ورحمتي وسعت كل شيء علما

مراسل حيفا نت | 21/02/2020

ورحمتي وسعت كل شيء علما

الشيخ رشاد أبو الهيجاء

إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي

هذا العنوان سقته اليكم من قوله تعالى ( واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا اليك . قال : عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء علما فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون ) ويفهم من هذا العنوان ان الله جل في علاه يغفر الذنوب جميعا لمن اتقى  واستقام على امره فمن تاب الى الله نجى ومن توكل عليه كفاه هم الدنيا والآخرة لان ربنا كتب على نفسه الرحمة لذلك يجري طمأنينة النفس والسعادة في قلوب عباده الذين ذلوا لجلاه وخضعت له رقابهم خاشعة مستسلمة وهو يرددون مع كتابه ( قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا )والقائل لنبيه صاحب الشفاعة الكبرى ( فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ) فان كانت رحمة ربنا واسعة فلماذا لا نلجها من أوسع أبوابها بصدق نية وإخلاص ونذر الذنوب والمعاصي حتى يطهرنا ربنا ويرفع من قدرنا ومكانتنا بين الملأين

يا أيها العبد المسيء الى متى      تفني زمانك في عسى ولربما

بادر الى مولاك يا من عمره     قد ضاع في عصيانه وتصرما

وكن على يقين ان الله يغفر الذنوب جميعا فلا تقنت من رحمة الله الواسعة روى عقيل بن احمد عن علي كرم الله وجهه انه قال ما في القرآن اية أوسع من قوله تعالى ( قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا ) ولذلك من دعا الناس لعبادة الله فلا يقنطهم من رحمته فعن زيد بن اسلم انه ذكر رجل من الأمم السابقة كان يشدد على نفسه بالعبادة ويقنت الناس من رحمة الله  فادخله الله النار فقال : يا رب اين عبادتي واجتهادي ؟ فقال له : انك كنت تقنط الناس من رحمة الله  ويدعم هذه الرواية ما جاء عن رسول الله انه قال ( ان رجلا قال : والله لا يغفر الله لفلان . فقال الله : من ذا الذي يتألى علي ان لا اغفر لفلان , اني قد غفرت له واحبطت عملك )وهذه الآية نزلت لتبشر أناسا اصابوا ذنوبا في الجاهلية فلما جاء الإسلام ودخلوا فيه اشفقوا على انفسهم  منها فدعاهم الله بقوله ( يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) الآية , وهذا ما فهمه أصحاب رسول الله فعن ابن عباس ان رسول الله بعث الى وحشي يدعوه الى الإسلام فارسل وحشي الى رسول الله يقول يا محمد كيف تدعوني الى الإسلام وانت تزعم انه من قتل نفسا او اشرك او زنى يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا واني فعلت ذلك كله فهل تجد لي رخصة فانزل الله تعالى قوله ( الا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) فبعث رسول الله بها الى وحشي واصحابه فقال وحشي هذا شرط شديد علي لعلي لا اقدر عليه فهل غير ذلك فانزل الله تعالى ( ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن شاء ) فبعث بها رسول الله الى وحشي فقال وحشي اراني ابعد من شبهة فلا ادري يغفر لي ام لا فهل غير ذلك فانزل الله  ( قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا ) فبعث بها رسول الله الى وحشي واصحابه فقال وحشي : نعم هذه فجاء فاسلم هو واصحابه فقال المسلمون يا رسول الله هذه له خاصة ام عامة فقال عامة . ولمن لا يعرف من هو وحشي , انه عبد استأجرته هند امرأة ابي سفيان في معركة احد لقتل حمزة بن عبد المطلب  عم رسول الله حيث اغرته بقتله مقابل عتقه ومال ولما قتله شق صدره وأعطى كبده لهند لتأكله من شدة سخطها عليه  ومع ذلك عفى عنه رسول الله واراد ان ينقذه من النار بتوبة صادقة وكيف لا ورسول الله يروي عن ربه انه قال ( يا عبادي انكم تخطئون بالليل والنهار وانا اغفر الذنوب ولا ابالي فاستغفروني اغفر لكم ) وقال ( يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان منك ولا ابالي , يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ) وقال رسول الله ( إن الله تبارك وتعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ) فيا شبابنا ويا فتياتنا ارجعوا الى ربكم واستقيموا على امره حتى تكونوا من الفائزين  فعن عمر بن الخطاب قال دخلت على رسول الله فوجدته يبكي قلت ما يبكيك يا رسول الله قال ( جاءني جبريل عليه السلام وقال لي ان الله تبارك وتعالى يستحي ان يعذب أحدا شاب في الإسلام فكيف لا يستحي من شاب في الإسلام ان يعصي الله تعالى ) اخي الكريم اختي الكريمة ارحموا أنفسكم واتصفوا بصفة الرحماء وتوبوا الى بارئكم الغفور الرحيم فقد اخبرنا رسول الله عن ربه فقال ( ان الله تبارك وتعالى خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض , فأنزل الله منها رحمة واحدة فبها تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطير بعضها على بعض حتى الفرس لترفع حافرها عن ولدها خشية ان تصيبه فإذا كان يوم القيامة رد الله تعالى هذه الرحمة الى التسعة والتسعين فأكملها مائة رحمة فيرحم بها عباده يوم القيامة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *