فإنه من غير المستطاع أن لا تشد انتباهي أشكال بنات بلدي وأنواعهن. صحيح أني متزوج، لكني لا أستطيع التغلّب على حب الاستطلاع المتعلق بأنماط الصبايا التي تسكن بلدي. هنالك، مثلاً الـ"كوبائيت"، التي تعمل على الآلة الحاسبة في الـ"سوبرماركت". هي دائمًا تحاول القيام بألف عمل في آن واحد. تلبس بطاقة تدل على اسمها، تضع "المكياج" بدرجة مبالغ فيها وتتحدث مع زميلتها عن آخر التخفيضات، وعندما تنتهي من طباعة أسعار المشتريات، تنظر نحوك بعدم اكتراث بارز وتقول بنبرة صارمة: "في عنا ‘مفتساعيم’، بِدَّك شوكولاطة بعشرة شيكل؟". ثم هنالك الصبيّة "الفنانة". دائمًا تجدها جالسة في المقهى.
أحيانًا تجلس وحدها، تشرب القهوة وتدخن السيجارة، وأحيانًا تلتصق بفنانين آخرين يشكلون لها مجموعة دعم معنوي. ولأنها مشهورة، فأنك تراها دائمًا وهي تطرح السلام على المعارف وباقي "الجمهور" وهم يعبرون أمام المقهى. نمط ثالث من صبايا بلدنا هي الـ"فريحة" العربيّة، التي تشبه إلى حدّ كبير الـ"فريحة" اليهودية، أي الأصليّة، لكنها تختلف عنها بحيث يمكن لذوي النظر الثاقب والخبرة في التلصص أن يفرقوا بينهما. الـ"فريحة" عادة ما تكون صغيرة السن وتنتمي إلى الطبقة الفقيرة. دائمًا تلبس لباسًا كاشفًا وإغرائي وتخرج مع صديقاتها وهي تمشى مشية إغرائيّة. أمّا النمط الرابع فهي البنت الـ"سوّاقة". هي عادة من عائلة غنية وحقيبتها محشوّة بالنقود. تلبس نظارات شمسية ثمينة من نوع "فيرساتشي" أو "دولتشي جابانا" أو غيرها وتدور وتلف في الشوارع بسيارتها الـ"جيب" الأنيقة.
فؤاد سليمان
صبيّة النمط الخامس تختلف تمامًا عما سبق ذكره. إنها "الممرضة". تجدها في "رمبام" أو غيره من مستشفيات المدينة. ترتدي اللباس الأبيض وتجري مسرعة من مكان إلى آخر. دائمًا تتحدث بالتلفون الخلوي مع طبيب ما. دائمًا مثابرة وتطمح في أن تترقى في عملها. نوع سادس هي الـ"نشيطة الحزبية". لديها الكثير من وقت الفراغ، لكنها دائمًا مشغولة. لها الكثير من المعارف والعلاقات، لكنها وحيدة وتعيسة في الوقت ذاته. عادة ما تتراسل بالبريد الالكتروني وتدعو الناس للمشاركة في فعالية حزبية. هي لا تهتم بالشباب وتنظر إليهم كأصدقاء ليس أكثر. هذه بالطبع قائمة جزئية جدًا من أشكال وأنواع البنات في بلدنا، فهنالك أيضًا "البنت الشاطرة" و"دلّوعة البابا" و"المحامية العزباء" و"الناشطة الاجتماعية" وغيرها وغيرها… وبالطبع هذه الأنماط هي تعميمات ولا تنطبق تمامًا على أي من الحالات الفرديّة.
كنت أجلس في شرفة دار أهلي وكان أبي يحدثني عن أبحاثه العلمية في حين كنت أتظاهر بالاهتمام. من حين لآخر كنت أقول بالعبريّة "معنيين …معنيين" (أي مثير ..مثير)، لكن انتباهي كان منصبًّا على إحدى الفتيات والتي كانت تتبختر، ذهابًا وإيابًا في الشارع الممتد تحت الشرفة. حين ذهب أبي لإعداد القهوة، قلت لنفسي باللغة العربية-العبريّة (الـ"عربريّة"): "هذه الفتاة ‘مماش تيبوس’". بعدها عاد أبي مع القهوة ورجع إلى الحديث عن أبحاثة ورجعت أقول "معنيين …معنيين"، في حين رحت أدخن وأرتشف القهوة وأفكر في ما سأكتبه عن بنات بلدنا.