رسالة في البر أعجبتني
بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي رسالة عن البر والعقوق تحت اسم ( أنواع الأبناء خمسة ) ولا ادري من صاحبها ولكن فيها من المعاني العظيمة التي يجب على أبنائنا فهمها والعمل بما هو خير فيها فالرسالة فحواها ( أنواع الأبناء خمسة : 1 : احدهم لا يفعل ما يأمره به والداه فهو : عاق . 2 : والآخر يفعل ما يؤمر به وهو كاره : فهذا لا يؤجر .3 : الثالث يفعل ما يؤمر به ويتبعه الأذى والتأفف ورفع الصوت: فهذا يؤزر . والرابع يفعل ما يؤمر به بطيبة نفس : فهذا مأجور وهم قليل . والخامس : يفعل ما يريده والداه قبل أن يأمروا به : فهذا هو البار الموفق وهم نادرون , فالصنفان الأخيران لا تسأل عن بركة أعمارهم , وسعة أرزاقهم , وانشراح صدورهم , وتيسير امورهم ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم)والسؤال الذي يطرح هنا من أي الأنواع أنا وانت اخي القارئ وحتى يحدد احدنا موقفه ويصنف نفسه من النوعين الأخيرين فعليه ان يعرف المعنى الشامل لهذه الرسالة . اما الصنف الأول فهو العاق : والعقوق يحزن الوالدين ويغضب الرب لانهما وصية الله ومن اخل بوصية الله عصاه قال تعالى ( ووصينا الانسان بوالديه احسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) فإذا كانا وصية الله فلا يجوز بأي حال من الأحوال التنكر لهذه الوصية لان في ذلك عقوق للوالدين بعد معصية الله وهذا ما نهى عنه الشرع الحنيف وما كان يخافه اهل التقوى والصلاح يروى ان ابن عون وهو من التابعين نادته امه فرفع صوته ليرد على امه وليلبي لها طلبها ثم انتبه ان صوته ارتفع فوق صوت امه فندم تحسر واعتق رقبتين كفارة لرفع صوته بحضرة امه , وهذا الامام الحسن البصري يلام على انه لا يجلس مع امه على مائدة الطعام ولا يأكل معها من الصحن الواحد فكان رده غريب على مجتمعنا في هذا الزمان فقال : أخاف ان تسبق يدي الى شيء وقعت عليه عين امي واشتهته فأكون عاقا لها , وهذا احد التابعين يدعى شريح كان يدرس في المسجد فتأتيه امه وتقول له : قم واعلف الدجاج : فيقوم دون ان يتفوه بكلمة ولا يتأفف بل يسرع رغبة بطاعتها وبرها ورهبة من خشية الله . ومن خشية ابن المنكدر وهو احد التابعين من العقوق كان يتوسل لأمه فيقول لها : قومي وضعي قدمك على خدي . بل من اجدادنا من كان يرفض السكن في بيت تسكن امه تحته اجلالا لها , كيف لا يسارعون في الخيرات ويفرون من غضب الوالدين فرار الحمل من الأسد وقد اعتبر رسولنا الكريم بر الوالدين اعظم منزلة من الجهاد فعن ابن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل احب الى الله ؟ فقال : الصلاة على وقتها , قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين , قلت ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله ) وقال ( رضى الرب في رضى الوالد وسخط الرب في سخط الوالد ) ولذلك ضربوا لنا اعظم النماذج في البر فهذا الصحابي أبو هريرة كان اذا دخل على امه البيت قال لها : السلام عليك رحمك الله كما ربيتني صغيرا , فترد عليه وتقول : السلام عليك وانت رحمك الله كما بررتني كبيرة وهذا الصحابي ابن مسعود احضر الماء لأمه فلما جاءها وجدها قد نامت فبقي واقفا بجنبها حتى استيقظت ثم أعطاها الماء , وكثيرة هي النماذج والروايات في البر ولكننا نرى أيضا الكثير من صور العقوق التي قد لا ينتبه اليها الناس في زماننا الا من رحم ربي والتي كانت عند السلف من الكبائر فكم من شبابنا وبناتنا من يقوم بأعمال تغضب الوالدين ولا يلتفتون الى ذلك , فتجد من يرفع صوته على والديه ولا يسمح لهما حتى في الكلام بحضرته لانهما كبار السن ولا يدركون ما يقولون وان تكلم احدهما ينهرهما والله يقول في كتابه ( ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ) وكم من أبنائنا من يعبس في وجه والديه وان طلبا منه طلبا يضجر لطلبهما ويرى طلبهما عبء عليه والله يقول ( فلا تقل لهما اف ) وان أراد خادما يخدمه ويقدم له احتياجاته فلا بد ان يكون والده او والدته هذا الخادم ولو بلغ بهما الكبر عتيا , والويل كل الويل لهذه الام التي تجهز طعاما لا يسوغه ابنها فيعيب امه وطعامها وكل ذلك حرام فقد جاء عن رسول الله انه ( ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه ) والأولى ان يبادر الاولاد في تجهيز الطعام وترتيب البيت للوالدين حتى يوفروا لهما الراحة , ومن من أبنائنا من يحرج والديه بخصومات مع الناس ويسبب لهما الشتم وهذا من العقوق بل ومن اكبر الكبائر كما جاء على لسان رسول الله حين قال ( من الكبائر شتم الرجل والديه . قالوا : يا رسول الله : هل يشتم الرجل والديه ؟ قال : نعم , يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه ) فهذه الرسالة التي افتتحت بها مقالي هي مفتاح للبر لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد وخاصة في هذه الأيام المباركة من شهر شعبان والكثير من الناس من يسارعون في شراء الهدايا لأمهاتهم لعيد الام فأقول لهم اجعلوا من كل يوم في السنة عيد لوالديكم بكلمة طيبة وابتسامة ترسمونها على شفاههم
رسالة في البر أعجبتني بقلم الشيخ رشاد
مراسل حيفا نت | 18/03/2021




