بدء اختفاء النحل يهدد بكارثة إنسانية :تفنى البشرية بعد 4 سنوات من انقراضه

مراسل حيفا نت | 11/10/2010

«إذا اختفى النحل من وجه الأرض، تبقت للبشرية اربع سنوات قبل فنائها. فبدون نحل لا يكون تلقيح، وبدون تلقيح لا يكون نبات، وبدون نبات لا يكون حيوان، ثم لا إنسان»… هذه الكلمات المخيفة لا تنسب لشاعر يتبعه الغاوون وإنما لألبرت آينشتاين نفسه.
وتصبح هذه الكلمات المخيفة مرعبة إذا علمنا أن العلماء ينظرون بحيرة مطبقة الى حقيقة أن النحل – وخاصة نحل العسل المسؤول عن تلقيح النباتات – يختفي بالجملة في مختلف أرجاء العالم ولسبب أو أسباب لا يعلمها أحد حتى الآن. وقد تنبّه أصحاب مزارع النحل والمزارعون والعلماء في اميركا الشمالية لهذه الظاهرة منذ العام 2006، وأطلقوا عليها اسم Colony Collapse Disorder «خلل انهيار مستعمرات النحل» الذي يشار اليها اختصاراً بالأحرف CCD.
وبحلول 2007 سُجل انخفاض في عدد النحل في الولايات المتحدة بنسبة 32 في المائة. وفي 2008 بلغ الانخفاض 36 في المائة، ثم 29 في المائة العام الماضي، ويتوقع لإحصاءات العام الحالي أن تكون بنفس الدرجة من السوء إن لم تكن أسوأ تبعا لمختلف المصادر العلمية التي ظلت تتناول هذا الخبر على صفحات الإنترنت خاصة في الآونة الأخيرة. ويذكر أن المعدل المعتاد للنافق سنويا من النحل يتراوح ما بين 15 و20 في المائة. ولهذا فإن تلك النسب المرتفعة مصدر حقيقي للقلق، خاصة وأن السبب في اختفائه يظل مجهولا. وإذا كان ثمة خبر وحيد يبعث على الأمل، فهو أن الأضواء بدأت تسلط ساطعة على هذا الأمر مما يعني أن بوسع العلماء الحصول على تمويل أبحاثهم بسهولة أكبر.

أين ذهب؟
مصدر اللغز الحقيقي لا يتمثل في موات النحل في خلاياه ومستعمراته نتيجة المرض، وإنما في اختفائه عن وجه البسيطة وكأنه تبخر في الهواء. فيأتي المزارع يتفحص الخلايا وإذا بها خالية من كل النحل عدا الملكة وعدد قليل آخر يحصى على أصابع اليدين. فأين ذهب المختفي ولم لم يعد الى خلاياه؟ وإذا كان قد مات، فأين بقاياه؟

وليس أن العلماء لا يدركون سر اختفاء النحل وحسب، بل انهم لا بعلمون ايضا عدد المختفي منه أو معدلات اختفائه. ولذا فهم يبحثون في سائر الاحتمالات التي يمكن ان تكون وراء هذه الظاهرة المحيّرة. والأمل هو أن مجرد العثور على طرف الخيط الصحيح سيكفل على الأقل المفتاح الى الحفاظ على المتبقي منه ومساعدته بالتالي على التكاثر من جديد.

على أن صحيفة «نيويورك تايمز» خرجت الأربعاء الماضي بأنباء سارة تولدت من أبحاث مكثفة مشتركة بين العلماء العسكريين في ميريلاند وعلماء الحشرات في مونتانا. وفي ورقة كتيها هؤلاء، جاء أن بالوسع الآن توجيه أصبع الاتهام لشراكة خبيثة بين فطر وفيروس ينشطان في الأجواء الباردة الرطبة ويؤثران على النحل بتعطيل عمل جهازه الهضمي. أما الكيفية التي يحدث بها ذلك فغير معروفة حتى الآن، ويقول اولئك العلماء إنها ستكون موضع بحوثهم التالية.

ويذكر أن العلماء في جامعة كاليفورنيا، بسان فرانسيسكو، كانوا قد أشاروا سابقا الى أن الفطر جزء على الأرجح من المشكلة. وقالت دراسات أخرى إن فيروسا تقوم تركيبته الأساسية على حمض الكروموسوم ربما كان جزءا آخر من المشكلة. لكن فريق ميريلاند – مونتانا استخدم نظام برمجيات جديد طُوّر للاستخدامات العسكرية وتوصل به الى أن فيروسا تقوم تركيبته الأساسية على الحمض النووي يتحالف مع فطر يسمى N. ceranae «إن. سيراناي» لتعطيل عمل الجهاز الهضمي في النحل.

احتمالات أخرى

رغم أن بحوث فريق ميريلاند – مونتانا قد تكون هي بداية الطريق، فإن هذا يظل احتمالا لا ينفي بقية الاحتمالات. وتتعدد هذه الأخيرة ولا يعرف ما إن كان أحدها منفردا هو المسؤول عن اختفاء النحل أم أن اثنين أو أكثر منها تتضافر في إحداث الظاهرة. ومن هذه ما يلي:

* السوس (العُث): يقال إن فصيلتين من السوس هما «فاروا» و«اكرابيس وودي» كانتا وراء انخفاض أعداد النحل حول العالم في الثمانينات. ونسبت اليهما أيضا أكبر خسائر الولايات المتحدة من النحل في تاريخها خلال شتاء العام 1995 – 1996 إذ ان بعض الولايات سجلت خسائر تتراوح بين 30 إلى 80 في المائة منه. ولهذا يبقى السوس في أعلى قائمة الجهات المتهمة.

* مبيدات الحشرات: يعرف أن رش المبيدات على المزروعات يقتل أو يضعف مقاومة النحل إذا أسيئ استخدامه. لكن العلماء يقولون إن الأرجح إنه ليس بين أقوى الأسباب المرشحة لأن تكون وراء الانخفاض الأخير في أعداد النحل لأن المبيدات ظلت تستخدم لزمن طويل بدون هذا التأثير الدرامي.

* الأغذية المعدلة وراثيا: يشار أيضا الى أن النباتات المعدلة وراثيا ربما كانت هي السبب في موات النحل خاصة بالنظر الى أنها تكنولوجيا جديدة بدأت تنتشر قبل أعوام قليلة وتزامنت بالتالي مع بدء الظاهرة. ورغم أن السُمّيات البكتيرية المصاحبة لهذه التكنولوجيا تؤثر على الفراش والعثة والخنافس أو تقتلها، فلا يعرف أن النحل يتأثر بها بالدرجة نفسها. على أن هذا لم يُثبت بشكل قاطع ولهذا يذهب البعض للقول إنها تقتل النحل في الواقع أو تغيّر سلوكه على الأقل.

* الهوتف الجوّالة: تناولت وسائل الإعلام مسألة الإشعاعات المنبعثة من الهواتف الجوالة ومحطات تقوية إشاراتها وأثرها على البشر. ومازال العلماء يتفقون ويختلفون حتى اليوم حول ما إن كان لهذه الإشعاعات أي آثار ضارة بالصحة فعلا. ولكن بعد ظاهرة اختفاء النحل ذهب فريق منهم للقول إن تلك الإشعاعات هي السبب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *