أكَّد الفنان السوري، عباس النوري، أنَّ التاريخ العربي مليءٌ بالمحرَّمات والمواضيع الصالحة للمتابعة والعرض.
رفض الفنان السوري، عباس النوري، أنّْ يتم تداول مصطلح "مسلسل شامي" على العمل الذي سيبدأ تصويره قريبًا بعنوان "طالع الفضة" الذي قام بكتابته بالتعاون مع زوجته الكاتبة السوريَّة عنود الخالد.
وقال النوري لـ"ايلاف" أنَّه من الخطأ تناول العمل على المستوى الإعلامي كعمل شامي على الرغم من أنَّ أحداثه تجري في منطقة شاميَّة قديمة اسمها "طالع الفضة"، مبررًا كلامه بأنَّ الأعمال الشَّاميَّة مثل "باب الحارة" و"بيت جدي" هي أعمال استثمرت حالة البيئة الشَّاميَّة وشخصيَّاتها، وتمَّ التعامل معها على أساس عناصر الجذب الإعلاني والسياحي، وأصبحت الشام عبارة عن فتلة شوارب وسروال وعجقة ضرب، معتبرًا أنَّه من المعيب إقتصار مدينة عريقة كدمشق على المواصفات السابقة.
وأضاف أنَّه يحاول من خلال عمل "طالع الفضة" تقديم قصَّة اجتماعيَّة تجري أحداثها في ذلك الزمن، معتبرًا عمله تاريخي بإمتياز، من دون أنّْ يصنفه بالأعمال الوثائقيَّة كي لا تخلط المفاهيم، وقال إنَّ تاريخ "طالع الفضة" هو تاريخ دمشق منذ نهاية الخلافة العثمانيَّة الَّتي كرَّست الجهل والتخلف بدمشق إلى فترة الاستعمار الغربي وبدايات الحالة التنويريَّة ونتج عن تلك الحقبة اتفاقيَّة "سايكس بيكو" الَّتي لا يزال العرب يعاني منها حتَّى الآن.
وأشار إلى إنَّ كل الأعمال التَّاريخيَّة العربيَّة سواء في السينما أوالتلفزيون لا تقدم بشكل توثيقي بحت، لأنَّ التوثيق يدمر كل التابوهات والمحرَّمات، والتاريخ العربي مليء بالمحرَّمات.
ومن جانب آخر تحدَّث النوري عن الدراما السوريَّة في الموسم الماضي وقال إنَّها مرضية وناجحة في الكثير من جوانبها، وان لم تصل إلى مستوى طموح البعض لتشابك الأعمال وتشابهها، وإنَّ كل ما قدم مرهون بالمشاهد ونظرته، مضيفًا إنَّها تميَّزت بالقليل من الجرأة، مشيرًا بالوقت نفسه إلى المسلسل الذي يصوِّره حاليًا "تعب المشوار" مع المخرج سبيعي والذي اعتبره بأنَّه سيحمل جرأة أكبر، معتبرًا إنَّ الفنان عندما يعكس الحياة الواقعيَّة في الدراما فإنَّه لا يعني أبدًا الخروج من الرقابة، وإنَّما من واجب كل فنان تقديم كل ما يشبه الحياة ليؤكِّد احترامه لقناعات المشاهد اللذي لا يجب الاستهانة به من خلال تقديم أجمل الصور البعيدة عن الواقعيَّة، معتبرًا إنَّ مثل هذا الكلام يعتبر تواطئًا مع الرقابة ضيقة الأفق والنية.
وفي سياق آخر، تحدَّث النوري عن نتائج حملته الإعلاميَّة "القدس عاصمة أبدية للثقافة العربيَّة" الَّتي أعلن عنها العام الماضي قائلاً: "إنَّ كانت جولة فنحن ربحنا هذه الجولة ولا أستطيع نسب الإنتصار لنفسي إطلاقاً لأنَّ من شاركني التوقيع هم كثر من الزملاء الفنانين والمثقفين اللذين ساهموا مساهمة فعَّالة بتبني هذا الموقف، وأنّْ تكون القدس عاصمة أبديَّة للثقافة العربيَّة فهذا يشكل الضغط المعنوي على الأقل على المشهد الثقافي العربي، وأنا أشكر الدوحة ووزير الثقافة القطريَّة تحديدًا على تفهمه الأصيل وأعتبرهم هم من تبنوا هذا الموقف من منبر الدوحة عاصمة الثقافة عندما تمَّ إتخاذ قرار القدس عاصمة أبدية للثقافة العربيَّة".
واعتبر الفنان السوري إنَّ كل ذلك لا يكفي معتبرًا حملته جولة بسيطة، وليس غايتها خوض المعارك، وإنَّما الغاية هي في تأكيد حضور الثقافة العربيَّة المنطلقة من القدس كمدينة لكل الثقافات الَّتي تشكَّلت قبل الإسلام وقبل المسيحيَّة وحتَّى ما قبل اليهوديَّة.
ووصف النوري القدس بمدينة الله على الأرض أي إنَّها مدينة كل الأديان والثقافات، مستشهدًا بالحالة المعنويَّة والثقافيَّة في العالم حيث إنَّ أكثر من 95% من البشر يؤمنون بالقدس كقبلة للثقافة في أديانهم وصلواتهم وانتمائاتهم العرقيَّة.
وطالب النوري أنّْ يأتي هذا الكلام من الجامعة العربيَّة كونها مؤسَّسة دوليَّة وبإمكانها مخاطبة الأمم المتحدة لتبني في القدس أوَّل بيت للثقافة العربيَّة الَّتي تقبل التنوع والإختلاف من دون أن تكون ثقافة اسلاميَّة مغلقة أو مسيحيَّة ويهوديَّة مغلقة.




