لا زالت الضفة الغربية تعيش حالة من الصدمة إثر مقتل الفتاة آية براذعية من مدينة الخليل من خلال إلقاء جثتها في بئر وهي مقيدة اليدين والقدمين، فيما سارعت السلطة الفلسطينية إلى البحث عن حلول رادعة للحد من الجرائم التي ترتكب باسم الشرف، وناقش اجتماع عقد في مقر الرئاسة الفلسطينية في مدينة رام الله قبل أيام تعديل النصوص القانونية الواردة في قانون العقوبات، المتعلقة بالعقوبة المخففة في قضايا القتل على خلفية الشرف، وذلك بعد مقتل الطالبة الجامعية آية براذعية.
وأثارت جريمة قتل الطالبة براذعية على يد عمها واثنين من رفاقه موجة غضب واسعة في الشارع الفلسطيني لاسيما لدى الحركة النسوية، كما أنها تحولت إلى قضية رأي عام، تناقلتها الألسن واهتمت بتغطية تفاصيلها وأحداثها وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية والعالمية، كما أن التحقيقات أثبت في السابق أن آية لم ترتكب أفعال مخلة بالشرف.
وخرجت في محافظة الخليل عدة تظاهرات ونظمت مجموعة من الاعتصامات، استنكارا لجريمة قتل الطالبة براذعية بعد خطفها من قبل عمها وبتامر مع شخصين آخرين حيث تم تكبيلها وإلقاؤها في غياهب بئر في منطقه خلة أبو سليمان ببلدة صوريف؛ وقد شد وثاقها إلى حجر كبير الحجم.
وتلقت شرطة الخليل قبل أكثر من عام بيانا من عائلة براذعيه أكدت فيه اختفاء آثار آية (20 عاما).
وأعلنت الشرطة في السادس من الشهر الجاري، أنها عثرت على جثة متحللة داخل بئر، وبعد انتشالها وتفقد حقيبة كانت ملقاة إلى جانبها عثر على الأوراق الثبوتية التي دللت على صاحبة هوية الجثة، وكانت الابنة المفقودة.
ويوم التاسع من أيار (مايو) الحالي، أمرت الشرطة بحضور 4 من أفراد العائلة لأخذ إفاداتهم، وكان من بينهم عمها أ. براذعية، الذي اعترف بارتكابه الجريمة بالاشتراك مع شخصين آخرين، بوضعها داخل صندوق مركبة واقتيادها إلى منطقة خلة سليمان و ربطها و إلقائها داخل البئر.
وتقدر الإحصاءات الرسمية عدد الحالات المماثلة والتي وقعت في الأراضي الفلسطينية بنحو 60 حالة، إلا أن المؤسسات ذات العلاقة تعتقد أن هذا الرقم غير دقيق، بداعي أنه لا يشمل جرائم "الشرف" التي لا يجري الكشف عنها في الكثير من التجمعات الفلسطينية "المحافِظة".
وتضمن النقاش القانوني تعديل مواد في قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 الساري في المحافظات الشمالية، وقانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936 الساري المفعول في قطاع غزة. ووفق تصريحات للمستشار القانوني للرئيس حسن العوري، خلال مؤتمر صحفي، فإن القرار يقتضي إلغاء المادة 340 بفقرتيها من قانون العقوبات رقم 16، وكذلك تعديل القرار نص المادة 18 من القانون رقم 74، وهذا يتم من خلال إضافة عبارة ‘يستثنى من ذلك قتل النساء على خلفية ما يعرف بشرف العائلة، وذلك من أجل أن لا يترك المجال للاجتهاد الخاطئ، وبالتالي يفلت الجاني من العقاب”.
انتصار الوزير: الخطوة تعديل القانون إنصاف للمرأة
وقالت انتصار الوزير "أم جهاد" رئيس الاتحاد العام للمراة الفلسطينية، أن قرار الرئيس بشأن تعطيل مادتين في قانون العقوبات الفلسطيني لوضع حد لقتل المراة على خلفية ما يسمى "الشرف" بينما الحقيقة انها جرائم قتل يجب أن يكون عقابها القتل، أن القرار انتصار للعدل وايقاف للظلم بحق المراة الفلسطينية.
وإعتبرت الوزير هذه خطوة غير مسبوقة نحو انصاف المراة في فلسطين مؤكدة دعم الرئيس الدائم لقضايا المرأة حيث يعتبر هذا القرار مقدمة نحو تعديل قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات لإنصاف المرأة الفلسطينية ومنحها حقوقها التي توازي ما قدمته المرأة الفلسطينية من تضحيات.
فيما اعتبرت كتلة نضال المرأة الإطار النسوي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، اصدار الرئيس محمود عباس قرارا بتعديل قانون العقوبات الفلسطيني، خطوة بالاتجاه الصحيح نحو تفعيل القانون وسيادته بما يتناسب مع روح العصر، لبناء دولة فلسطينية مدنية وحديثة .
وتابعت الكتلة إن النهوض بواقع المرأة الفلسطينية يتطلب توحيد الجهود وتفعيل دور المؤسسات النسوية، والتكاتف والعمل المشترك لخدمة قضايا المرأة مما يتطلب من كافة المنظمات والاتحادات النسوية التحضير لمؤتمر شعبي نسوي يضع تصورات المؤسسات النسوية جميعها وتقديم رؤيتها ومطالبها للحلول الممكنة من أجل التأكيد مرة تلو الأخرى على خصوصية دور المرأة وأهمية الإقرار بحقوقها ومطالبها في المساواة والديمقراطية،وإعادة النظر بكافة القوانين الناظمة للحريات العامة وعلى رأسها قانون الأحوال الشخصية وغيرها من القوانين ذات العلاقة.
وقالت وزيرة شؤون المرأة ربيحة ذياب، إن قرار الرئيس محمود عباس بتعديل قانون العقوبات الفلسطيني سيقطع الطريق أمام مدعي الشرف ومرتكبي الجرائم بحق النساء. مشيرة أن هذا القرار يعتبر خطوة متقدمة على طريق إعطاء المرأة كافة حقوقها، لافتة إلى الكثير من الثغرات القانونية والتي يجب معالجتها باتجاه إنصاف المرأة وحمايتها. وأضافت "أن هذا القرار يأتي تلبية لمطالب المرأة ووضع حد لقضايا القتل على خلفية الشرف والإساءة للنساء كونه تأكيدا على حق المرأة الطبيعي في الحياة".
اعتبرت عضو اللجنة التنفيذية ورئيسة دائرة الإعلام والثقافة في منظمة التحرير حنان عشراوي، القرار خطوة هامة جدا وإيجابية تساهم في تحرير المرأة الفلسطينية من القيود المجتمعية المفروضة عليها، والتي تدفع أحيانا حياتها ثمنا لها، حيث جاء المرسوم الرئاسي في أوانه للوقوف في وجه التصاعد المستمر لما يسمى بـ’جرائم الشرف’، والتي تشكل ظاهرة اجتماعية خطيرة، تقلق المجتمع الفلسطيني بأسره وتعيق تقدمه’.
ورأت يجب ألا يكتفي القرار بكونه خطوة إلى الأمام في مسيرة إنصاف المرأة وحمايتها من أبشع الجرائم، إنما يجب أن يمثل بابا يفتح المجال للعديد من القرارات مثله، تعدل القوانين الحالية بما يتلاءم مع الاتفاقيات والمبادئ الدولية التي تتعلق بحقوق المرأة، وخاصة في قوانين الأحوال الشخصية وحماية الأسرة والتي تعاني المرأة الفلسطينية من إجحافٍ شديدٍ نتيجتها.