ترقب الفلسطينيون بقلوب حزينة النيران التي اشتعلت في اشجار جبل الكرمل في مدينة حيفا وذلك قبل استنفار العالم لاخماد النيران المشتعلة المستمرة فيه. و انتابهم شعور بالحزن الشديد، باعتبار ان الاشجار التي تحترق "هي اشجارنا" اشجار الصنوبر والبلوط واللوز والعنب والزيتون.
وقال احد الشبان وهو يراقب امتداد النيران على قمم جبل الكرمل المطل على مدينة حيفا والمحمول على اكتاف البحر الابيض المتوسط ان "الكرمل يحترق"،بستان الله.
واوضح الصحفي عبدالباسط خلف لوكالة الانباء الكويتية (كونا) متذكرا المرة الاولى التي شاهد فيها حيفا والكرمل في خياله ان "علاقتي بالكرمل بدأت عندما كانت والدتي تروي لي حكاية قبل النوم ايام الطفولة".
وذكر ان والدته "رسمت لي بعفوية صورة الجبل السامق واشجاره الخضراء اذ لشدة شوقها الى الكرمل تجولت به في الخيال قبل مشاهدته بعيني" معربا عن ألمه لمشاهدة احتراق الكرمل.

واعرب عبدالباسط عن حزنه لسؤال ابنه البالغ من العمر ست سنوات "لماذا نحزن على الكرمل وهو ليس لنا فنحن لا ننعم بشجره ونسيمه وجماله وبحره" معبرا عن ألمه وحيرته على الماضي والمستقبل المتمثلين في والدته وابنه.
واضاف ان "جنتنا التي اختطفت وذكريات الصبا لوالدي ووالدتي ولالاف مثلهما خسرناها الف مرة وهاهي مصيدة النار تفقد ارضنا السليبة تاج عرسها وقرط بهجتها".
ومنذ اشتعال النيران في الاشجار الكبيرة اخذت احدى الفلسطينيات بالغرق في الذكريات تعود قبل 15 عاما عند زيارتها قرية (عين حوض) المقامة على احد سفوح جبل الكرمل والطريق المؤدية اليها التي تلتف من حولها الاشجار شاهقة الارتفاع وتشهد على كل من كان يقيم على هذه الارض قبل نكبة عام 48.
وقالت انها كانت المرة الاولى التي تشاهد فيها جبل الكرمل الذي تغنى به الشعراء والادباء وعند وصولها الى قرية عين حوض المهجرة "كان كل شيء ينطق العربية الشجر والصخر والبحر ومهما حاولوا طمس التاريخ فهم عاجزون".
وشكلت اغصان شجر الصنوبر المتشابكة وعصافيره وريحانه وزعتره البري ملاذا لعشاق الطبيعة ولكل من حاول اكتشاف اسرارها واطلاق خياله ليكتب الشعر ويتغنى بجمال البحر والجبل والسهل.
وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة القدس الدكتور عبدالمجيد سويلم ل(كونا) ان جبل الكرمل يسمى جنة فلسطين وهو من اجمل احراش الدنيا ومنطقة نادرة لا شبيه لها الا في ايطاليا ولبنان.
واعرب سويلم عن حزنه الشديد بسبب النيران المشتعلة "لان الحريق نال من تراثنا وتاريخنا وحضارتنا ووجودنا وملكيتنا غير القابلة للتصرف".
نهديكم قصيدة جمال حيفا للشاعر حسن البحيري
جَمال حَيْفَا
إذا كانَ الرَّبيعُ جَمالَ فَصْلٍ – يَرِفُّ بِزَهْوِهِ الحُسْنُ البَديعُ
"فَحَيْفا" حُسْنُها أَبَداً مُقيمٌ- وَ"حَيْفا" عُمْرُها أبَداً رَبيعُ
وُكُلُّ جَمالِ أَرْضٍ أَوْ فُتونٍ- أمامَ جَمالِ "كَرْمِلِها" يَضِيعُ
وَلَيْسَ كَمِثْلِ رَوْعَتِها ديارٌ- وَليسَ كَمِثْلِ بَهْجَتِها رُبوعُ




