواقفون فوق رزمة من المال ويتأمرون بالجميع ويفعلون ما يشاءون وكأنهم دراويش يعيشون في زمن الأتراك. نرى الكثير من المسرحيات لكتاب عالميين مثل غوغول وغيرهم والتي لا علاقة لها بشيء مثلا،  رأينا مؤخرا اعلان مسرحية خادم السيدين للكاتب كارلو غولدوني، والتي تروي قصة فتاة تدعى كلاريسا تتنكر بملابس رجل وتلحق حبيبها سيلفو الى فينيسيا، توظف خادماً لها وفي نفس الوقت يخدم شخصاً أخر باسم سيلفو هو حبيب الفتاه كلاريسا لكن دون معرفتهما لذلك. اي فتاة نعرفها أسمها كلاريسا؟ لماذا يفضل مدير المسرح المتشبث بمقعدة نص كتب كما يقال في سنة ألف وتسعمئة وخشبة، وليس نص محلي لكاتب محلي له علاقة بما يحدث حولنا؟ ولماذا لايتكلم أحد من هؤلاء المديرون الذين يستهترون أولا بالذوق المحلي وثانيا بالكتاب المحليين وثالثا بالجمهور المتعطش لشيء عنه ومن مجتمعه؟   دعني اسألكم،  ماعلاقة هذه القصة بعرب الداخل وبوضعنا الحالي؟ هل هذا حلم؟ فيذهب الشخص ليرى هذه المسرحية ويدخل عالم غريب عجيب ويخرجوا كأنه رأى شبح من أوروبا أو شيء كهذا
 
لدينا نحن كعرب الداخل وأظن أيضا كعرب بشكل عام شعور بالنقص وكأن ما نفعله لا يسوى حقا، ونفضل كل تهبيلة تهبلها شخص غربي قبل مائة عام، كما ولدينا الاحساس بأننا لا نسوى لأن نكون شعب يستهلك فنه الذاتي لأنه لا يستحق الاستقلال الفني بأي شكل. فنرى هؤلاء المديرون يختارون هذة المسرحيات التاريخية والتي عبر زمنها، مثل الحليب الذي فات زمنه وأصبح مرا، نراهم يتكلمون عن ال"أوتونوميا الثقافية"  وعن حاجة الفن في المجتمع العربي،  فأني أضحك على هذا وأقول: بأي حق، فأنكم بعملية دائمة في أحياء مسرح أوروبي وعالمي الميت، بدلا من انعاش مسرح محلي منا لنا وعنا، وهذا مؤسف ولا أريد أن أسمع حجج مثل: ليس لدينا الكافية من الكتاب المحليين،  أو أن المسرحيات الأجنبية أفضل، هذه تفاهة وبالمرة غير صحيح. فأن الجميع يعاني من هذه السياسة المسرحية السخيفة. أن تغير هذا وتنور المسرح بمسرحيات لكتاب محليين، فأولا سيأتي أكثر جمهور، فالجمهورليس مثل سمك الأكواريوم يأكل كل ما تطعمه، وثانيا فأن الممثلين سيستمتعوا أكثر في تمثيل أدوار قريبة منهم ومن حياتهم،  وثالثا فأن المسرح سيقوم بدور فعلي في تغيير المجتمع.  فالمسرحية تحكي عن الطبقية في المجتمع الأيطالي بسنة ألف ثمانمئة وخشبة مثلا، لاتسعى الى أي تغيير في مشهدنا المحلي بل تبقى كعمل تاريخي ذابل من أي حياة عصرية، والممثلين والجمهوريشعرون بهذا الأمر.
أنا ككاتب وكاتب مسرحي أعاني شخصيا من هذه السياسة المتخلفة التي يتبعوها مديري المسارح،  ولاأريد أن أذكر أسماء،  ولكني توجهت للعديد من المسارح وتلقيت سرماية بوجهي، وأسمع طوال الوقت عن انتاج مسرحيات ميتة لا لها صلة بوضع الأنسان العربي الفلسطيني. وهذا أمر مؤلم، فيجب على المخرجين والممثلين والجمهور أن يكتبوا عن هذه القضية حتى يأتي تغيير، وكفى بشرفكم، كفى من اطعام المشاهدين القصص التي فات تاريخ استهلاكها، وكأن الجمهور مجموعة قرود داخل قفص في حديقة حيوانات.  نريد تغيير، نريد نصوص محلية تخصنا،  ونريد ثقافة تستوعب نفسها وتدور حول نفسها لأن النفس الفلسطينية بحاجة الى مرآة لترى بها وجهها بما به من جمال وقبح. فيا مشاهدي المسرح، قولوا لا لهذة المسرحيات السخيفة ونعم لمسرح محلي به وعي ونضوج وعلاقة بنا، بناجميعا كقوم. وبالفعل نريد مسرح محلي منا ولنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *