مؤتمر اللاهوت والكنيسة المحلية في بيت لحم

مراسل حيفا نت | 19/01/2009

خلال ثلاثة أيام أقام مركز "اللقاء للدراسات الدينية والتراثية في الأرض المقدسة" دورته الـ16 لمؤتمر "اللاهوت والكنيسة المحلية" بعنوان "أي فكر لاهوتي لأي مستقبل؟" وذلك من 16-18 من الشهر الجاري في مدينة بيت لحم.حيث صدر في نهايته بيان اجمالي للمؤتمر تلاه الدكتور جريس سعد خوري ، مدير عام مركزاللقاء جاء فيه استنكار المشاركين الشديد للهجمة الوحشية الأخيرة لاسرائيل على قطاع غزة، والعمل على انجاز مشروع لاهوت محلي يناسب المكان ويجيب على التحديات.

وكان المؤتمر قد افتتح رسميا مساء الخميس الماضي بحضور عدد من أعضاء وأصدقاء المركز من منطقتي بيت لحم والجليل، كما حضره رئيس بلدية بيت جالا المهندس راجي زيدان. افتتح المؤتمر بقراءة من الانجيل المقدس تلاها، الأستاذ لورنس سمّور وصلاة من الأب يعقوب أبو سعدى. تحدث في افتتاح المؤتمر كل من غبطة البطريرك الأورشليمي اللاتيني فؤاد الطوال، الذي قال:" لاهوت الكنيسة المحلية، لاهوت شهادة، حضور مميز ومتميز، شهادة للمسيح المخلص، لاهوت عامودي يسمو بالقلوب ولاهوت أفقي وطني يضمن البعد الاجتماعي لمحبة القريب المسلم واليهودي".

وتلاه سيادة المطران مار سويريوس ملكي مراد، مطران الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الذي استذكر مواقف المسيحيين العرب الوائل الذين وقفوا واندمجوا مع شعبهم العربي أمام حملة الفرنجة، واشتراكهم في بناء الحضارة العربية الاسلامية وادارة الدولة العربية. وأعقبه سيادة المطران سهيل دواني، مطران الكنيسة الانجيلية الأسقفية الذي قال:" فكر اللاهوت هو القيامة بعد الموت، بلادنا تحتاج للقيامة والرجاء، وأي فكر لا يقدم هذين لشعبنا لن يكون لاهوتا لا للحاضر ولا للمستقبل."

وكانت الكلمة الختامية لمدير مركز اللقاء، د. جريس سعد خوري وجاء في كلمته:" لقد أكدنا على عقد المؤتمر في هذه الظروف لنقول كلمتنا بصراحة وجرأة ولنستنكر بشدة الدمار الذي تتعرض له دور العبادة والخدمات الصحية والمدارس في غزة، ولنسمع صوتنا عاليا ضد المجازر البشعة التي طالت الأطفال والنساء." وأضاف د. خوري "يقع لوم كبير علينا وعلى فصائلنا أولا، فالانقسام الداخلي أضعفنا وهلكنا وألهانا عن هدفنا المنشود. حتى لو وجهنا اللوم للقادة العرب على تآمرهم، فان اللوم الكبير يقع علينا لأننا نحن أصحاب القضية."

بعد جلسة الافتتاح ابتدأت أعمال المؤتمر وجلساته فكانت المحاضرة الأولى بعنوان "أي فكر لاهوتي في كنائس الشرق والأرض المقدسة" قدمها، القس د. متري الراهب وأدارها الأرشمندريت جوزيف صغبيني.

أما أعمال اليوم الثاني: فقد تضمن محاضرات تبحث في التحديات أمام اللاهوت المحلي وفي اليوم التالي الجمعة تواصلت أعمال المؤتمر، وبدأت بصلاة وتأمل من الأب د. ابراهيم شوملي. وكانت المحاضرة الأولى للأب د. رفيق خوري حول "فكر مسيحي جديد لأزمنة جديدة" أدارها د. شارلي أبو سعدى، تناول فيها المحاضر الفكر اللاهوتي الجديد الذي ظهر في رسائل بطاركة الشرق الكاثوليك على مدار ربع قرن. وافتتحها بعبارات مؤثرة حول ما يجري في غزة قائلا:" تساءلت مثل الكثيرين عن جدوى عقد المؤتمر في ظل المجازر في غزة، حيث يحرق المجرمون الأخضر واليابس. نحن هنا معا لنؤكد إرادة الحياة والتحدي في وجه الموت والاستسلام، حيوية الفكر في مواجهة ظلمة الخنوع، قدرة الأمل في وجه من يقتلون الأمل لذا نحن هنا دون عقد، لا نسمح لأي قوة طاغية قتل الحياة فينا."

وكانت المحاضرة الثانية للأب د. جمال خضر بعنوان "التحديات الفلسطينية والفكر اللاهوتي" أدارها السيد الياس مخول، توقف فيها المحاضر عند التحديات الفلسطينية التي تقف أمام اللاهوت ومنها الحوار مع المسلمين واليهود. أما المحاضرة الثالثة فقدمها د. حنا كتناشو حول الفكر اللاهوتي والثقافة الفسطينية، أدارتها السيدة هنادي سوداحيونان. وانتهى اليوم بندوة حول مراكز اللاهوت في الأرض المقدسة شارك فيها القس د. نعيم عتيق، مدير مركز "السبيل" ود. جريس سعد خوري، مدير مركز "اللقاء" وأدارها الأستاذ صليبا الطويل. استعرض فيها المحاضران عمل مركزيهما ونشاطاتهما ورؤيتهما، كما تطرقا إلى سبل تعزيز التعاون بين تلك المراكز التي يكمل أحدها الآخر.

أعمال اليوم الثالث: بعنوان مستقبل المسيحيين في الأرض المقدسة

وفي اليوم الثالث والأخير قدم الأب د. بيتر ديبرول محاضرة حول رواية الميلاد والتحديات الحاضرة، أدارها د. عدنان مسلم، وسبقها صلاة وتأمل قدمهما السيد عامر بابا.

وكانت الندوة الأخيرة بعنوان " مستقبل المسيحيين في الأرض المقدسة" شارك فيها غبطة البطريرك ميشيل صباح، سيادة المطران الياس شقور، د. برنارد سابيللا والسيد رفعت قسيس، قدم لها وأدارها الصحفي زياد شليوط، فطرح في بدايتها مجموعة من التساؤلات على المشاركين ومنها: عن أي مستقبل نتحدث، وهل نحن نقرر فيه لوحدنا، وهل لنا مستقبل في المنطقة، وهل مستقبل المسيحيين في اسرائيل مشابه لمستقبل اخوتهم في اسرائيل؟ كانت المداخلة الأولى لغبطة البطريرك ميشيل صباح، فقال:" نعم لنا مستقبل، لأن الله أرادنا أن نكون هنا، أرضنا لنا، والعالم كله يتواجد فيها سياسيا دينيا. ونحن جزء من شعب ولسنا فئة مغلقة، وان كنا مؤمنين لن تكون قيمة للعدد. مستقبلنا بيدنا ونحن الذي نصنعه بمعنى الاعتماد على أنفسنا وألا نكون اتكاليين، فكثيرا ما نسمع أنه على الغرب أو الفاتيكان أن يساعدنا، لكن خلاصنا لن يأت من هناك." وتابع غبطته" بتنا بحاجة لرؤية صحيحة تخترق الحواجز."

سيادة المطران الياس شقور أشار إلى أن تحديد مستقبلنا متعلق بتحديد هويتنا، فنحن فلسطينيون ومواطنو دولة اسرائيل، هويتنا هي في الرسالة التي نحملها لمجتمعنا وللعالم، كما قال وأضاف " يطرحون حل دولتين لشعبين، أخشى أن يقود هذا لدولة لاسرائيل ودولة للمستوطنين، بينما يبقى الفلسطينيون على هامش الدولتين. يجب أن نربي أولادنا على السماحة وهي أعلى من التسامح، وكذلك على الحوار وهذا ما نفعله يوميا مع أبنائنا في مدارسنا."

وكانت المداخلة الثالثة للدكتور برنارد سابيللا، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني الذي اقترح وضع استراتيجية ترسم أجندة المجتمع المستقبلي للمسيحيين سواء في فلسطين أو اسرائيل، على النحو التالي " أن نندمج في المجتمع وقضاياه، فالهوية المستقبلية لا يمكن أن تكون دينية. لكن نرى أن المسيحيين يختارون العيش على الهامش، فمن خلال الخطة يجب ضمان تفعيل من يعيش على الهامش." وكانت المداخلة الأخيرة للسيد رفعت قسيس، مدير فرع فلسطين للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، الذي قدم موجزا لدراسة احصائية حديثة يقوم بها تدل على حضور مسيحي ناشط في المجتمع الفلسطيني سواء في منطقة الضفة الغربية أو في غزة، ففي غزة يعيش حوالي 2500 مواطن لديهم 3 مدارس، 4 عيادات صحية ومستشفيين. 40% من النساء يعملن ومعدل أفراد العائة 6 أفراد. ومن الأمثلة على الحضور المسيحي في الحياة الفلسطينية العامة وجود 6 أعضاء في المجلس التشريعي، 7 سفراء، 12 رئيس سلطة محلية ووزيرين.وفي ختام المؤتمر تلا الدكتور جريس خوري البيان الختامي للمؤتمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *