الأب منويل مسلّم راعي كنيسة اللاتين في غزة”السلام ممكن فقط إذا تعانق مع العدالة”

مراسل حيفا نت | 24/01/2009

 

الأب منويل مسلّم راعي كنيسة اللاتين في غزة

"السلام فقط ممكن إذا تعانق مع العدالة"  

 

من كنيسة الله في غزة إلى أهلنا وأحبتنا في العالم

السلام والنعمة لجميعكم أنتم الذين تحاولون بصلواتكم رفع غضب الإنسان عنا في غزة واستمطار رحمة الله وحنانه علينا.

كانت غزة تتعذب قبل الحرب.

وغزة تتعذب من الحرب.

وغزة ابتدأت تتعذب عذاب ما بعد الحرب.

مئات العائلات تبكي بكاء مرّا. هدمت بيوتها وسُوّيت بالأرض.

ومئات العائلات  فقدت كل ما بعرق جبينها ادّخرته من أثاث ومال.

ومئات العائلات الغنية فقدت كل  بياراتها وممتلكاتها وعادت فقيرة ومشردة.

ومئات صغار المزارعين فقدوا المال الاستراتيجي للبقاء.

غزة ليست مدينة ألف شهيد بل هي مدينة مليون ونصف شهيد. من مات فقد استراح وأما باقي الجماهير فإنها تعيش الاستشهاد اليومي ولسنوات طويلة. فهؤلاء الجرحى جروحا قاسية مؤلمة وقد قطعت أوصالهم سيعيشون هم ومن يعيش معهم الشهادة اليومية. هؤلاء يعيشون عصر الاضطهادات الكبرى التي عاشتها الكنيسة في فجر حياتها. فليؤرخ لها للأجيال القادمة لتكون شهادة إيمان ورجاء ومحبة.

مئات العائلات هربت إلى مدارس الوكالة. يضعون في كل صف من 50–60 شخصا. ويلاه! لقد فقدوا إنسانيتهم وتربيتهم. لا ماء ولا كهرباء ولا غذاء ولا فراش ولا غطاء. يبولون في فراشهم ولا يوجد ماء لغسل ثيابهم وفراشهم. لا نظافة ولا غسيل لعدم وجود الماء. وكم إنسان عانى من حروق قنابل الفسفور ويتألم؟

المساعدات لم تصل بعد إلى الكنيسة. ربما وصلت إلى الصليب الأحمر والانروا. لكن من يستطيع أن يذهب إلى تلك المستودعات؟ وكيف تصل تلك المساعدات إلى بيوتنا؟ ننتظر الفرج من الله. ولكننا نعلم أن العالم كله عامة والكنيسة خاصة يتنادون لإنقاذ غزة. وصلواتكم ستكون هي قارب النجاة لنا.

هربت عندي إلى المدرسة عائلة معلمة سابقة مع أطفالها الأربعة وزوجها التي أصابته شظايا فكسرت ساقيه. حين ناولتها كاس الماء لأكفكف دموعها أقسمت أنها منذ أربعة أيام لم تشرب ماء. وهي حين تشرب الماء المالح تستفرغ ولكنها حين أرسلت زوجها من تل الهوا ليشتري (بريموس كاز) كانت تحاول أن تجد ماء ساخنا ولو مالحا لتصنع الحليب لطفلها الرضيع.

كم مسكنا يلزمنا لإسكان كل هؤلاء الناس الذين دمرت بيوتهم؟ سيعيشون في ظروف لا إنسانية سنين طويلة.

 

كم مركزا للمعوقين الكبار وكم مدرسة للأطفال المصابين بالجروح وأصبحوا معوقين أو يعانون من التروما يلزمنا أن نبني ومن يعتني بكل هؤلاء؟ وكم مركزا للسمع يلزمنا أن نوفر لمن أصيبوا بإعاقات في سمعهم من جراء طائرات ف 16والقذائف الثقيلة؟

كم بيتا لليتامى يلزمنا أن نبني؟ وما أحوال الأرامل الشابات؟

 

مدرستا في الرمال ومدرستنا في الزيتون تساعد الناس بإعطائهم ماء من البئر الارتوازي الذي حفرناه سابقا بتبرع من فرسان القبر المقدس في النمسا. كل جيران المدرسة يأخذون الماء من البئر للشرب وللغسيل. ماتور الكهرباء في مدرستنا في الرمال يوفر للناس الفرصة يخبزوا عجينهم فيها، لأنهم لا يستطيعون الحصول على الخبز من الأفران البعيدة كما أننا نوفر للمخبز القريب الكهرباء ليعجن ويخبز للناس. الكاهن أصبح فرّانا هكذا يقولون! نعم. صرت كلا للكل لأجذب الكل للمسيح.

لقد فقدت الكنيسة أيضا شابا كاثوليكيا عمره 26 سنة اسمه نسيم سابا وقد استهدفته طائرات إسرائيل ومات يوم عيد الميلاد 7-1-2009. وقبل يوم من وفاته هدمت الطائرات بيته المكون من 3 طوابق.

يجب إيقاف الحرب الحالية وهو هدفنا. ويجب على العالم أن يجد حلا لقضية الشعب الفلسطيني ولا يتركه يعود إلى المربع الأول من الحصار. كما يجب أن توضع حدود لدولة إسرائيل ولا يتركها تسبح على أراضي الشعب العربي ويجب إنهاء الاحتلال الذي دام أكثر من 60 عاما، وحل قضية اللاجئين بحق العودة وقضية القدس وهدم الجدار العنصري وفتح الحدود وإعطاء السجناء الفلسطينيين حريتهم وحق تقرير المصير وإزالة المستوطنات كلها وإعطاء الشعب الفلسطيني كل ما يتعلق بحقوقه الوطنية. واعلموا أن العالم أن أعطانا حقنا وصنع العدل فانه سيتأكد من حلول السلام في الشرق الأوسط .

كنيسة العائلة المقدسة-غزة

السلام فقط ممكن إذا تعانق مع العدالة

فكونوا انتم سلام العالم الذي ينادي كالراعي الصالح على خروفه الضائع، أي العدالة الضائعة في ساعات الظلمة المحدقة بنا لتحملونا على أكتافكم وتعودوا بنا إلى حظيرة العالم الصالح الراقي المتحضر.

 

نشكركم يا أهلنا الطيبين في كل مكان لصلواتكم ومساعداتكم التي ستصل يوما إن شاء الله إلينا. ومن غزة، من كل غزة، نشكر مواقف قداسة البابا بندكتس السادس عشر المنادية بالسلام والمبشر بالخيرات لبلدنا في الشرق الأوسط ونشكر له سخاءه في دعم الفقراء والمساكين. كما نشكر جميع الأساقفة والكهنة والقسس والرهبان في كل العالم وهم يتنادون لإنقاذنا بفكرهم وقلبهم وصلواتهم.

 

وأنا باسم كل فرد في غزة أضم صوتي إلى صوتكم وأقول للعالم: "فلا ينغِّصنّ أَحد عيشي بعد اليوم، فإني أحمل في جسدي سمات يسوع، فعلى روحكم. أَيها الإخوة، نعمة ربنا يسوع المسيح. آمين" (غلاطية 6: 17-18)

 

22 كانون الثاني 2009

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *