شرف العائلة القاني- بقلم : زهير دعيم – عبلين

مراسل حيفا نت | 20/10/2010

بالامس القريب اخترقت في مدينة الّلد،  رصاصات غاشمة جسد سيّدة عربيّة في الثلاثين من العمر وامّ لأطفال ، فتركتها جثة هامدة.
 واليوم المسرحية البائسة عينها ، والرصاصات المنفلتة ، المعربدة نفسها ، تخترق جسد أمرأة لدّاوية عربيّة اخرى وامّ لأطفال خمسة ، وفي الثلاثين من العمر، فتقطف شبابها..
كلّ هذا والشيطان يضحك ويقهقه …. يتلمّظ قائلا : مرحى…برافو…الأمور تسير على ما يرام ، شرف العائلة يجب أن يصان !!! أن يُغسَّل بالدم والقتل والرصاص، يجب أن يُنقّى باختزال النفوس ، واختطاف الأرواح مشفوعًا بأزيز الرصاص والعنف المبارك!!!
  أمّا أنا فأكاد أن أصاب بالجنون، فاصرخ الى ربّ السماء : رحماك يا ساند الضعفاء ، وعاضد المظلومين ، رحماك .ارحمنا من هذا العنف الظالم ، هذا العنف الذي يأبى باسم الشرف إلا  ان يقطف زهرات يانعة من بساتيننا.
 أكاد أجنّ !!! وأتساءل : هل الشّرف في الشرق كلمة مرادفة للمرأة فقط ؟ أليس للرجل شرف ؟ وإلا ما بال هؤلاء العتاة المجرمين يسرقون حياة النسوة بحجة الشَّرف ؛ شرف العائلة ، ولا يعرفون أنّ بعملهم  الفظّ هذا انما يُلوّثون شرف العائلة والحمولة والقبيلة والأمّة ، بل شرف الشرق برمته.
   مَن أقام هؤلاء ديّانين ، ومن أعطاهم الحقّ بمحاكمات ميدانيّة ، شوارعيّة ، رعاعيّة وبربريّة يعجز قلم الألمعي عن وصفها ؟
  لنفرض جدلا أنّ هناك زانية _ وأنا اشكّ في الأمر_ فهل تزني المرأة وحدها ؟ أليس هناك من زانٍ معها أو زناة ؟
  لماذا لا يُعاقبون حسب شريعة هؤلاء القتلة ؟
  أم أنّ الرجل له الحقّ في اتيان هذا الإثم بصفته رجلا بل قل فحلا ، وأنّ من حقّه أن يتباهى " بخروجه" مع هذه المرأة وتلك السيدة ، يتباهى في المجتمعات بصولاته الغرامية وغزواته ، فنروح نُصفِّق لرجولته وفحولته.
   جريمة نكراءهذه الفعلة المسماة " شرف العائلة " ومجرم هو المجتمع الذي يُصفّق للقتل بسبب العائلة وشرفها !!!
 لعن الله هذا الشّرف ان كان يُزكّى فقط بالقتل والمسدّس .
  لعن  الله هذا الشرف ان كان الرصاص الحيّ هو الحكم والقاضي ، والعنف هو السيّد.
  اذكر الربّ يسوع يوم جاؤوا الية بامرأة امسكت بذات الفعل ، وكانوا شيوخًا وشبّانا ، وأرادوا ان يحكم عليها بالرجم حسب الشريعة.

    كتب السيّد على التراب ، وكأني  به يكتب خطايا كل واحد من المشتكين ، ثمّ رفع رأسه قائلا للجمع : " من منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر 
  انسحب الجميع الشيوخ قبل الشباب ، انسحبوا يجرّون ذيل الهزيمة . أمّا هو فرفع رأسه اليها بحنان وقال : ألم يدنك أحد …
  -لا يا سيّد.
 – ولا أنا ادينك ..اذهبي ولا تخطئي أيضًا.
 لا أظنّ ان الله الذي نحبّه ويحبّنا يرضى بهذا العمل الاجراميّ .
 لا أظنّ أنّ النفوس الحُرّة ، المتحضرّة تقبل بمثل هذا التّصرّف الهمجيّ .
 لا أظنّ  ان الضمير الانسانيّ الحيّ يقبل مثل هذه الجرائم .
  كل يوم نسمع ونشاهد ونلمس القتل تحت ستار شرف العائلة ونصمت صمت أهل القبور….نتأفف ونمشي.
 ويأتي المشهد الثاني من المأساة بعد عدة أيام ،  ودم الضحية السابقة ما زال طريًّا على الرصيف وصارخًا الى السماء..فنتأفّف ونمضي.
  لقد اعتدنا على الجريمة ، اعتدنا ان نرى ارواح النسوة تسرق وتختطف بحجج واهية ، عبثية ونصمت ، وكأننا بزمن الجاهلية والعصور الوسطى .
 وأسأل ويسأل معي الضمير الانسانيّ الحيّ :
الى متى سيستمرّ هذا المسلسل القذر ؟
 الى متى سيبقى الرصاص هو سيّد الموقف؟
 الى متى سيبقى الشّرف منوطًا فقط بالنساء ؟
 الى متى ستبقى النسوة عرضة للقتل والظلم ونحن نقف مكتوفي الأيدي ؟
 اين الحكم المركزّي ؟
 اين رجال الدين ليقولوا للأعور أعور ، وليقولوا ان هذا حرام ومليون حرام؟
  دم أخيك يصرخ اليّ قال الربّ يوم قتل قايين أخاه هابيل واليوم ما زال الربّ صارخا ..
دم اختك يصرخ اليّ.
 كفى … كفى ..لقد وصل السيل الزُّبى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *