طيري يا سيّارة طيري – مطانس فرح – حيفا

مراسل حيفا نت | 05/09/2010

يمرّون بجانبك كالصاروخ؛ كلّ يجلس وراء مقود سيّارته أو جيپه أو درّاجته الناريّة، لا يسمع سوى أصوات الموسيقى الصاخبة المنبعثة من أحدث السمّاعات والأجهزة الإلكترونيّة المتطوّرة المركّبة على تلك السيّارة أو الجيپ، والذي سعرها أحيانًا قد يفوق سعر السيّارة ذاتها؛ فتكون موسيقاه غالبًا أجنبيّة المصدر لمواكبة العصر والموضة، أو عبريّة في أسوأ الحالات، حيث يصل صداها وإزعاجها إلى أبعد ما يمكن، ليصمّ آذان أولئك الأشخاص الجالسين في بيوتهم أو المارّين في الشوارع، والمستمعين رغمًا عنهم لما يسمعه ذلك السائق؛ رغم أنّي على ثقة بأنه لا يفهم كلمة إنچليزية واحدة أو حتّى شبه جملة موسيقيّة من هذه الحفلة المتنقلّة داخل سيارته!

يقتنون سيّاراتهم أو جيپاتهم ويزوّدونها بأحدث وأقوى العجلات المطاطيّة، يلوّنونها بأغرب الألوان المزركشة، يضيفون إليها آليات وأدوات و"إكسسوارات"، ويحتلنون المحرّكات ويطوّرونها، ويحاولون استغلال كل هذه الإضافات، للوصول إلى أقصى ما يمكنهم من السرعة، فيحوّلون سيّاراتهم وجيپاتهم إلى مركبة قاتلة!
"يطيرون" ليل نهار بين الأزقّة والحارات بسرعة جنونيّة، ضاربين عرض الحائط جميع أخلاقيّات التصرّف – فحتّى في الشوارع هنالك أخلاقيّات علينا الحفاظ عليها، فالشارع ليس مُلكًا خاصًا لمثل أولئك السائقين! – لا يعنيهم إزعاج الغير، لا يعنيهم الأطفال والأولاد المتواجدين في الشوارع، الذين يلعبون في الحارات والأزقّة.. فلدى التقاء "طيّاراتهم" بأي طفل أو شخص كان، النتيجة واضحة لا محالة: نسبة النجاة شبه معدومة، والموت محتّم.
ألم يسمع هؤلاء السائقون بعشرات حوادث الطرق أسبوعيًا، وبمئات القتلى سنويًا، أم أن أصوات الموسيقى الصاخبة الصادرة من مركباتهم أصمّت آذانهم؟!

يعتقد البعض منهم بأن هذه التصرّفات، والقيادة الجنونيّة مؤشر للـ "رجولة" والسيطرة والقوّة ولفرض الوجود – أنظروا، إسمعوا، وانزعجوا؛ أنا هنا.. فأنا موجود – إلاّ أنّ ذلك يدلّ على تهوّر، واستهتار وتصرّف غير مبالٍ، وعدم مسؤولية ومفهوم خاطئ لإثبات الوجود والرجولة.
فإن كانت سيّاراتكم وجيپاتكم ودرّاجاتكم الناريّة مزوّدة بأحدث الآليات وأقوى المحرّكات، فهذا لا يعطيكم الحق بتحويل شوارع أحيائنا إلى حلبة سباق، فهنالك أماكن خاصّة لممارسة مثل هذه الرياضة، وليس في أحيائنا وأزقّتنا وبين أطفالنا وأولادنا وأهلنا.
ورغم كل ما تسمعونه وتشاهدونه يوميًا عن حوادث الطرق، تختارون الموت على الطرقات، فأنتم أحرار، وهذا هو قراركم.. إلاّ أنه لا يحق لكم أن تقرروا عن غيركم، فأنتم لستم مخوّلين بقتل أي شخص يعترض طريق "طيّاراتكم"!
تجلسون وراء المقود وتحلّقون، غير مبالين لما يدور من حولكم.. فقبل أن تحلّقوا بعيدًا، فكّروا بغيركم.. فكّروا بأمهاتكم، وأحبائكم، وأصدقائكم، وأقاربكم.. وتذكّروا ضحايا حوادث الطرق؛ وإن كل ذلك لم يجدِ نفعًا، مارسوا "متعتكم" بعيدًا عن حاراتنا وأزقّتنا.. واختاروا أن تَنهوا حياتكم كما شئتم، و"طيروا بسيّاراتكم طيروا".. بعيدًا عنّا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *