كرة القدم… الضحية الأولى للثورات السياسيّة العربيّة

مراسل حيفا نت | 12/04/2011

 الزلزال الذي ضرب اليابان وصاحبه تسونامي كبير، ورغم الخسائر المادية والبشرية الهائلة التي أحدثها، إلا أن الحياة عادت إلى مجاريها هناك.

وسيستأنف النشاط الكروي بداية بالدوري المحلي المقرر بعد أيام قليلة، لكن الأمر يختلف بالنسبة إلى الزلزال السياسي الذي ضرب البلاد العربية، فالنشاط الرياضي بشكل عام، والكرويّ بشكل خاص، متوقف، بل ومشلول.

فبمجرد بروز بوادر إندلاع ثورة شعبية أو حتى إحتجاجات إجتماعية، تسارع السلطات الحكومية إلى توقيف الأنشطة الرياضية إلى أجل غير مسمى، كما حدث أخيراً في سوريا، وقبله في تونس ومصر والجزائر واليمن، وحالياً في ليبيا وغيرها.

وإذا كان قرار التوقيف سهلاً، ولا يتطلب سوى جرة قلم من رئيس الاتحاد أو الرابطة، فإن قرار الإستئناف يتطلب تفكيراً طويلاً، وإتخاذه يحتاج موافقة جهات رياضية وسياسية وأمنية عدة، لا أحد منها يريد تحمل المسؤولية وحده.

لكن الملفت للانتباه في هذه المسألة هو بعد إخماد نار الثورة، وبغضّ النظرعن نتائجها وعودة الحياة إلى طبيعتها في شتى القطاعات والمجالات، إلا أن الميدان الرياضي، وخاصة كرة القدم منه، يستثنى من ذلك، ويبقى يعيش حالة الثورة لأيام، وربما لأشهر طويلة بعد توقفها.

وإذا كانت بعض الرياضات، خاصة تلك التي تمارس في الصالات، ولا تحظى بمتابعة جماهيرية واسعة يمنح لها الضوء الأخضر للاستمرار مجددًا، فإن البطولات المتعلقة بكرة القدم تبقى معلقة حتى إشعار آخر، ذلك إن السلطات الأمنية ترى فيها دعوة صريحة وشرعية إلى تجميع مئات الآلاف من الشباب، قد يصعب تفريقهم في حال استغلالهم المباراة لتحقيق مآرب سياسية، وهو ما أكدته مباراة الزمالك المصري والنادي الإفريقي التونسي في إستاد القاهرة الأسبوع الأخير في دوري أبطال إفريقيا، فما حدث يؤكد أن هناك بعض الأطراف لا تزال تراهن على مباريات كرة القدم لإسماع صوتها، بعدما أغلقت في وجها بقية المنابر.

وتؤكد هذه الوقائع حقيقة مرة، مفادها أن كرة القدم تفيد كثيرًا السياسة، لكنها لا تستفيد منها إطلاقًا، بل إن أية هزة سياسية تدفع ضريبتها باهظة لا تقتصر على توقيف المنافسة، بل تمتد لتشمل قطع أرزاق عدد كبير من الأسر والعائلات التي تسترزق من عملها المباشر أو غير المباشر في كرة القدم من لاعبين ومدربين وحكام وإعلاميين.

فقد رأينا في البحرين وليبيا اضطرار عدد كبير من المدربين واللاعبين الأجانب إلى مغادرة البلاد، لأن وجودهم لم يعد له معنى، وعقودهم يمكن اعتبارها ملغاة آليًا، كما إن الأندية، خاصة الشعبية منها، ستتضرر كثيرًا من توقف البطولات لكونها تعتمد على ما تدرّه مداخل المباريات لإنعاش خزائنها المالية.

ولم تتوقف الانعكاسات السلبية عند هذا الحد، بل شملت تفويت بعض البلدان العربية على نفسها تنظيم التظاهرات الرياضية، فسباقات الجائزة الكبرى للفورمولا وان في البحرين ألغيت، ونهائيات أمم إفريقيا للشباب في ليبيا ألغيت، وأسند تنظيم الدورة إلى جنوب إفريقيا، والأمر قد يتكرر مع نهائيات كاس أمم إفريقيا، المزمع إقامتها في ليبيا عام 2013، حيث يرجّح أن تسند إلى بلد إفريقي آخر، قد يكون الجزائر.

ونتيجة للأحداث السياسية، أصيبت الصحافة الرياضية بشلل كلي أو نصفي، لأنه لم تعد هناك أحداث رياضية، يمكن معالجتها، وفقدت معها نسبة لا يستهان بها من القراء، بعدما أصبحت الكتابة مركزة فقط على السياسة، وبالتأكيد فإن استعادة تلك المكاسب التي تحققت بفضل كرة القدم ستحتاج وقتًا أطول وتضحيات جسام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *