خطر تسرب الإشعاع النووي أكبر توابع زلزال بلاد الشمس

مراسل حيفا نت | 13/03/2011

 


مع انتشار الأخبار حول الانفجار الذي شهدته محطة فوكوشيما النووية في شمال شرق اليابان ودعوة الخبراء للسكان من أجل البقاء في منازلهم وإغلاق نوافذهم في دائرة أوسع من منطقة ال10 كلم التي تم إخلاؤها، وأيضا الأفراد المتواجدين في الخارج إلى حماية جهازهم التنفسي بفوطة مبللة وتغطية أجسامهم إلى أقصى حد لتجنب تعرض جلدهم مباشرة إلى الهواء، قد يتبادر إلى الأذهان تساؤلات عن ماهية الإشعاع النووي وما الفوائد والمخاطر المترتبة من تسربه ومدى أضراره على البشر مستذكرين كارثة "تشرنوبل" التي ذهب ضحيتها الآلاف في فترة طويلة.

ويعرف الإشعاع النووي على أنه ظاهرة فيزيائية تحصل في ذرات العناصر غير المستقرة وتخسر النواة فيه جسيماتها وتتحول ذرة العنصر إلى عنصر آخر أو إلى نظير آخر من نفس العنصر.

ومن الممكن أن يحول الإشعاع النووي الذرات في أنسجة الكائنات الحية إلى أيونات أو أن يتلف الأنسجة أو يدمرها  عن طريق تمزيق الجزيئات، وقد يشكل ارتفاع تركيز غاز الرادون وهو غاز طبيعي مشع  عديم اللون والطعم والرائحة خطرا على الرئة حيث أنه أحد مصادر الإصابة بسرطان الرئة، بالإضافة إلى أن الأعراض تظهر على المدى الطويل فهي لا تظهر فورا وتشمل عددا من الأمراض كالعقم والسرطان وفقدان الشعر ونقص في عدد كريات الدم البيضاء، وقد يؤدي إلى طفرة جينية في الحمض النووي وفي حال تضرر الحمض النووي فإنه قد يسبب تشوهات في نسل الشخص المصاب.

وعلى صعيد علاج الداء بالداء،فإن الاشعاع النووي ليس كله شر، حيث أن  التعرض له  وإن كان يؤدي للإصابة بمرض السرطان، إلا أنه أيضا يستخدم في المعالجة منه، وكذلك يستخدم في الزراعة والأبحاث العلمية.

واحتمال المخاطر بدا مرتفعاً أكثر من أي وقت مضى حالياً في اليابان حيث نقلت «وكالة كيودو للانباء»، عن لجنة الامن النووي ان نشاطا اشعاعيا سجل في الموقع.
ويقول العلماء ان هذا الزلزال اقوى بثمانية آلاف مرة من ذلك الذي ضرب منطقة كرايستشيرتش نيوزيلندا الشهر الماضي.

وذكرت وكالتا «كيودو» و«جيجي» قبل الانفجار، ان «انصهارا نوويا قد يكون حصل في المحطة»، في حين ذكرت محطة التلفزيون اليابانية العامة «ان اتش كي»، ان وكالة الامن النووي اوضحت ان انابيب معدنية تحتوي على اليورانيوم قد تكون ذابت.

وتضرر نظام التبريد في المحطة جراء الزلزال الذي ضرب المنطقة الجمعة ما حمل السلطات امس، على توسيع المنطقة التي يجب اخلاؤها من السكان حول محطتي فوكوشيما النوويتين الى 20 كيلومترا.
وتعرض قضبا وقود في المفاعل النووي الرقم واحدة، لفترة قصيرة للهواء امس، بعد انخفاض مستوى تبريد المياه، كما ذكرت "جيجي".
وصرح ناطق باسم شركة طوكيو للطاقة الكهربائية التي تشغل الموقع لـ "فرانس برس"، "نحاول رفع مستوى المياه".

و لكن بحسب خبراء فإن خطر التسرب إن حدث سيكون أخف وطأة في بلد مثل اليابان، حيث أن اليابان بحكم وقوعها في منطقة نشطة بالزلازل وقدرتها الكبيرة على تقليل وقعها فإنها ولا بد أخذت الاحتياطات الكاملة فيما لو تعرضت مفاعلاتها النووية لأمر متوقع مثل هذا.

وهو أمر يذكر بما فعله ناشطون يابانيون عندما رفعوا عدة قضايا على بناء مفاعلات نووية في مناطق نشطة بالزلازل، حيث أمرت محكمة يابانية العام 2006 بإغلاق أحدث مفاعل نووي في البلاد بسبب مخاوف بشأن سلامته في حال وقوع زلزال.

وأقام سكان إيشيكاوا، في شمال غربي طوكيو، دعوى قضائية مفادها أن مفاعل "شيكا" خطير وقد يحدث به تسرب إشعاعي في حال وقوع زلزال. 
وتعتمد اليابان بشدة على الطاقة النووية، لكن الثقة فيها اهتزت بسلسلة من الحوادث في الأعوام الأخيرة. 
وفي وقت سابق من العام ذاته اندلع حريق في منشأة "أوهي" النووية في غرب اليابان، أصيب إثره شخصين.

وفي عام 2004، قتل خمسة عمال في مفاعل "ميهاما"، الواقع أيضا في غرب البلاد، عندما انفجر أنبوب صدئ مغرقا العاملين بالبخار الساخن والماء المغلي.  
وقد تقدم الناشطون، التي تضم عشرات الأعضاء  و مقرهم قرب منشأة شيكا في إيشيكاوا، بالدعوى القضائية للمرة الأولى العام 1999، عندما بدأ العمل في ثاني أكبر مفاعل في البلاد. 
ويقولون إنهم معرضون لخطر دائم يتمثل في احتمال وقوع حادث كبير في المفاعل لأنه يقع قرب خط صدع يقول خبراء حكوميون إن زلزالا كبيرا شدته 7.6 على مقياس ريختر قد يقع به. 
ويوجد في اليابان 55 مفاعلا نوويا نشطا ويقع أغلبهم في مناطق يحتمل أن تقع بها زلازل.

وعلى الرغم من أن اليابان تتعرض اليوم إلى أقوى زلزال في تاريخها حيث تسبب تسونامي  مع أمواج وصل ارتفاعها إلى  10 أمتار وبلغت قوة الزلزال  8.9 درجة، وأحدث أيضاً ميل في محور الأرض بقدر 10 سم، إلا أن التقدم المهول لليابانيين في هندسة المباني والمنشآت ووضع معايير خاصة لمقاومة الزلازل ساهم في التقليل من حجم الخسائر المادية والبشرية.

يدعم ذلك التدرج انخفاضا في عدد الوفيات في مرات سابقة تعرضت فيها اليابان للزلازل حيث يلحظ متابعي تاريخ بلاد الشمس مع هذه الكوارث تطورا ملحوظا في إجراءات الحد من تأثيراتها البشرية والمادية في كل مرة عن سابقتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *