أكد خبراء أن الولايات المتحدة تستند إلى أسس قانونية فيمت يتعلق بتنفيذ العمليات على أفراد تنظيم القاعدة، إذ صدر عن الكونغرس بعد أحداث 11 أيلول، قانوناً يجيز استخدام القوة العسكرية في مواجهة الإرهاب ويندرج ذلك في إطار الدفاع عن النفس.
أصدر الكونغرس الأميركي بعد أحداث 11 أيلول قانوناً متعلق بالتفويض الذي يسمح باستخدام القوة العسكرية في مكافحة الإرهاب |
أكد العديد من الخبراء القانونيين في الولايات المتحدة أن البيت الأبيض يقف على أسس قانونية صلبة فيما يتعلق بالأطقم التي استعانت بها لتنفيذ الهجمات على أفراد تنظيم القاعدة بالخارج. وكمبرر قانوني، تحدث بشكل موحد أساتذة قانون وغيرهم من الخبراء المكلفين بتنفيذ العمليات العسكرية عن قانون صدر عن الكونغرس بعد وقت قصير من هجمات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر الإرهابية عام 2001 : وهو المتعلق بالتفويض الذي يجيز استخدام القوة العسكرية لمواجهة الإرهاب.
ويسمح هذا القرار للرئيس بأن يستخدم جميع أشكال القوة اللازمة والمناسبة ضد تلك الدول أو المنظمات أو الأشخاص، الذين يُنظر إليهم على أنهم ساعدوا في شن تلك الهجمات. ويبرر هذا القرار تلك الإجراءات من منطلق أنها تندرج في إطار الدفاع عن النفس، لمنع حدوث أي شكل من أشكال الإرهاب الدولي مستقبلاً على الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، نقلت اليوم صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن خبراء قانونيين قاموا بدراسة العمليات العسكرية، قولهم إن القرار ينطبق على العمليات العسكرية كتلك الغارة الباكستانية التي تسببت في مقتل زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، وكذلك الهجمات التي سبق وأن تم شنها على عناصر تتبع القاعدة في الخارج.
ومضت الصحيفة تقول إنه إذا ما حاول أحد الأهداف تسليم نفسه، فإنه من غير القانوني قتله بموجب القانون الدولي. وقال البيت الأبيض إن بن لادن قاوم عملية اعتقاله. ويبدو أيضاً أن القوانين الدولية المعمول بها منذ عقود بشأن الصراعات المسلحة تجيز شن تلك الغارة الأخيرة وغيرها من العمليات المماثلة، على حسب ما ذكر سكوت سيليمان، أستاذ القانون بجامعة ديوك وغيره من الخبراء المتخصصين في القانون.
وأوضحت الصحيفة من جانبها أن تلك القوانين وكذلك الأحكام الواردة في ميثاق الأمم المتحدة تدعو الحكومات الأجنبية للحصول أولاً على موافقة من الدولة المضيفة للقيام بعملية عسكرية خارج أراضيها. لكن هناك تحذيراً واضحاً: وهو أن الدولة المضيفة قادرة ومستعدة للتعامل مع المشكلات نفسها. وقال الخبراء إن بمقدور الولايات المتحدة أن تقول إن باكستان لم تكن ترغب في الكشف عن المكان الذي يختبأ فيه بن لادن أو شيء من هذا القبيل. ويمكن الارتكاز على نفس الحجة القانونية فيما يتعلق بالهجمات التي يتم شنها بطائرات آلية ( وهي الطائرات التي تعمل بدون طيار ) في الصومال واليمن وغيرهما من الدول، حيث تكون الحكومات هناك غير راغبة أو ينقصها القوة اللازمة لمهاجمة العناصر التابعة لتنظيم القاعدة بأنفسها.
وأوضح بعض الخبراء أنه وفي إطار تلك المعتقدات، وبالنظر إلى سجل تنظيم القاعدة الخاص باستخدام الانتحاريين ومخابئ التفخيخ، فإنه لا يهم ما إذا كان المشتبه به مسلح أو يصل إلى السلاح عندما تتخذ قرارات بشأن ما إن كانت الوفيات التي تحدث أثناء الغارات قانونية أم لا. ولفت الخبراء في هذا السياق إلى أنه لا يمكن استهداف المدنيين غير المسلحين، لكن يُسمَح بقدر معين من الأضرار الجانبية.
وقال هنا روبرت تشيسني، أستاذ القانون في جامعة تكساس بأوستن :" إذا لم يفعل أي شيء آخر باستثناء الاستسلام، فإنه يظل مستهدفاً". في حين أشار فريق آخر من الخبراء إلى أن القاعدة ليست جماعة عسكرية تقليدية ومن ثم لا تنطبق عليها قوانين الحرب. وأكدوا أن الولايات المتحدة غير منخرطة بالفعل في "صراع مسلح نموذجي" معها، لا سيما فيما وراء حدود أفغانستان. لكن القوانين التي تحكم إدارات الشرطة، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وغيرهم من العملاء الأميركيين، تجيز استخدام القوة القاتلة عند وجود تهديد وشيك بوقوع ضرر من المشتبه فيهم.
كما شددت الصحيفة على أن العمليات السرية التي تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وتنطوي على استخدام القوة القاتلة تعتبر أيضاً عمليات قانونية، لأن الرئيس هو من يسمح بتنفيذها، لكنها تكون محفوفة بالمخاطر لأن الدول الأخرى يمكن أن تنظر إليها على أنها عمليات غير قانونية. أما جورج تيرويليجر، نائب المدعي العام السابق في مطلع تسعينات القرن الماضي وهو الآن شريك في إحدى المكاتب المتخصصة في تقديم الاستشارات القانونية، قد أثار روبرت جاكسون، الرئيس السابق لمحكمة العدل العليا، الذي قال إن القوانين المتعلقة الحرب ليست ثابتة وأن الأشكال الجديدة للهجوم تسمح باستخدام أشكال جديدة للدفاع.
وأضاف تيرويليجر في هذا الشأن بقوله :" يكون ذلك مناسباً بشكل خاص ويُطّبَّق عند تقييم الحرب للرد وحماية الولايات المتحدة من بن لادن وتنظيم القاعدة. كما يمكن القول إن استخدام طائرات تجارية، والسعي وراء حصد عدد كبير من الضحايا، والتدمير الكامل للممتلكات المدنية، هي جميعها تُمَثِّل شكل جديد من أشكال الحرب". وأكد أيضاً أن الهجوم الذي تم شنه على مجمع بن لادن "يتماشى مع عقيدة بوش المتعلقة بنقل الحرب إليهم بدلاً من الانتظار على حدودنا، لكي يدخلوا مدننا".