حادث كنيسة القديسيين نفذته مجموعة مصرية بخبرة “القاعدة”

مراسل حيفا نت | 06/01/2011

قال الدكتور ضياء رشوان الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية في حواره إن حادث التفجير الذي وقع أمام كنيسة القديسيين بالإسكندرية، نفذته مجموعة مصرية تشكلت حديثاً بفعل ما وصفه ب"التجنيد الذاتي" لصالح تنظيم القاعدة في العراق.

القاهرة: أوضح  الدكتور ضياء رشوان، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية في حوار مع "إيلاف" أن المجموعة التي نفذت اعتداء الاسكندرية الاخيرة خرجت من رحم الإحتقان الطائفي في مصر، ووجدت في تهديدات القاعدة بالعراق فرصة لتنفيذ ضربة قوية ضد أهداف مسيحية. واستبعد رشوان الذي يشغل منصب نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الإستيراتيجية والسياسية تورط الموساد الاسرائيلي في الحادث، مشيراً إلى أن الحادث له دلالات أجتماعية وأمنية ودينية خطيرة على مصر، و توقع أن يؤدي إلى مزيد من التوتر في العلاقات بين المسيحيين والمسلمين والمسيحيين والدولة، كما تحدث عن بعض الأمور الهامة، وإليكم نص الحوار:

ما تقييمك للحادث بصفتك خبير في شؤون الجماعات الإسلامية؟

هذا الحادث فريد وجديد من نوعه في مصر، من حيث عدة زوايا، هي: لم يحدث أن تعرضت دار عبادة سواء مسجد أو كنيسة لهجوم بهذا الحجم، و لم يسقط ذلك العدد الكبير من الضحايا الذي بلغ 23 قتيلاً و79 مصاباً، باستثناء حادث الأقصر الذي وقع في العام 1997، لكنه كان موجهاً للسياح الأجانب، وليس للمسيحيين. كما أن الطريقة التي نفذ بها، فريدة جديدة أيضاً، حيث يقال إنه نفذ بطريقة إنتحارية، فلم تشهد مصر أية عمليات إنتحارية، إلا في العام 1993، خلال محاولة إغتيال وزير الداخلية السابق حسن الألفي، و لكنها فشلت، ولم يستطع الشاب الإنتحاري إتمامها. فضلاً على أن المتفجرات المستخدمة حديثة، ومختلفة عما هو معهود، وبالتالي فهو حادث خطير جداً من النواحي الأمنية والدينية والإجتماعية.

من واقع خبرتك، وقراءتك لكل هذا المعطيات، هل لتنظيم القاعدة أو أي من الجماعات الإسلامية علاقة بالحادث؟

هناك الكثير من الإحتمالات، لكني أميل إلي القول، بأن هناك مجموعة مصرية، وليست خارجية، تقف وراء الحادث، وهي مجموعة تشكلت أو ولدت من رحم الإحتقان الطائفي، الذي يتزامن مع بروز السلفية في مصر خلال الفترة الأخيرة، وظهور نوع من التشدد المسيحي، وكلاهما يتركز بالإسكندرية. والتقطت تلك الجماعة الرؤية الطائفية التي تتبناها القاعدة بالعراق، وهي أسوأ نموذج لتنظيم القاعدة في العالم أجمع، حيث تتعامل مع الأمور من منظور طائفي، وليس سياسيا.

 ومن الأرحج أن هذه المجموعة اكتسبت خبرات خارجية في طريقة العمل، من حيث التخطيط، والتعامل مع المتفجرات المستخدمة في الحادث، التي تتطلب خبرة في تصنيعها والتعامل معها، وليست تلك الخبرة متوافرة في مصر. وإذن نحن أمام عملية نقل خبرة في العمليات الإرهابية، قد تكون عملية النقل تمت من خلال الإتصال المباشر أو من خلال شبكة الإنترنت.

معني ذلك أن هناك خلايا تابعة للقاعدة في مصر، لكنها كانت خاملة، وقررت استثمار مناخ الإحتقان الطائفي والقيام بعمليات إرهابية؟

لا أعتقد ذلك، إذ يبدو لي أن المجموعة المنفذة للعملية، تم تشكيلها حديثاً، لأنها غير مسجلة لدي الأمن، وليست لديه أية معلومات عن أعضائها، وليست مسجلة أمنياً. كما أنه لا يوجد منظمة جامعة ل"القاعدة"، بل توجد عدة منظمات تحمل اسم القاعدة، ويعتبر كل من أسامة بن لادن والدكتور أيمن الظواهري الممثلان ل"القاعدة" الأم، والأخير هو الوجه الإعلامي لها، وهذا الرجل مصري، ويخرج من حين لأخر، ليلقي خطابات أو رسائل، ويتحدث فيها كثيراً عن مصر، وتكون تعليماته أو تحريضاته ضد النظام الحاكم والأهداف الأميركية، ولو كان هناك أتصال به، لما ضربت الكنيسة، لأنه لم يحرض ضد الأقباط أبداً.

الأرجح أن الإحتقان الطائفي الذي تعيشه البلاد دفع بعض الشباب إلى تبني فكر "القاعدة" في العراق، وضرب أهداف مسيحية، بالتزامن مع إطلاقها تهديدات بضرب الكنائس المصرية، ولم تكن هناك مجموعات موجودة بالفعل، ولكنها نائمة أو خاملة، وجرى تحريكها، وإنما تشكلت بما يعرف ب"التجنيد الذاتي"، وهو النموذج الشائع لتجنيد المنظمات الإرهابية لصالح "القاعدة"، وبدأ ذلك ب"القاعدة" في العراق بزعامة أبو مصعب الزرقاوي، الذي كان يتزعم جماعة تدعي "التوحيد والجهاد"، ووجه دعوة إلي أسامة بن لادن في ديسمبر من العام 2004، طلب فيها أن يقبله عضوا في تنظيم القاعدة، وتكرر السيناريو نفسه مع "القاعدة" بالجزائر التي كانت يطلق عليها "الجماعة السلفية لدعوة والقتال"، حيث وجهت خطاباً إلى أسامة بن لادن في العام 2006، كي يقبلها عضواً في القاعدة.

وكذلك الحال مع جميع الجماعات التي تحمل اسم "القاعدة" في العالم، وقد تضع بعضها اسم القاعدة على أعمالها دون أن يكون هناك اتصال مباشر أو غير مباشر مع القاعدة المركزية، وتتم عمليات التجنيد الذاتي، بسبب الأوضاع السيئة في الدول التي تولد فيها تلك المنظمات مع تنامي ظاهرة التشدد الديني.

اختارت المجموعة المنفذة للعملية توقيتاً حساساً، يتزامن مع الإحتفال بأعياد الميلاد، في تكرار واضح لما حدث العام الماضي في نجع حمادي، هل هناك دلالات أخرى لهذا التوقيت؟

اختيار التوقيت رهن بأهداف العملية، وفي كلتا الحالتين، وكان الهدف هو ألحاق الأذى بأكبر عدد من المسيحيين. ومن ثم فإن المنفذون اختاروا توقيت الصلاة بالكنيسة، وفي مناسبة العيد، لضمان قتل واصابة أكبر عدد من الضحايا.

أعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم "جماعة المجاهدين الإلكترونية" مسؤوليتها عن الحادث، هل لديك أية معلومات عن تلك الجماعة؟

قرأت البيان التي أطلقته تلك الجماعة، وهو ليس "بيان مسؤولية"على الإطلاق، لأن بيان المسؤولية لابد وأن يتضمن معلومات، منها: اسم منفذ العملية، كيفية التنفيذ، الهدف منها، الاسم الخاص بالعملية. لكنه كان بيان تحية إلى منفذ العملية، وليست هناك جماعة بهذا الإسم، كما أنه كان منشوراً على منتدى، وبامكان أي شخص أن ينشره.

قيل إن الموساد الإسرائيلي متورط في الحادث، هل تؤيد ذلك القول؟

حالياً، من الصعب الجزم بهوية منفذ العملية ومن يقفون خلفه. وأنا أميل إلى عدم القول بأن الموساد وراء الحادث، رغم أني كنت ومازلت أرى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على علاقة مباشرة بالتفجيرات الثلاثة التي وقعت في سيناء، ولدي الكثير من الأدلة، منها أن التفجيرات نماذج مثالية للعمل الأمني، ولم تعلن أية جهة أو جماعة مسؤوليتها عنها.

اضافة إلي أن أيمن الظواهري أطلق 150 خطاباً خلال الفترة من 2004 وحتى الآن، لكنه لم يذكر في أي منها تلك التفجيرات، رغم أنه تحدث عن كل شىء في مصر، و رغم أنها كانت تحملـ حسب لغته شهداء مسلمين، وقتلي من العدو الإسرائيلي و الأميركي. مما يؤكد أنه لديه شك في أن من فعلها غير إسلامي، ويخشى أن يقدم له التحية، وتكشف الأيام تورط جهة أجنبية فيها، على الأرحج هي اسرائيل.

أما حادث كنيسة القديسين بالأسكندرية، فلا أظن أن اسرائيل متورطة فيه بأي شكل من الأشكال. لأن الحادث كان من الممكن أن تكون له تبعات خطيرة جداً قد تخلق حالة اضطراب في مصر. ليس من مصلحة اسرائيل زعزعة الإستقرار في مصر، خاصة أن ذلك الحادث من الممكن أن يقوي أعداءها الإسلاميين. وهناك تخوف اسرائيلي من وضع أيديها في الشأن المصري بهذه الطريقة الخطرة، وفي حالة كشفها، ستكون لها تداعيات خطيرة على العلاقات بين البلدين على المستويين الرسمي والشعبي.

هل تشهد المرحلة المقبلة المزيد من العمليات الإرهابية في مصر؟

لدي قناعة راسخة بأن أحداً في العالم لم يساهم في إنجاح فكر "القاعدة" والتجنيد الذاتي لها، سوي السياسة الأميركية السئية تجاه الدول الإسلامية والعربية خاصة في أفغانستان، والعراق، وفلسطين، وطالما بقيت السياسة الأميركية على حالها تجاه العالم العربي والإسلامي، ستظل احتمالات القيام بعمليات جديدة قائمة في مختلف أنحاء العالم. لكن الأمر في مصر مختلف تماماً، حيث إن فداحة الحادث الأخير، قوبلت برفض مجتمعي عارم، وأدي إلي تنبيه الأجهزة الأمنية بقوة، مما قد يمنع تكراره مرة أخرى، وسيظل احتمال وجود أو ولادة مجموعات صغيرة قائماً.

في إعتقادك، ما تأثير الحادث على العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر خلال الفترة المقبلة؟

أدى إلي زيادة التوتر والإحتقان بين الطرفين، خاصة أنه كان بمثابة المفجر الذي أدى إلي تفجير القنبلة بكل ما فيها، فقد ساهم الحادث في تفجير أو فتح كل الملفات والمشاكل التي كانت ومازالت عالقة منذ سنوات طويلة. ولن تكون العلاقات بين المسيحيين والمسلمين، أو العلاقات بين المسحيين والدولة كما كانت في السابق أبداً أبداً.

وما السبيل إلى القضاء على حالة الإحتقان الموجودة لدي المسحيين؟

الأزمة الحقيقية في مصر، ليست في المسيحي والمسلم، بل في المصري، فرغم اعترافنا، بأن الأقباط لديهم مشاكل خاصة في بناء الكنائس وتولي بعض الوظائف القيادية في بعض مؤسسات بالدولة، إلا أن المشكلة الأعمق هي أن الغالبية المسلمة التي حصلت على حقها في إقامة المساجد محرومة أيضاً من التمتع بحقها في تولي الوظائف القيادية في كافة المؤسسات، حيث صارت حكراً على فئة أو شريحة اجتماعية معينة، إذن فكلاهما يعاني من مشاكل عامة.

ولو سمحت الدولة للمسيحيين بالإلتحاق بالوظائف التي يريدونها، لن تصل إلا للفئة أو الشريحة الإجتماعية المسيطرة عليها فعلياً. فالأزمة تتمثل في التمييز الإجتماعي ضد المصريين بصفة عامة وليس المسيحيين فقط، ولن تحل المشكلة العامة، بوضع حلول للمشكلة الخاصة، إننا في حاجة إلي توزيع عادل للثروة واقرار للديمقراطية وتداول سلمي للسلطة. وفي إعتقادي أن الدولة هي صانع المشاكل، وهي القادرة على صنع المساواة.ً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *