كشف التحقيقات التي تجريها النيابة المصريَّة أنَّ أنس الفقي وأسامة الشيخ أهدرا حوالي 750 مليون جنيه لإنتاج 42 مسلسلاً خلال رمضان الماضي، فيما أفادت مستندات بتقاضي قيادات بقطاع القنوات مكافآت تقدر بمئات الآلاف من الجنيهات، في الوقت الذي يحصل فيه العاملون على أجور لا تزيد عن مائتي جنيه.
لم يكن بمستغرب إتخاذ النائب العام قراراً بإحالة 48 من قيادات ومذيعي ومذيعات التليفزيون المصري للتحقيق بسبب إرتفاع أجورهم بشكل مبالغ فيه، ولم يكن مدهشاً للمصريين كشف تحقيقات النيابة العامة مع وزير الإعلام السابق أنس الفقي وأسامة الشيخ رئيس إتحاد الإذاعة والتلفيزيون وقائع ضخمة للفساد والتربح الوظيفي، فقد كانوا ينظرون لذلك المبنى المسمى ب"ماسبيرو" على أنه منبع الفساد والمحسوبية في مصر كلها، ووصل الأمر ببعضهم إلى القول إنه لو تطهر هذا المبنى، فستتطهر مصر كلها، وكشفت التحقيقات إهدار الفقي والشيخ 840 مليون جنيه في إنتاج 42 مسلسلاً درامياً في شهر رمضان الماضي.
وفي هذا السياق، على المستندات التي تقدم العاملون بالتليفزيون ببلاغات إلى المستشار عبد المجيد محمود النائب العام، والذي قرر بموجبها إحالة بعض القيادات والمذيعين للتحقيق.
و تفيد المستندات بتقاضي قيادات بقطاع القنوات المتخصصة مكافآت تقدر بمئات الآلاف من الجنيهات، في الوقت الذي يحصل فيه غالبية العاملين بالتليفزيون على أجور هزيلة جداً لا تزيد على مائتي جنيه. ووفقاً لمستند عبارة عن خطاب من رئيس الإدارة المركزية للشؤون المالية والإدراية بالإتحاد، حصل كل رؤساء ونواب رؤساء القنوات على حوافز عن شهر يناير 2010، تتراوح ما بين 35 ألف جنيه و 10 آلاف جنيه، وهم عمر زهران رئيس قناة السينما الذي حصل على 30 ألفاً، مصطفى حسين رئيس القناة الرياضية 30 ألفاً، دينا رامز رئيس قناة النايل لايف 35 ألفاً، خالد شبانه رئيس قناة النايل كوميدي 30 ألفاً، نهلة عبد العزيز رئيس قناة نايل دراما 20 ألفاً، سحر السويفي رئيس قناة الأسرة والطفل 15 ألفاً، عمر أنور رئيس القناة الثقافية 15 ألفاً، فريدة مكاوي رئيس قناة التعليم العالي 10 آلاف، منى الهانسي رئيس قناة البحث العلمي 10 آلاف، حنان يوسف رئيس قناة المعلومات 15 ألفاً، ماجدة محمود القاضي نائب رئيس قناة نايل سينما 15 ألفاً، أحمد عمر شكري نائب رئيس قناة نايل سبورت 15 ألفاً، محمد كمال نائب رئيس قناة نايل لايف 15 ألفاً، محمد عبد الله نائب رئيس قناة نايل كوميدي 20 ألفاً، سيد فؤاد نائب رئيس قناة نايل دراما 15 ألفاً.
مستند آخر يفيد يتقاضي عدد من المذيعين والمذيعات ورؤساء القنوات مكافآت عن الستة أشهر الأخيرة من العام الماضي تتراوح ما بين 97 ألفاً و347 ألف جنيه مصري، ووفقاً لهذا المستند المتداول في أروقة ماسبيرو فإن المذيعة دينا رامز زوجة المذيع طارق علام تقاضت 347450 جنيهاً، وتقاضي المخرج عمر زهران رئيس قناة نايل سينما مبلغ 330844 جنيهاً، وبلغت مكافآت مصطفى حسين رئيس القناة الرياضية 290 ألف جنيه، وكانت مكافآت خالد شبانة رئيس قناة نايل سبورت أقل من حسين بعشرين ألف جنيه، وتقاضت فريدة مكاوي رئيس قناة التعليم العالي 200758 جنيهاً، وتقاضت نهلة عبد العزيز رئيس قناة النايل دراما 177850 جنيهاً، وتقاضى عبد الفتاح حسن الإداري بقطاع شبكة تليفزيون النيل 160 ألف جنيه، وتقاضى عمر أنور رئيس القناة الثقافية 144445 جنيهاً، وبلغت مكافآت سحر السويفي رئيس قناة قناة الأسرة والطفل 142200 جنيها، ووصلت مكافآت المذيعة أميمة إبراهيم إلى 120 ألف جنيه.
لم تكن تلك هي المكافآت التي يتقاضاه رؤساء القنوات فقط، بل يحصلون على مكافآت أخرى تحت مسمى "الإشراف على البرامج" على الرغم من أن ذلك من صميم عملهم، حيت تقاضوا مبالغ تتراوح ما بين 10 و20 ألف جنيه شهرياً، و تفيد المستندات أن آخر تلك المكافآت عن شهر ديسمبر الماضي.
وأثارت تلك الأرقام غضب العاملين في مبنى ماسبيرو المطل على نيل القاهرة، لاسيما أن غالبيتهم يتقاضون رواتب هزيلة جداً، ووفقاً لقرار رئيس إتحاد الإذاعة والتليفزيون رقم 920 لسنة 2010، فإن الحد الأقصى لأجور العاملين بالتشغيلات المرئية بقطاع الهندسية الإذاعية، لمدة ثماني ساعات عمل، ومنهم مشرف إضاءة مؤهل فوق متوسط، خبرة لا تقل عن 15 سنة، أو مؤهل متوسط، مع خبرة لا تقل عن 20 سنة، و يقاضى من هم في تلك الفئة مبلغ لا يزيد على 120 جنيهاً، فيما يتقاضى من هم أقل من 10 سنوات خبرة مبلغ 90 جنيهاً، ويتقاضى مساعد الإضاءة داخل الإستديو أو كاميرا محمولة 65 جنيها شهرياً، ويتضح مما سبق أن هناك تفاوت رهيب بين الأجور في التلفزيون.
وتعليقاً على تلك المستندات، نفت هالة حشيش رئيس قطاع القنوات المتخصصة إن حجيتها، معتبرة أنها مزوة، وأوضحت أن تلك الأوراق لا تضم أية توقيعات لمسؤولين أو أختام رسمية. وأضافت أن تحقيقات النيابة ستكشف تلك الحقيقة، لكن المستندات الموجودة في حوزة "إيلاف" تضم توقيعها، وخاتم قطاع قنوات النيل المتخصصة.
وفي السياق ذاته، إستمعت نيابة الأموال العامة إلى أقوال 12 من قيادات التليفزيون في الإتهامات الموجهة للوزير السابق أنس الفقي ورئيس الإتحاد السابق أسامة الشيخ، بإهدار المال العام والتربح الوظيفي، وأكد الشهود أن كلاهما أهدر نحو 756 مليون جنيه العام الماضي، لإنتاج 42 مسلسلاً، بتكلفة تتراوح ما بين 20 و30 مليون جنيه، حيث كان تعاقد الإتحاد مع شركات إنتاج خاصة على أن يكون إنتاج تلك المسلسلات مشتركاً بنسبة 15% له، و75% لها، على أن تعرض على شاشات قنوات التليفزيون مجاناً، لكن ما حدث فعلياً هو العكس، حيث تحمل الإتحاد 75% من قيمة الإنتاج، فتحمل في العمل الواحد نحو 18 مليوناً، الأمر الذي يفسر تصارع شركات الإنتاج الخاصة على التعاقد مع التليفزيون العام الماضي، على الرغم م أنه لم يستطع تحقيق أية مكاسب من ورائها، وبحسبة بسيطة يكون الرجلان قد أهدرا نحو 756 مليوناً، وألقى الوزير باللائمة على رئيس الإتحاد في هذا الإتهام، مؤكداً أن مسؤوليته إشرافية فقط.