يا “لعّيب” يا “خربيط”!

مراسل حيفا نت | 12/06/2019

يا “لعّيب” يا “خربيط”!

د. منعم حدّاد

هو قول كان يطلقه الأولاد في زمن مضى، حين كانت البيادر ملاعبهم، يوم كانوا يجتمعون للعب  وينتظمون في فريقين، مناصفة، هذا ينضمّ لهذا الفريق وذاك ينضمّ للفريق الآخر، ويحدث أن يبقى في النهاية ولد وحيد، عندما يكون عددهم فردياً، فيطلب ضمّه إلى أحد الفريقين، ليبدأوا بممارسة ألعابهم، أو يأتي مشاكس أو مشاغب أو ثقيل ظلّ متأخراً، فيطلب ضمه إلى اللاعبين، ويهدد قائلاً:” يا لعّيب يا خربيط” أي أو أن تشركوني في ألعابكم، أو “أخربط” لكم هذه الألعاب، و”أشوّش” عليكم وأتسبب في إيقاف اللعب.

ويتذكر المرء هذا القول عندما يتابع ما تحمله الأخبار عن رئيس حكومتنا الرشيدة وحلّ الكنيست الحادية والعشرين، قبل أن يجف الحبر على ورق انتخابها، وحتى قبل أو “يتذوق” أعضاء الكنيست الجدد طعم عضوية البرلمان، فبادر رئيس الحكومة الرشيدة السيد نتنياهو وائتلافه لحلّ الكنيست!

ونحن لسنا خبراء قانون، لكن قيام رجال قانون ومحامين بالالتماس إلى محكمة العدل العليا ضدّ حلّ الكنيست – كما جاء في الأخبار – يشير إلى أن عملية الحلّ هذه يجوز ألا تكون في مكانها وكان يجب اتّخاذ خطوات أخرى…

وكما يمكن أن يفهم كان على السيد نتنياهو عندما فشل في تشكيل الحكومة أن يعيد التكليف إلى رئيس الدولة لكي يكلف عضو كنيست آخر ليحاول هو تشكيل الحكومة…

لكن نتنياهو أسرع يبادر لحلّ الكنيست بناء على بند قانوني معين، ليحول دون تكليف أي عضو كنيست آخر بمحاولة تشكيل حكومة جديدة… مما يذكّر ولو من بعيد بالقول: يا لعّيب يا خربيط، أي إما أن يشكل الحكومة نتنياهو ولا أحد سواه، أو أن يبادر لحلّ الكنيست وإجراء انتخابات جديدة بعد إجراء الانتخابات الأخيرة بخمسة أشهر فقط!

وأشد ما يخشى أن تسفر الانتخابات القادمة – والتي تكلف خزينة الدولة بضعة مليارات من الشواقل يدفعها المواطنون من جيوبهم – عن نتائج مشابهة لنتائج الانتخابات السابقة، ويصبح الوضع أشبه بحال لبنان في وقت قريب سابق!

القاضي بـ”قم”، بينيت وشاكيد:

تذكّر الطريقة التي تمّ بها عزل الوزيرين بينيت وشاكيد من وزارتي التربية والعدل/القضاء بمكالمة هاتفية من سكرتاريا الحكومة والتي لم تشر الأخبار إلى أن لقاء جرى بين رئيس الحكومة والوزيرين المعزولين قبل عزلهما ولا حتى مكالمة تلفونية بينه وبينهما بطريقة عزل “القاضي بقم”، رغم البون الشاسع بينهما!

ويحكى أن “حاكم” البلاد الإيرانية آنذاك كان مولعاً بالسجع شغوفاً به إلى حدّ بعيد، وحدث أن زار مدينة “قم” ذات يوم، ووقف يخطب في الناس، وعلى رأسهم قاضي المدينة، فابتدأ يخطب قائلاً “يا أيها القاضي بقم…”

وأرتج عليه ولم يجد سجعاً آخر يواصل به خطبته، فلم يجد أمامه سوى أن يكمل قائلاً: “قد عزلناك فقم”، وهكذا تمّ عزل ذلك القاضي…

الــســتّ ســارة!

الست سارة عقيلة رئيس الوزراء السيد نتنياهو، وشريكته في السراء والضراء، شأنها شأن كل زوجة وفية مخلصة…

وقد حكم على الست سارة هذه قبل مدة قصيرة وفي أعقاب صفقة ادعاء بإعادة خمسة وخمسين ألف شاقل لخزينة الدولة (ومسامحتها بباقي الــ 359 ألف شيكل التي كانت مطالبة بها)…

ولا يسع المرء إلا أن يحسدها… لأن ما ستعيده لا يزيد كثيراً عن 15% مما كانت مطالبة به، أفلا تحسد على ذلك؟ ألا يحقّ للمواطن البسيط العادي أن يسدد فقط 15% مما يطلب منه أن يسدده؟ أم أن هذه هي الست سارة وهي ليست ككل المواطنين؟

ونقلت الأخبار مؤخراً عن الست سارة قولها أن لا مجال “لتحصين” مكان للست أييلت شاكيد في قائمة مرشحي الليكود للانتخابات القادمة…وذلك بعد أن قام رئيس الحكومة بفصل شاكيد ونفتالي بينيت من الوزارتين اللتين كانا يشغلانهما.

والست سارة كزوجة مخلصة وفية تتمتع بكامل الحق والحرية في أن تتدخل في شؤون زوجها وفي شؤون حياته الخاصة والعامة…

لكن في تشكيل قائمة مرشحي حزبه لانتخابات البرلمان؟

ثم من يجزم على أنها لا تتدخل في كل ما يقوم به فخامته وتملي رأيها هي عليه؟

أحياناً يتمازح الناس وخاصة الرجال ويعيّر بعضهم بعضاً بخصوص إطاعة الزوجة والإذعان لطلباتها / أوامرها!

أما إذا ثبت فعلاً أن السيد بيبي سيستبعد أييلت شاكيد بناء على طلب الست سارة، فستصبح طاعة الزوجة طاعة عمياء مفخرة وسبباً للتفاخر والمباهاة ورفع الرأس!

فإذا كان رئيس الحكومة يذعن لأهواء زوجته، ولا يردّ لها طلباً، فلا عتب على المواطن العادي!

سموتريتش، داود، سليمان:

عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش لا يخفي رغبته في تسلم مقاليد وزارة القضاء أو العدل في الحكومة العتيدة، واعتماد شريعة التوراة وقوانينها، والعودة إلى أيام الملك داود والملك سليمان…

فيا له من حلم جميل رائع…

لكن عضو الكنيست سموتريتش لا يصرح بدقّة عما يحلم بالعودة إليه من أيام داود وسليمان…

فهل يحلم بالعودة إلى أيام داود البطل الذي صرع جليات الجبار بضربة من مقلاعه وهو ما زال في ريعان الشباب؟

أم إلى أيام داود صاحب أعذب الألحان وأشجى المزامير وأروعها؟

أم إلى أيام داود الذي استقدم بثشيبع المتزوجة وضاجعها وحملت منه وعند ذلك أرسل إلى قائده يوآب ليتسبب في مقتل زوجها المحارب أوريا الحثّيّ؟

وماذا يستهويه من أيام سليمان؟

هل هي حكمة سليمان أحكم اهل الأرض الذي تكلم حتى بلغة الطير…وجاءت بلقيس من أقاصي الأرض للتعرف عليه…

أم سليمان صاحب سفر نشيد الإنشاد على ما فيه من شعر رائع؟

أم سليمان صاحب سفر الأمثال الذي لا مثيل له؟

أم سليمان صاحب سفر الجامعة الذي جمع فيه خلاصة الحكمة البشرية؟

أم سليمان الذي تزوج ثلاث مئة زوجة (شرعية) وسبع مئة سريرة / جارية من مصريات وفينيقيات وغيرهن وفتح لهن باب الهيكل على مصراعيه لينصبن فيه تماثيلهن وأصنامهن؟

من كيس غيرك…

“من كيس غيرك يا مذرّي ذرّي” يقول المثل، أي على حساب / من كيس/ من أموال غيرك ايها المبذّر بذّر!

وما أشدّ ما ينطبق هذا المثل على الرئيس الأمريكي ترامب!

فهو يعترف بضمّ إسرائيل لهضبة الجولان، وكأنها ملك ورثه عن أبيه أو حصل عليه بطريق ما!

وقد ردّ عليه “غوار الطوشة” بأن وقّع فرماناً يعترف فيه – كما أذكر – بإعادة ولاية كاليفورنيا إلى المكسيك…

ولا يتخلّف عنه السفير فريدمان، الذي يصرح أن من حقّ إسرائيل ضمّ أجزاء من الأراضي الفلسطينية إليها…

فكأنه هو الآخر ورث المناطق الفلسطينية أباً عن جدّ!

ولكليهما يقال “يا مذرّي من كيس غيرك ذرّي”!

وما كان أصدق إيليا أبو ماضي عندما قال في “وعد بلفور”:

ألا ليت ” بلفور ” أعطاكمبلادا له لا بلادا لنا
” فلندن ” أرحب من قدسناو أنتم أحبّ إلى ” لندنا “
ومنّاكم وطنا في النجومفلا عربيّ بتلك الدنى!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *