مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة يدين مجزرة كنيسة سيدة النجاة

مراسل حيفا نت | 07/11/2010

بملء الحزن والأسى تلقينا أنباء المجزرة الوحشية التي استهدفت يوم الأحد الماضي (31 تشرين الأول 2010) مئات المسيحيين أثناء القداس الإلهي في كنيسة "سيدة النجاة" للسريان الكاثوليك في بغداد، فخلّفت حوالي ستين شهيداً بين كهنة ورجال ونساء وأطفال، ومثلهم جرحى ما لبث بعضهم أن فارق الحياة.
كلام الشجب والاستنكار والإدانة لم يعُد يكفي أمام هول ما يحدث ويتكرر في العراق بحق المسيحيين منذ سنوات، إلى أن كانت قمة الجنون الهمجي في مذبحة يوم الأحد. فنحن قبل كل شيء، أمام جثامين الشهداء الأبطال، وأوجاع الجرحى الأبرياء، وآلام ذوي الضحايا والمصابين، نخشع ونركع ونصلي، سائلين المسيح الرب أن يتقبل في مجدَ حبّه، القافلة الجديدة من الشهداء الأبطال، الذين ينضمّون إلى ملايينِ مَن سبقوهم، من أيام إستفانس إلى اليوم، وأن يبلسم بحنانه ألام الجرحى، فيخفف أوجاعهم، ويمنحهم الشفاء السريع الكامل. أما الأهل والأصدقاء وجميع المحبين، الذين اكتووا بفراق أحبتهم، وبلوعة الأرامل والأيتام والمشردين، فلهم، مع محبتنا وعميق مؤاساتنا، صلاتنا الحارة إلى الرب يسوع، "أن يمسح عن كل وجهٍ كل دمعة". كما نطلب إلى العذراء "سيدة النجاة" أن تسكب تعزيتها في قلوبهم، فتمنحهم الشجاعة ليبقوا أقوى من المحنة، كما ظلّت هي عند الصليب "واقفة"، ما وهَنَ إيمانها ولا قوّتها.

 

وكنيسة الأرض المقدسة، إذ تؤاسي أختها في العراق، تستصرخ ضمير كل مسؤول هناك، بدءًا من الحكومة العراقية، للسهر على حماية جميع مواطنيها، ولاسيما الذين أصبحوا بلا حماية، إذ لا سلاح لهم ولا ميليشيات، بل ذنبهم الوحيد هو تمسكهم بإيمانهم، وبأرض آبائهم وأجدادهم، التي هي أرضهم منذ كانت وكانوا، والتي ضحوا في خدمتها وازدهارها والدفاع عنها بكل غالٍ ورخيص. فقد حان أن يتحمل المسؤولون مسؤوليتهم، فيتصدوا إلى من فقدوا حسّ الإنسانية، فيلجموا فيهم نهم التعطش إلى الدم، فيحاسِبوا ويعاقبوا كل مخطِّطٍ أو منفذٍ لتلك الأعمال الإجرامية. كما نستصرخ ضمير كل مسؤول عربي ومسلم، من خلال جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي العالمي، بل ضميرَ كل ذي حسٍّ إنساني، أو مسؤول، حتى في منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، أن يعوا، قبل فوات الأوان، خطر أن يسخّر البعض الأديان لصراع الحضارات أو القوميات، فتنقلب المكيدة حروبَ إبادة على الجميع لا سمح الله.

وفيما نكرر تعازينا الحارة إلى جميع إخوتنا الذين آلمتهم الفاجعة، بل إلى الشعب العراقي بأسره، مسيحييه ومسلميه، وقد أثخنتهم جميعًا جراح الحرب الطويلة، نتوجه إلى جميع أبنائنا في الأرض المقدسة، كهنة ورهباناً وراهبات وعلمانيين، إلى الرعايا والأديار والمؤسسات على اختلافها أن يجعلوا من أيام الجمعة والسبت والأحد  (5 و 6 و7 الجاري) ثلاثية تضامن مع كنيسة العراق المتألمة، وأيام صلاة لأرواح الشهداء، ودعاء لشفاء الجرحى وتعزية المحزونين، وابتهال لتقوية وتثبيت المؤمنين: لاتخَفْ أيها القطيع الصغير … لا أدَعكم يتامى… أنا معكم إلى انقضاء الدهر. ورسالتنا، كما جاء في سينودس الشرق الأوسط قبل أسبوعين، أن نكون شركة وشهادة، فنتعاون معا، مسيحيين ومسلمين، في بناء ونهضة بلادنا وشعوبنا، والسعي معا إلى إرساء السلام والاستقرار، على أسس الثقة المتبادلة، وإشاعة قيَم العدالة والكرامة، وحرية الضمير والتعبير، واحترام حقوق الإنسان كل إنسان، لأنه صورة الله وخليفته على الأرض.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *