المعلّمون العرب وامتحان اللغة العربية- زهير دعيم

مراسل حيفا نت | 19/05/2010

 في الثاني والعشرين من حَزيران القادم ، سيكون موعد كلّ معلّم/ة عربي/ة  في البلاد لم يُعيَّن بعد او لم يُثبَّت ؛ سيكون موعده مع امتحان في اللغة العربية لاول مرة في تاريخ اسرائيل….امتحان يشمل ويشتمل على كلّ شيء : المبني والمعرب والمفاعيل والحال والتمييز وكلّ ما دبّ ومشى على ارض الصَّرف والنحو العربيّ ، ناهيك عن تشكيل قطعة ادبية ما وكتابة وتدبيج مواضيع الانشاء ومن ثمّ البلاغة….نعم البلاغة بما فيها من استعارات وطباق وجناس وتشبيه وسجع وما الى ذلك من مُحسّنات لفظيّة تعيدنا وأذهاننا الى عهد الانحطاط والاستعمار والغفوة الادبية السرمدية.
  وانّي لاعجب كثيرا من اولئك الذين ما زالوا يعوّلون على البلاغة، ويبنون قصور الادب على رمل هذه البقاع ، فالبلاغة بكلّ اشكالها ان لم تأت عفوية ، جاءت مُصطنعة ، تزركش القشور الخالية من الحبّ والثمَر.
  ان القضية في الواقع ليست البلاغة وحدها ، بل تكمن في الامتحان نفسه ، وتكمن في الضبابيّة التي تلفّه ، وكيف لا تكون ضبابيّة وكلّ معلّم مُلزَمٌ بعبوره سواءكان معلّمًا للغة العربية ام للرياضة البدنية او الهندسة … قد افهم أنّ على معلم الهندسة  والتاريخ والجغرافية والرياضة ان يعرف احوال اعراب المُثنّى وجمع المذكّر السالم وقواعد الاملاء الصحيح !!! فليس من المعقول او المقبول ان تكتب معلمة الهندسة ما يلي : " ارسم زاويتان حادّتان " .
وليس من المنطق ان يكتب معلّم التّاريخ على اللوح : " هجم الحثّيين على المصريون ".
   وقد أفهم ان على معلّم اللغة العربية ان يعبر امتحانا كهذا ، رغم انه درس اللغة في الثانوية ودار المعلّمين واجتاز البجروت في اللغة العربية بعلامة 70 وما فوق .
   وقد افهم انّ على المعلّمين – كلّ المعلّمين- ان يجتاز الواحد منهم امتحانا في تخصّصه  وفي اللغة العربية ولكن في حدود المعقول والمقبول و " المهضوم" ، بعيدا عن البلاغة والتشكيل والممنوع من الصّرف والمثال واللفيف المقرون والمفروق وما اليه.
           ماذا دهى القوم ؟
هل اضحى الامر تعجيزًا ؟
وهل كل معلم يهوديّ للرياضة البدنية يُلزم بعبور امتحان شامل في اللغة العبرية ؟…ام انّنا نريد ان "نتشاطر" على معلّمينا ؟.
    تريدون يا سادة معلّمين أكفاء ، فارفعوا الرواتب وارفعوا سقف القبول في الكلّيات، واشترطوا وبجديّة تامّة أربع وحدات في بجروت اللغة العربية لكلّ متقدّم لمهنة ورسالة التعليم..
  وهناك سؤال آخر يطرح نفسه في هذا الاطار وهو : كيف سيحاسبون معلّم اللغة العربية ومعلّم الرياضة ؟ وهل سيكونان في خانة واحدة ما دام الامتحان هو واحد أحد لكليهما ؟
  خلاصة القول ان الامتحان ولكل شرائح المعلمين لا يخلو من التسرّع وعدم الشفافية ، ويحمل في طيّاته الظلم والغبن لمعلمين ومعلمات لا دخل لهم كثيرا بالجناس والطباق والسّجع والممنوع من الصّرف وإنْ الشرطيّة.
  فهلا اعدنا النّظر  وبحثنا في طرق اجدى وافضل تعود على فلذات اكبادنا بالفائدة المرجوّة  ولا تستنزف اعصاب شبابنا وشاباتنا المستنزّفة أصلا.
  وهل ما يتهامس به المعلمون من انّ مثل هذا الامتحان يعيد المجد التليد للمفتّش الذي اضحى في معظم الاحيان اداة في يد الحاسوب ، هذا الحاسوب الذي يعيّن ويفصل ان اشتمّ رائحة الواسطة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *