في العقل العربي بقلم رشدي الماضي

مراسل حيفا نت | 11/05/2020

في العقل العربي

 

رشدي الماضي

 

يذهبُ الدَّارسون إلى أنَّ التّأمّلات التَّنظريّة والنَّقديّة ضمن التَّجربة الحداثيّة قد تعدّدت، وأثارت جدلا على جدل، أيّ ثورة على الثَّورة التّعبيريّة ذاتها، مِمَّا جعلها تحظى بِحَظّ وافر من دراسة المُهْتمين…

وقد أبرزت أبحاثهم مدى حاجتنا الى الذّات المبدعة، النَّاقدة، المفارقة والمغامرة، إذا أردنا أن نبقى حضورا مقيما داخل الذّائقة الفنيّة وداخل الجمال والإبداع الرّائي…

ولتحقيق ذلك، لا بُدَّ من الخروج من القوالب والأنماط المتوارثة، التي يُعاد انتاجها بتأويل ضعيف، جعل الـ:”المُقدّس” هو سِمَة كلّ شيء في حياة العربيّ…

وعليه، تُختّم ثورتنا على المقولات الجاهزة والمُعَلَّبة، بعدف النَّفاذ الى قيم جماليّة جديدة في حياتنا، أن نُزَوّد ونُثري العقل العربيّ بآليّات ضخمة من تعزيز القدرات، وبناء وعي جديد يتجاوز الحراك الفكريّ البليد للإمساك بمرحلة من الإيمان بدور الإنسان الفاعل المُتَسلّح بالحكمة والجمال و.و.و… الذي يرى العالم من مناظيرغير تقليديّة، ومن خلال فاعليّة وأنساق معرفيّة حديثة،.. لا يكون العلم بها اجترارًا، بل تجديدا قائما على التَّشرّب والقُدْرة على التّحليل والنَّقد والمراجعات…

ولا يخفى على الدَّارس أَنّ كمال الموهبة، يقتضي عدم التَكلّم برضوخ، عن ثوابت أو أشياء معيّنة تُشكِّلُ مرجعيّات لتفسير الكون…

فليس ثَمّة مرجعيّة في عالم اليوم، سوى ذلك التَّغيّر السَّريع، وسوى تلكَ الذّات التي لا تعرف إلّا السُّؤال والنَّقد…

شرط  أنْ تسأل الأسئلة الصّحيحة وليس تلكَ التي تمارس التَّدوير بما سبق أن قِيْل… وفي هذا تحدّ كبير وعميق…

وفي هذا الصَّدد نقول: أَنَّ مسؤوليّة احداث مثل هذه ثورة شاملة، لا تقع على عاتق “نُخَب مِنَ المثقّفين” سَمُّوا أنفسهم بذلك في أزمنة قريبة، ولا ذكر لهم في عالم اليوم…

ما يحتاجه مشروعنا الحضاري لشّامل هو ذلك “الفرد” الذّكيّ واللّمّاح الذي يتمتَّع بطاقة تخيّليّة قصوى، ويرى العالم في اللّحظة الثَّانية وليس فقط في اللحظة الأولى… لأَنَّهُ يعي أنَّ سِمَة الزّمن الذي نعيشهُ أَنَّهُ عصرلا يزال يَتَشكَّل، ولم يصل بعد لمفاهيم مُحدَّدة…

ولا يَعْني هذا الانتظار، فحياة الفرد لا تقف، ولو أنَّها محدودة، لذلك على حامل شعلة التّغيّر والتَّغيير أن يبذل ما أُوتي من طاقة، لِيَتَحرّر كلَّ ما حوله، بعد أن يكون قد حَرَّر ما بِداخلهِ…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *