تجمّع الآلاف من المصريين السبت وسط القاهرة لمواصلة الاحتجاج، في حين اندلعت صدامات عنيفة في مدينة الاسماعيلية بين قوات الامن والاف المتظاهرين المطالبين برحيل الرئيس مبارك. يأتي ذلك في وقت دعا فيه الجيش عموم المواطنين الالتزام بحظر التجوال.
علمت إيلاف أن الرئيس المصري حسني مبارك يجتمع مع رشيد محمد رشيد وزير التجارة السابق وسيكلفه برئاسة الحكومة الجديد والتي ستكون ائتلافية. وهي المرة الأولى التي يحصل فيها امر كهذا في تاريخ مصر .
وأفاد مراسل إيلاف من القاهرة الزميل أحمد عدلي أن الصورة عن الانفلات الأمني مبالغ فيها وان الناس جندت نفسها حاليا لحراسة المصارف والشوارع، حيث ينقضون على اي سارق ويضربونه ويعيدون ما سرقه.
يضيف المراسل: إن الشعب يحمي نفسه بنفسه حاليا، ولن يغادروا الشوارع الا حين يغادر مبارك منصبه"
وقد اعلن رئيس الوزراء المصري احمد نظيف السبت استقالة حكومته تنفيذا لما جاء في الخطاب الذي وجهه الرئيس حسني مبارك الى الامة مساء الجمعة كما افادت وكالة انباء الشرق الاوسط.
وذكرت الوكالة ان مجلس الوزراء وافق على الاستقالة خلال اجتماع طارىء عقده ظهر اليوم.
ولم يحضر الاجتماع وزراء الدفاع والاعلام والداخلية اضافة الى وزير الخارجية الموجود حاليا في اديس ابابا للمشاركة في قمة الاتحاد الافريقي.
وكان الرئيس مبارك وعد مساء الجمعة في خطاب الى الامة بتشكيل حكومة جديدة اعتبارا من السبت في محاولة لامتصاص حركة الاحتجاج الشعبي العارمة التي تشهدها البلاد منذ خمسة ايام واسفرت حتى الان عن سقوط 35 قتيلا على الاقل والاف الجرحى.
وقد ناشد الجيش المصري في بيان بثته وكالة ابناء الشرق الاوسط الرسمية السبت "شعب مصر العظيم الالتزام بعدم الوقوف فى تجمعات بالشوارع والميادين الرئيسية وبقرار حظر التجول".
وقال البيان "الى شعب مصر العظيم. نظرا لقيام عدد من الافراد الخارجين عن القانون باعمال التخريب للممتلكات العامة والخاصة واعمال البلطجة لترويع المواطنين تناشد القوات المسلحة الجميع الألتزام بعدم الوقوف فى تجمعات بالشوارع والميادين الرئيسية".
واضاف "كما تناشد القوات المسلحة الجميع التزم حظر التجول الذي يبدأ من الساعة 18,00 وحتى الساعة 7,00 من صباح اليوم التالى وحتى اشعار آخر".
وحذر البيان من ان "المخالفين سيتعرضون للاجراءات القانونية، داعيا "جميع المواطنين الى وضع مصر اولا نصب اعينهم".
إلى ذلك، بدأ آلاف المتظاهرين المعارضين لنظام الرئيس حسني مبارك التجمع صباح السبت في وسط القاهرة، حسبما ذكر صحافي من وكالة فرانس برس.
وتمركز الجيش المصري الذي دعي الجمعة الى مساندة الشرطة التي عجزت عن احتواء التظاهرات التي تهز البلاد منذ الثلاثاء، عند تقاطعات الطرق الرئيسية وقرب المباني الرسمية.
واسفرت هذه التظاهرات غير المسبوقة في عهد مبارك، عن سقوط 27 قتيلا على الاقل ومئات الجرحى منذ الثلاثاء.
واندلعت صدامات عنيفة السبت في مدينة الاسماعيلية على قناة السويس، بين قوات الامن والاف المتظاهرين المطالبين برحيل الرئيس المصري حسني مبارك كما افاد شهود.
واستخدمت قوات الامن الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع لتفريق الالاف من العاملين في المنطقة الحرة الذين توجهوا الى المدينة بعد ان منعوا من العمل السبت كما افاد شهود.
كما تعرض متجر كبير لسلسة كارفور الفرنسية العملاقة على طريق القاهرة الدائري للقاهرة للنهب والسرقة كما افاد شهود لفرانس برس.
وافاد هؤلاء ان عشرات الاشخاص كانوا يركضون في الشواريع حاملين سلعا منهوبة من هذا المتجر الكبير الواقع عند مخرج حي المعادي الذي يقطنه عدد كبير من الاجانب المقيمين في مصر.
ويقع المتجر في مركز تجاري كبير يضم متاجر اخرى.
وكانت العديد من احياء القاهرة شهدت ليلة الجمعة اعمال سلب ونهب.
وصرح المعارض المصري محمد البرادعي في مقابلة مع محطة "فرانس 24" السبت ان الرئيس المصري حسني مبارك "يجب ان يرحل".
وقال المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية "سانزل اليوم لاشارك مع زملائي في تحقيق طفرة" نحو الاصلاح "ولنؤكد للرئيس مبارك انه يجب ان يرحل".
وكان البرادعي الذي عاد مساء الثلاثاء الى مصر، نزل الى الشارع امس تلبية لدعوة الحركات الشبابية وادى صلاة الجمعة في ساحة امام مسجد الاستقامة بميدان الجيزة (جنوب العاصمة).
وقال البرادعي يوم عودته الى مصر انه مستعد لقيادة "المرحلة الانتقالية" في مصر.
ورأى البرادعي في المقابلة السبت ان "الحكومة الاميركية ما زالت متمسكة بالرئيس مبارك ويجب ان يدركوا ان مصداقيتهم تتضاءل في الشارع المصري والعالم العربي".
وأكد الرئيس حسني مبارك في خطاب للامة بثه التلفزيون المصري انه تابع التظاهرات الاخيرة التي شهدتها مصر واسف لسقوط الضحايا. وقال "تابعت محاولة البعض المتاجرة بشعارات التظاهرات"، وقد التزمت الحكومة تنفيذ التعليمات والشرطة بادرت الى حماية الشباب احتراما لحقهم في التظاهرات السلمية قبل ان تتحول الى اعمل تعيق اعمال المواطنين.
وقال مبارك إن التظاهرات ما كانت لتتم لولا الحرية التي اتاحتها خطوات الاصلاح. واضاف " انني كرئيس للجمهورية وبمقتضى الصلاحيات التي خولها لي الدستور اكدت مرارا على سيادة الشعب واتمسك بحقه بحرية التعبير طالما كان ذلك باطار الشرعية".
وقال مبارك هناك خطا رفيعا بين الحرية والفوضى. وانا انحاز الى حرية المواطنين. مصر هي أكبر دولة في المنطقة سكانا وثقلا، واضاف " لقد جاءت التظاهرات لتعبر عن تطلعات مشروع لمزيد من الديمقراطية وتحسين مستوى المعيشة". وقال "إنني اعي هذه التطلعات المشروعة للشعب ولم انفصل عنها يوما، لكن ما نواجهه من مشكلات لن يحقق باللجؤ للعنف والفوضى وانما يحقق بالعمل المخلص والجاد".
واضاف مبارك أن شباب مصر اغلى ما لديها وقال " إن اقتناعي ثابت، لا يتزعزع بمواصلة الاصلاح السياسي والاجتماعي من أجل مجتمع حر ينفتح على العالم. (…)
لقد انحزت وساظل للفقراء مقتنعا ان الاقتصاد اخطر من ان يبقى للاقتصادييين وحدهم".
وقال" ان برنامجنا للاصلاح سيبقى رهنا للاصلاح في مصر، ما حدث في هذه التظاهرات يتجاوز ما حصل من نهب الى مخطط اكبر. انني اهيب بشبابنا للمحافظة على مكتسباتهم فالتطلعات للمستقبل الافضل تتحقق من خلال الوعي". وقال مبارك " اني لا تحدث اليكم كرئيس للجمهورية انما كمصري". وأوضح " يجب ان نحافط على ما حققناه ونبني عليه، ان احداث اليوم القت في قلوب الاغلبية من الشعب الخوف على مصر ومستقبلها". وقال "اني اتحمل مسؤوليتي الاولى بالحفاظ على الامن ولن اسمح للخوف ان يستحوذ على مواطينينا".
وكان رئيس مجلس الشعب فتحي سرور اعلن للتلفزيون المصري في وقت سابق من مساء الجمعة ان "امرا مهما سيتم اعلانه في غضون وقت قصير".وادت التظاهرات يوم الجمعة الى مقتل 20 شخصا، وقالت المصادر ان 13 شخصا على الاقل قتلوا في السويس فيما قتل خمسة في القاهرة واثنان في المنصورة (دلتا النيل).
ومنذ بدء التظاهرات الثلاثاء الماضي قتل 27 شخصا على الاقل، اذ توفي سبعة اشخاص متأثرين بجراحهم خلال الايام الثلاثة الاخيرة.واصيب في تظاهرات الجمعة مئات الاشخاص، وفقا للمصادر نفسها.
وكانت إدارة الرئيس الاميركي باراك اوباما اعربت في وقت سابق اليوم عن "قلقها البالغ" من الاضطرابات التي تشهدها مصر، حليفة الولايات المتحدة، وحثت القاهرة على كبح جماح قواتها الامنية والبدء فورا بتطبيق الاصلاحات.
وبلغت الاحتجاجات المستمرة منذ اربعة ايام ذروتها الجمعة ما دفع الرئيس الاميركي الى عقد اجتماع خصص لمتابعة الوضع في مصر طالبا اطلاعه على المستجدات اولا باول، حسب ما افاد البيت الابيض.
وتواصل اجتماع اوباما 40 دقيقة استمع خلاله الى معلومات عن الوضع في مصر من مستشاره للامن القومي توم دونيلون وغيره من اعضاء فريق الامن القومي، حسب ما افاد تومي فيتور المتحدث باسم البيت الابيض.
وشارك في الاجتماع نائب الرئيس الاميركي جو بايدن، وكبير مستشاريه لمكافحة الارهاب جون برينان وعدد من كبار المسؤولين في الاستخبارات والمسؤولين الدبلوماسيين، حسب ما افاد احد المسؤولين.
وفيما نقلت شبكات التلفزة الاميركية صور المواجهات في الشوارع والمباني المحترقة في وسط القاهرة، اعربت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون عن قلقها بشان الاحداث في مصر التي تعتبر حليفا للولايات المتحدة في عملية السلام ومحاربة الارهاب.
وقالت "نحن نواصل مراقبة الوضع عن كثب. ونشعر بالقلق البالغ لاستخدام الشرطة المصرية وقوات الامن العنف ضد المتظاهرين، وندعو الحكومة المصرية الى بذل كل ما بوسعها لكبح جماح قوات الامن".
واضافت "في الوقت ذاته يجب على المتظاهرين الامتناع عن القيام باعمال عنف والتعبير عن انفسهم سلميا. وكما كررنا مرارا، نحن ندعم الحقوق الانسانية العالمية للشعب المصري بما في ذلك الحق في حرية التعبير والانتماء والتجمع".
وقالت "وندعو السلطات المصرية الى السماح بالتظاهرات السلمية والعودة عن الخطوات غير المسبوقة التي اتخذتها بقطع الاتصالات. ان هذه التظاهرات تشير إلى وجود مظالم عميقة لدى المجتمع المصري، وعلى الحكومة المصرية أن تدرك ان العنف لن يلغي هذه المطالب".
واستقطبت الحركة الاحتجاجية في مصر الشباب والطبقة الوسطى الذين استخدموا الانترنت والمواقع الاجتماعية الالكترونية في تحد للسلطات التي اغلقت خطوط الانترنت واتصالات الهواتف النقالة.