ما يقارب الـ650 مصابًا يقبعون في إحدى مستشفيات حمص منذ بدء الاعتصام الذي دام ساعات فقط، قبل أيام ثلاث، فيما بقي مئة آخرون في عداد المفقودين، إذ تشير المصادر أن قوات الأمن السورية اعتقلتهم إثر تفريقها الاعتصام بـ"القوة".
وأكدت المصادر أن السلطات السورية أرسلت أحد مفاوضيها إلى حمص بهدف إقناع أهاليها بعدم التظاهر فيما يعرف باسم "الجمعة العظيمة" يوم غد.
وفيما رفض أهالي حمص الانصياع لمطالب المفاوض، طالب الأخير هؤلاء أن يغيّروا شعاراتهم التي كانوا قد رفعوا سقفها عاليًا، عندما أعلنوا رغبتهم في "إسقاط النظام".
ونوّهت المصادر إلى أنّ وفدًا من أهالي حمص توجه برئاسة شخص يدعى "معتز شقلب" إلى مكاتب كلٍّ من فاروق الشرع ومحمد ناصيف اليوم الخميس حيث يجتمعون معهم الآن لمطالبتهم بالإفراج عن معتقلي المحافظة.
وكان الآلاف من سكان حمص قد اعتصموا في ساحة حمص الجديدة قوات الأمن السورية أطلقت أعيرة نارية فجر يوم الثلاثاء الماضي، على مئات المحتجين الذين تجمعوا خلال الليل في مدينة حمص، متجاهلين أمر السلطات للكف عما سمته «تمرّدًا مسلحًا».
وقال ناشطون حقوقيون، أن أحد أفراد قوات الأمن خاطب المحتجين في الساحة عبر مكبر للصوت طالبًا منهم الرحيل، ثم فتحت القوات النار.
كما استخدمت أيضًا الغازات المسيلة للدموع، مما أدى إلى إصابة احد المواطنين، وقال اثنان من سكان حمص أنهما سمعا أيضًا صوت إطلاق نار يأتي من حول الساحة.
وفي ردّ مباشر على دعوة الداخلية صدر بيان باسم "اهالي حمص"، أكدوا فيه على استمرارهم بالتظاهر السلمي وتمسكهم بمطالبهم، وذلك ردًّا على رواية السلطات حول قيام "تنظيمات سلفية" بـ"تمرد مسلح" في بانياس وحمص.
وقال البيان "نحن السوريين الحمامصة لم نعلن تمردًا مسلحًا، ولسنا سلفيين، ونعلن أننا ما زلنا على مطالبنا التي عرفتموها من خلال تظاهراتنا السلمية، ومن خلال اعتصامنا السلمي البريء".
واضاف "كنا معتصمين في ساحة الحرية (الساعة الجديدة سابقًا) من كل الاجناس والاطياف في المجتمع السوري، رجالاً ونساء وشيبًا وشبابًا وأطفالاً، وبكل سلمية".
وأضافوا "لا مطالب لنا إلا الحرية والديموقراطية والمجتمع المدني ورفع حالة الطوارئ ومكافحة الفساد والتعددية الحزبية والسياسية ومحاسبة كل من تلطخت يديه بدماء السوريين، وقام بإطلاق الرّصاص على المعتصمين والمتظاهرين العزل والعدالة والمساواة على أساس المواطنة وإسقاط أي معيار آخر".
واليوم، دعت مجموعة "الثورة السورية" التي اثارت موجة التظاهرات في سوريا الى التظاهر غدًا في يوم "الجمعة العظيمة" من اجل نيل الحرية، في الوقت الذي أصدر فيه الرئيس السوري بشار الأسد اليوم الخميس مرسومًا بتعيين غسان مصطفى عبد العال محافظًا لمحافظة حمص في وسط البلاد خلفًا للمحافظ السابق أياد غزال، الذي أقيل على خلفية التظاهرات التي تشهدها المدينة.
وأطلقت ما سمت نفسها بـ"الثورة السورية لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد" ريف دمشق، نداءت على صفحتها قالت إنها لأهالي المعضمية وداريا في ريف دمشق، معلنة أنها تتعرض لحصار من قبل قوات الأمن السورية، في حين نشرت الأخيرة السواتر الترابية في محافظة اللاذقية تميهدًا لقمع مظاهرة متوقعة بالآلاف في المدينة.
ويأتي هذا كله، بعد إصدار الرئيس الاسد في وقت سابق اليوم الخميس مراسيم تقضي برفع حالة الطوارئ المعمول بها في البلاد منذ 1963 وإلغاء محكمة امن الدولة العليا وتنظيم حق التظاهر السلمي.
وقالت وكالة الانباء السورية (سانا) ان الاسد "اصدر المرسوم رقم 161 القاضي بإنهاء العمل بحالة الطوارئ" الممعمول بها بموجب قانون صدر في 1962 وطبق عند وصول حزب البعث الى السلطة في 1963.
كما أعلنت الوكالة ان الأسد "اصدر المرسوم التشريعي رقم 53 القاضي بإلغاء محكمة امن الدولة العليا".
وكانت هذه المحكمة تأسست "خارج سلطة القضاء العادي وحلت مكان المحكمة العسكرية الاستثنائية وتمتعت بسائر صلاحياتها واختصاصاتها" في 28 اذار/مارس 1968، كما ذكر ناشط حقوقي لوكالة فرانس برس.
كما أعلنت الوكالة ان الأسد "اصدر المرسوم التشريعي رقم 54 القاضي بتنظيم حق التظاهر السلمي بوصفه حقا من حقوق الإنسان الأساسية التي كفلها الدستور السوري".
وقالت الوكالة ان المرسوم يقضي بحق التظاهر وفق أنظمة إجرائية تقتضي حصول من يرغب في تنظيم تظاهرة على موافقة وزارة الداخلية للترخيص بتنظيمها.