حيفا تنطلق خارج الأسوار

مراسل حيفا نت | 22/03/2011

اسكندر عمل

نظر الهيكليون الألمان للسكان المحلّيّين نظرة استعلاء ، وقد برز ذلك في تصرفاتهم وتصريحاتهم ،فقد اعتقد كريستوف باولوس من آباء الهيكليّين أنّه قبل التوجه التبشيري للسكان المحليّين (مسلمين ومسيحيّين) يجب أن يرتقوا الى آدميّين أولاً ، وأضاف أنّ الشّرقي يفهم بالقوّة والعنف فقط.

    سمح الهيكليون الألمان لأنفسهم التعامل بفظاظة مع السّكان المحلّيّين لما حصلوا عليه من دعم نائب القنصل الألماني وممثلي الدول العظمى (باستثناء بريطانيا منافسة ألمانيا في الدولة العثمانية ،وفرنسا التي ضعف نفوذها بعد هزيمتها أمام بروسيا في حرب السبعين) في حيفا . زادت عجرفة الألمان وعنجهيتهم بعد زيارة  ولهلم الثاني (غليوم) قيصر ألمانيا عام 1898 لحيفا .

      انعكس صراع بريظانيا وفرنسا ضد المانيا في نهاية القرن التاسع عشر على العلاقة بين الألمان ورهبان الكرمل المحميّين من فرنسا،فقد توترت العلاقة بين الطرفين وحدثت مشادات كلامية وأحياناً مسلّحة، ووصلا الى وضع تهادن غير معلَن اقتسما فيه النفوذ ،حيث حصل الألمان على النفوذ السّياسي والاقتصادي ،والفرنسيون النفوذ الديني والثّقافي (مدارس، مؤسسات دينية ).

     في العام 1887 شق الألمان طريقاً الى الكرمل وبدأوا باقامة حي "كرملهايم" وانتهوا من بناء البيت الأول عام 1890 وهو بيت كلر القنصل الألماني (شارع كلر 2 اليوم) ،قرب مركز الكرمل  .واستمر البناء كفندق شنايدر (جادة هنسي 109 اليوم )،كذلك بنى أثرياء الألمان  بيوتاً فخمة في هذه المنطقة من جبل الكرمل .

 

                  وصف دقيق للحي الألماني نجده في كتاب لورانس أوليفنت " حيفا " ، وهو مجموعة من المقالات عن أماكن مختلفة في فلسطين ، لكنه أطلق على الكتاب اسم حيفا لتعلّقه بهذه المدينة الصّغيرة .ورغم كونه غير موضوعي في كتابته بالنسبة للكرمليين والعرب سكان المدينة الأصليين ، نستطيع أن نستشهد به عن الحي لأنه عاش في حيفا ودالية الكرمل في السنوات 1882 – 1885 .

    " الشارع الرئيسي في الحي الجديد (الكولونية الجديدة ) ينطلق بخط مستقيم من السّاحل ، على طول نصف ميل ، ويتسلّق السّفح مائة قدم تقريباً الى منحدرات الكرمل الصّخريّة .على جانبي الشّارع ممران تحيطهما الأشجار المظلِّلة ،وراءهما  مبانٍ حجريّة بيضاء من طابق واحد أو طابقين معظمها ذات سطوح قرميديّة حمراء ، وكل بيت منها مُحاط بحديقة ،وعلى أعلى كل باب مدخل فيها كتابة محفورة باللغة الألمانية . هنالك شارع آخر أصغر موازٍ للشّارع الرّئيسي . نوّاب قناصل انجلترا ،الولايات المتّحدة وألمانيا ، كلهّم سكّان هذه الحي . في الحي طبيب واحد ، مصمم معماري ومهندس واحد كذلك فندق ممتاز ، مدرسة وقاعة مؤتمرات . الحكومة الألمانية كانت تتحمّل ثلثي تكاليف المدرسة وسكان الحي تبرّعوا بالثّلث . في  الحي حانوت فيها كل ما يحتاجه السكان، كذلك طاحونة هواء وطاحونة بخار هي الآن في مرحلة البناء ومعمل للصاّبون الذي يُصَدّر انتاجه للولايات المتحدة بكمّيّات كبيرة ." 

        

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *