أهداف أمنية وسياسية وراء التصعيد الإسرائيلي في غزة

مراسل حيفا نت | 10/04/2011

تنذر  العمليات العسكرية الإسرائيلي المتواصلة على  قطاع غزة منذ 72 ساعة، بإمكانية شن حرب واسعة على القطاع. إذ أن تصعيدا خطيرا  يلوذ بالمنطقة، أهمها ما يهدد استقرار المنطقة، ويتزامن ذلك مع محاولات لإنهاء الإنقسام الفلسطيني الداخلي وتحقيق الوفاق والوحدة الداخلية، إضافة إلى الجهود المعلنة لانتزاع قرار دولي يطالب بإعلان دولة فلسطينية على حدود عام 1967. 

ردود الفعل المتجاذبة بين جميع الأطراف سواء الفلسطينية أو الإسرائيلية أو الشرق أوسطية أو الأوروبية أو الأميركية لم تتوصل حتى الساعة إلى اتفاق يلزم إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية، رغم إعلان التهدئة الذي أبرمته كافة الفصائل الفلسطينية قبل يومين.

حرب.. لا حرب.. 
تحليلات سياسية تتوقع الاستمرار في الهجوم العسكري على القطاع مما سيأزم الوضع في غزة أكثر فأكثر والذي سيقود الى حرب لن تُعرف نتائجها الآن، إلا أن المحلل السياسي الفلسطيني، هشام أحمد، قال لـ "إيلاف" مشيرا أن الوضع السياسي الذي يحيط بالمنطقة لا يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لاتخاذ قرارات غير مسؤولة قد تندم عليها في المستقبل القريب. لذا فهي تنتهج سياسة العمليات العسكرية غير الموسعة خوفا من ردود الفعل سواء الداخلية أو الخارجية، وهي الأخطر من وجهة نظره. 
مضيفا أن الأوضاع في الدول العربية تمنع إسرائيل عن المضي قدما نحو التلويح بشن حرب ضد غزة، وإنما فهي تتخذ من "مفهوم الردع" حجة لاستمرار عملياتها العسكرية غير الموسعة للقضاء على "بؤر المقاومة".

ومن جهته، وصف القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس، صلاح البردويل، لـ"إيلاف"، الوضع في المنطقة بأنه أشبه بالحرب الموسعة، إذ أن إسرائيل لم تتوقف منذ 72 ساعة عن القصف، ولم تمتنع عن التلويح بخيار الاجتياح وقتل المزيد من الضحايا والمواطنين.

مضيفا "إسرائيل تتوجه نحو المزيد من الاغتيالات والجرائم والتصعيد بحجة القضاء على "خلايا الإرهاب" في غزة، والحد من عمليات خطف الجنود الإسرائيليين، ومنع أي عمليات عسكرية في سيناء مصر، معلقا "وكأن إسرائيل هي الحامية لسيادة سيناء ومصر"، مما سيؤدي بالمنطقة إلى وضع أكثر سوء". 
ومن جهته، اعتبر لؤي المدهون، عضو المكتب السياسي لحزب فدا، في بيان وصل "إيلاف" نسخة منه، أن التصعيد العسكري الإسرائيلي واستهداف المواطنين المدنيين بالقصف المدفعي العشوائي بأنه "إرهاب دولة منظم وحملة إبادة جماعية تمارسها حكومة نتنياهو ضد أبناء شعبنا الفلسطيني".

هناك أهداف سياسية وأمنية من هذا التصعيد
ويرى المحلل هشام أحمد، أن إسرائيل تشن عملياتها العسكرية مستبقة الأحداث والتطورات فهناك أهدافا سياسية وميدانية من وراء هذا التصعيد. وقال:" الحراك الشعبي الداخلي والذي يقود إلى إعلان الوفاق الفلسطيني بين فتح وحماس، والذي جاء واضحا وجليا في الدعوة التي تقدم بها رئيس الوزراء السابق، إسماعيل هنية، وقبله الرئيس الفلسطيني محمود عباس، سيشكل قوة ضغط موحدة داخليا وخارجيا، من الممكن أن تنتزع قرار دولي بإعلان دولة فلسطينية على حدود عام 1967، والذي يهدد الدولة الإسرائيلية واستقلالها".
هذا ونفى صلاح البردويل إمكانية حصول الفلسطينيين على القرار الدولي بهذا الشأن، مشيرا الى أن "بطاقة الفيتو" الاميركي ستكون جاهزة بالمرصاد أمام أي قرار سيقف مع القضية الفلسطينية وضد إسرائيل ولو ضمنيا ومعنويا.  وأضاف:" خصوصا وأن القيادة الفلسطينية تحولت في سياستها من مفاوض للجانب الإسرائيلي إلى ضاغط لدحر الاحتلال".

ومن جانب آخر، ربط القيادي البردويل بين الأحداث وتقرير والمحقق الدولي في احداث حرب غزة غولديستون، قائلاً:" أن إسرائيل تشن حملة عالمية لكسب ردود فعل دولية على تقرير جولدستون، مصرة ومشددة على كلمة "لو" والتي جاءت في تقريره، على النحو التالي"أنه كان من الممكن أن تتغير النتائج لو قدمت إسرائيل تقريرها منذ البداية". 
وكان قد ذكر الموقع الالكتروني لصحيفة "هارتس" الإسرائيلية، أن الأمين العام للأمم المتحدة رفض خلال لقاءه مع الرئيس الإسرائيلي سحب أو إلغاء تقرير غولدستون الذي اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة خلال حرب "الرصاص المصبوب". وطالب بيرس بأن يقوم بسحب التقرير في ظل تراجع "غولدستون" عن تقريره في مقال نشره الأسبوع الماضي في صحيفة واشنطن بوست إلا أن الأمين العام رفض ذلك بشدة.

وكانت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية قد أكدت في وقت سابق أن الحملة التي تشنها إسرائيل على نتائج تقرير الأمم المتحدة، حول الهجوم على قطاع غزة قبل عامين تهدف لإبطاله. وأوضحت الصحيفة، أن هذه الحملة بدأت عقب تراجع القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون عن مجموعة من الاستنتاجات التي خلص إليها تقريره حول ملابسات تلك الحرب، والتي أدان فيها إسرائيل. وكان غولدستون قد قال لصحيفة "واشنطن بوست" إنه يملك الآن معطيات جديدة عما جرى في ذلك الهجوم من شأنها أن تؤدي إلى تقرير مختلف عن السابق.

هدنة الفصائل مرهونة بفهم اسرائيل 
هدنة الفصائل الفلسطينية بحسب صلاح البردويل، قد تفهم برسالتين بالنسبة لحكومة إسرائيل، أما لمصلحها مما سيقود المنطقة إلى التهدئة ووقف العمليات العسكرية، والتزام الفصائل بهدوئها النسبي. وإما أن تعتبره تصعيدا مما سيقود الفصائل إلى الرد وبعنف على كافة الاغتيالات، والتي أدت إلى مقتل 18 مواطنا في غزة، سيؤثر على إسرائيل بشكل سلبي وأثر عكسي. 
ورفض البردويل، ما وصفه بـ"الادعاءات الإسرائيلية والتي حمَّلت حماس المسؤولية عن استمرار التصعيد العسكري على القطاع، وحذرت من أنها لن تقف "مكتوفة الأيدي" في حال استمراره".

واتهم المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري – في مؤتمر صحفي عقده في غزة-  إسرائيل بالإصرار على التمسك بالتصعيد على قطاع غزة "وعدم الاكتراث بسياسة ضبط النفس التي أبدتها فصائل المقاومة في القطاع". قائلاً حركة حماس تحذر الاحتلال الإسرائيلي من الاستمرار في جرائمه لأن الحركة لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء استمرار التصعيد، وعلى الاحتلال أن يدرس عواقب جرائمه قبل الاستمرار فيها. 
وأضاف " على إثر تصعيد الغارات الجوية والهجمات العسكرية على غزة، وضعت حماس قواتها الأمنية وخدمات الطوارئ في حالة تأهب على مدار الساعة في خضم السجال الدموي بين الطرفين".

إسرائيل تخشى الوفاق الفلسطيني المصري
وتستغل إسرائيل انشغال الإعلام الدولي بما يسمى "الربيع العربي"، والمواجهات الداخلية في دول الشرق الأوسط، لتقوم باعتداءاتها في قطاع غزة، وبتوسيع الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية عامة. هذا ما أكد عليه البردويل "التغيرات في الأوضاع العربية والثورات تشكل مزيدا من الرعب الذي يهدد إسرائيل، وخصوصا بعد ما ابرم مؤخرا بين الفصائل والحكومة الفلسطينية والحكومة المصرية بعد الثورة وإسقاط نظام مبارك". 
ويشير أحمد "لإيلاف"، أن الحكومة الإسرائيلية تخشى العلاقات الفلسطينية المصرية، مركزا على قضية الحدود واتفاقيات التعاون التي قد تبرم في المستقبل القريب بين الجانبين الفلسطيني والمصري لفك الحصار عن غزة.  
تحركات المجتمع الدولي

أبدى البردويل تخوفه من ردود الفعل الدولية، "التي جاءت مخيبة لآمال الشعب الفلسطيني، وغير شافية لشعب يرزح تحت الاحتلال مستغلا كافة المواثيق للمضي قدما في عملياتها العسكرية لقتل المدنين، بحصولها على الخط الأخضر من الولايات المتحدة".

 مشيرا على المجتمع الدولي أن يتحرك لوقف هذا الهجوم، قبل أن يتحول إلى مجزرة، لأن القادة الإسرائيليين مصممون على مواصلة التصعيد مهما كانت الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين. وفي المقابل، فقد وافقت الفصائل الفلسطينية على التهدئة، وبالتالي فإن التصعيد الإسرائيلي غير مبرر خصوصا بعد العدد الكبير من القتلى الفلسطينيين الذين سقطوا خلال الأيام الأخيرة. وعلى العالم أن يضع حدا لغرور القوة الإسرائيلي، وأن يضغط في اتجاه السلام العادل، الذي تريد الحكومة الإسرائيلية الالتفاف حوله من خلال هذه الاعتداءات الممنهجة التي لا داعي لها على الإطلاق.
ومن جهته، طالب المدهون المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني و"إنقاذه من خطر الإرهاب الإسرائيلي والضغط على حكومة نتنياهو اليمينية لوقف عدوانها وتصعيدها العسكري غير المبرر ضد الشعب الفلسطيني الهادف إلى نسف التحركات والجهود السياسية الدولية المبذولة لإعادة عملية السلام على مساها الصحيح على أساس قرارات الشرعية الدولية 242 ، 338 ، 194".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *