عزف لاعبو برشلونة سيمفونية كروية رائعة توجوها بخمسة أهداف نظيفة وتاريخية في شباك ريال مدريد في قمة الكلاسيكو الإسباني رقم 159، والتي احتضنها استاد كامب نو الإثنين 29-11-2010، في إطار مباريات المرحلة الثالثة عشرة من الدوري الإسباني.
ولم يكن أكثر المتفائلين بفوز برشلونة أو المتشائمين بخسارة ريال مدريد يتوقع هذه الخسارة المذلة للنادي الملكي، لكن برشلونة استحق عن جدارة هذا الفوز بفضل أداءه الرائع ومستوى لاعبيه المتميز لدرجة أن المتابع للمباراة أحس أن برشلونة كان يلعب في حصة تدريبية على ملعبه.
وسيطر برشلونة تماماً على مجريات المباراة، وسط لعب دفاعي من الريال الذي شن هجمات على استيحاء، بينما كانت عجلة الهجمات الكاتالونية تدور طوال الـ90 دقيقة بقيادة ميسي وتشافي وإنييستا، ما منح فريقهم خمسة أهداف جاءت على مدار شوطي المباراة.
ولم يظهر لاعبو ريال مدريد خصوصاً رونالدو وبنزيمة وزملائهم بمستواهم المعهود، وكانت هجماتهم دون خطورة حقيقة على مرمى فالديز حارس برشلونة الذي بدا مرتاحاً طوال المباراة.
وإرتكب لاعبو مدريد حماقتين، حيث طُرد سيرجو راموس من المباراة بعد تدخله العنيف ضد لونيل ميسي، كما اعتدى على بويول لاعب برشلونة، في حين كان الاستفزاز الأكبر لبرشلونة حين دفع كريستانو رونالدو مدرب برشلونة غوارديولا أثناء محاولته ‘عطاءه الكرة وسط دهشة الجميع.
ولم يخسر ريال مدريد المتخم بالنجوم في أي مباراة بكافة المسابقات التي يشارك فيها الفريق منذ بداية الموسم الحالي حتى، لكنه تراجع الآن إلى المركز الثاني في الدوري الإسباني بنقطتين وراء برشلونة الذي انتزع الصدارة بعد مرور 13 جولة برصيد 34 نقطة.
إحصاءات المباراة
أظهرت إحصاءات المباراة أن برشلونة كان الطرف الأفضل طوال المباراة، حيث استحوذ لاعبو على الكرة بنسبة مضاعفة وصلت إلى 67% مقابل 33% لريال مدريد.
وأوضحت الأرقام أن برشلونة قام بتمرير نحو 650 تمريرة على الأقل، حيث كان منها نحو 89% صحيحة مقابل 74% لتمريرات ريال مدريد. وكان لاعب برشلونة تشافي هو الأكثر تمريراً في اللقاء حيث وصلت تمريراته إلى 110 تمريرة خلال المباراة.
أما المحاولات الخطرة والمحققة على المرمى فكانت 15 لمصلحة برشلونة بالاضافة للأهداف الخمسة، بينما كانت 5 لريال مدريد منها اثنتين فقط على المرمى.
وصف لاعبو برشلونة انتصارهم الكبير على ريال مدريد 5-0 بأنه "فوز للتواضع"، بينما اقتصر الأمر بلاعبي النادي الملكي على تنكيس الرأس والصمت.
أوجز الظهير البرازيلي دانييل ألفيس، مشاعر النادي الكتالوني بعد الفوز بقوله "لا نضع سقفا لطموحاتنا أبداً. قلنا: أصبحنا هنا وعلينا تقديم الإجابات داخل الملعب. قدمنا دليلاً على أن التواضع في كرة القدم أمر مهم دائما".
ورد ألفيس بذلك على صحفي برتغالي، سأله عن تصريحات عدة أدلى بها البرتغالي جوزيه مورينيو المدير الفني لريال مدريد قبل اللقاء، وكذلك مواطنه ونجم فريقه كريستيانو رونالدو.
وتأخر لاعبو برشلونة كثيراً في الخروج من غرفهم، ما يشير إلى أن الفوز العريض على ريال مدريد تم الاحتفال به بالشكل الذي يستحقه كانتصار كبير.
وقال المهاجم ديفيد فيا، الذي أحرز هدفين في المباراة، "إنه انتصار لأسلوب لعب، لم يتمكن ريال مدريد من السيطرة على نصف ملعبنا، أكبر نقطة قوة لدينا. فضلاً عن النتيجة الكبيرة، تشير نسبة الاستحواذ إلى ما حدث".
وأكد أندريس إنييستا، أحد أبرز لاعبي برشلونة، أن "الفريق عاد إلى تقديم وجه رائع. لقد حققنا نتيجة كبيرة جداً. هذه المباراة لن تمنحنا لقب الدوري على الإطلاق لكنها خطوة أخرى.. كان الأمر رائعاً".
وأضاف المدافع كارليس بويول "كانت النتيجة جيدة جداً في مباراة خاصة. كل الأمور خرجت منا على نحو طيب ونحن في غاية السعادة. لقد لعبنا مباراة متكاملة. بدأنا بهجوم كبير، والأمور مضت جيداً. إننا سعداء ويبقى لنا الاستمتاع به".
في المقابل، رفض جميع لاعبي ريال مدريد الإدلاء بتصريحات، في موقف لم يحدث من قبل، ولم يظهر من النادي أمام وسائل الإعلام سوى مديره الفني جوزيه مورينيو ومديره العام خورخي فالدانو.
وقال فالدانو، في محاولة لتبرير رفض لاعبيه التحدث إلى جماهيرهم بعد الهزيمة، "يفضل اللاعبون الصمت بدلاً من ارتكاب أخطاء". كما استغرب من طريقة مورينيو الذي بقى جالساً طوال المباراة وردة فعله الباردة تجاه النتيجة الساحقة. وتابع "لم يقم بأي تصحيح في اللقاء. حتى انه لم يترك اليوم مقاعد البدلاء".
غوارديولا: سعداء لفلسفتنا الهجومية
وعبر المدير الفني لبرشلونة غوسيب غوارديولا عن سعادته بالفلسفة الهجومية لفريقه، مؤكداً أن فريقه ليس الأفضل في تاريخ برشلونة ولا في العالم، ولكنه يترك الحكم للناس كي تقرر من الأفضل مع مرور الوقت.
وقال غوارديولا "لقد فزنا في برنابيو 6-2 (عام 2009) وأحرزنا اللقب، لكننا لا نزال حالياً في نوفمبر/ تشرين الثاني. ريال خصم قوي وسيكون الصراع قوياً في نهاية الموسم على اللقب".
وتابع غوارديولا "أن تهزم الفريق الأكثر تتويجاً في الدوري ودوري أبطال أوروبا يمنحك ارتياحاً حقيقياً ونحن سعداء للبقاء أوفياء لفلسفتنا الهجومية والسيطرة على اللعب بأسلوبنا".
وأهدى غوارديولا الفوز إلى مدربي الفريق السابقين كارليس ريكاستش وأسطورة النادي الهولندي يوهان كرويف اللذين كانوا من السباقين في فرض أسلوب لعب برشلونة "أهديهما الفوز، لأن هذا النصر في طور التحضير منذ 15 عاماً، وهما آمنا بطريقة اللعب هذه. لا يمكن ايجاد فريق في العالم يرفه عن الناس ويمنحهم السعادة كما نفعل نحن".
مورينيو: نستحق الخسارة
أما البرتغالي جوزيه مورينيو، المدير الفني لريال مدريد، فاعترف بأن خسارة فريقه أمام برشلونة 0-5 كانت الهزيمة الأسوأ في مسيرته كمدرب، لكنه أكد على ضرورة تقبل هذه الهزيمة.
وقال مورينيو عقب المباراة إن فريقه لم يكن يستحق مثل هذه الهزيمة لكنه خسر بالفعل، مشيراً إلى أن القرارات التحكيمية كانت مؤثرة بشكل كبير في المباراة.
وعن اهتزاز شباك ريال مدريد بخمسة أهداف، قال مورينيو إن عدد الأهداف لا يغير شيئاً وأضاف أن الفوز كان مستحقاً وكذلك الهزيمة كانت مستحقة.
وقال مورينيو إن فريقه لم يصبح متخلفاً بفارق كبير في الدوري الأسباني عن برشلونة وأنه سيحول تركيزه إلى المواجهات المقبلة ويواصل مشواره من أجل تحقيق هدف الفوز باللقب.
وأضاف مورينيو إن برشلونة فريق قوي، مشيراً إلى أنه قال من قبل إنه رغم فاعلية ريال مدريد، لا يزال الفريق يحتاج إلى المزيد من العمل.
وأوضح مورينيو إن الهزيمة يسهل تحليلها ويجب على الفريق تقبلها، وكشف عن أنه تحدث إلى اللاعبين لدقيقتين عقب انتهاء المباراة وقال لهم إن البطولة لم تنته بعد وإنه يجب عليهم إظهار شخصية قوية لاستعادة التوازن ومواصلة مشوار الريال في الدوري.
تاريخ الكلاسيكو
وهو الفوز الخامس على التوالي لبرشلونة على ريال مدريد في الكلاسيكو في الأعوام الثلاثة الأخيرة بعد 2-0 و6-2 موسم 2008-2009، و1-0 و2-0 موسم 2009-2010. كما أنها المرة الخامسة التي يفوز فيها برشلونة على ريال مدريد بخماسية في تاريخ مواجهة الفريقين.
وهو الفوز الـ63 لبرشلونة مقابل 68 خسارة في 161 مباراة مع النادي الملكي في الدوري، والفوز الـ82 في مختلف المسابقات مقابل 95 خسارة في 213 مباراة في مختلف المسابقات بين الفريقين.
يُذكر أن المرة الأخيرة التي تغلب فيها ريال مدريد على برشلونة في كامب نو كانت 1-0 عام 2007 بهدف وحيد سجله البرازيلي جوليو باتيستا.
وهي الخسارة الأولى لريال مدريد في الدوري هذا الموسم، والأولى له بعد 26 مباراة متتالية دون خسارة في مختلف المسابقات، وتحديداً منذ سقوطه أمام برشلونة بالذات 0-2 في 10 أبريل/ نيسان الماضي، والأولى بقيادة مدربه البرتغالي جوزيه مورينيو.





