الأوّل من أيّار هو يوم نضاليّ وكفاحيّ، هو عيد العمّال والفلاحين والكادحين والموظّفين والطّلاب والحِرفيّين والمثقّفين الثّوريّين في جميع أنحاء المعمورة، هو يوم الطّبقة العاملة، حيث لا تقتصِر هذه المناسبة العطِرة على أيّ انتماء عرقيّ أو دينيّ أو قوميّ أو إثنيّ أو جغرافيّ دون غيره، فهو عيد يحتفل فيه جميع الشَّغِّيلة الذين يصبون إلى إقرار حقوقهم الكاملة وتحقيق العدالة الاجتماعيّة. الأوّل من أيّار هو يوم مميَّز ذو طابع خاصّ يختلف عن باقي أيَّام السّنة وأعيادها.
هو يوم تضامن وتعاضد عالميّ وأمميّ مع جميع أحرار المسكونة من أجل رفع عزّة وشرف جميع البشر الغلابى، المضطَّهَدين والمظلومين والمسحوقين ومهضومي الحقوق والفقراء والرّازحين تحت الاحتلال، لأنّه البوصلة والدّالة والمنارة التي تشير وتنير لهم دربهم بعد أن تضع يدها أمامهم على الجُرح النازف، لتُعاين سبب عنائهم وشقائهم وبؤسهم وعذابهم على الأرض وتفتّح أعينهم على الحقيقة، سافرة بعد أن تميط الوشاح عنها، فتُبيِّن الوجه قبيحًا دون تبرّج أو تخضّب وبذلك تمنحهم ثقة قويّة بأنفسهم بعد أن تكتب لهم وصفتها العلاجيّة الأكيدة وتعِدَهم بنصر مبين آتٍ لا محالة، وحين يدرون السّبب يبطل العجب ويكون وقْعُه على رؤوس أصحاب السّلطة والسّطوة المستغِلّة فتّاكة وقاصمة..
وتكون السّاعة لولادة جديدة لجميع فئات الشّعب وحينها تبدأ المقاومة الشّعبيّة الجبّارة التي تدحر الذلّ وتُنهي الإحباط..
لأنّه وكما يقول المناضل داود تركي في قصيدته "رَفْرِفْ لِوَاءَكَ":
رَفْرِفْ لِوَاءَكَ وانْتَصِبْ أيَّارُ أُمَمًا بِهَا يَتَوَقَّدُ الإصْرَارُ
مَهْمَا الزَّمَانُ يَطُلْ فَإِنَّ بُنُودَنَا سَيُظَلِّلُ الدُّنْيَا بِهَا الأحْرَارُ
عُمَّالُكَ الأحْرَارُ عَزْمُ زُنُودِهِم لِرُؤوسِ ظُلامِ الوَرَى بَتَّارُ
وما هي انتفاضة الشّيوعيّين وأصدقائهم في بلادنا، خاصّةً في النّاصرة عاصمة الجليل وأمّ الفحم عرين الثّوّار في الأوّل من أيّار من عام ألفٍ وتسعمائةٍ وثمانية وخمسين إلا فاتحة لولادة أيّام كفاحيّة جماهيريّة أخرى من أجل حقوق العمّال والفلاحين في البلاد وضدّ الاستغلال والتّمييز الطّبقيّ والقهر القَوميّ وضدّ البطالة ومن أجل بقاء شعبنا في وطنه والحفاظ على وجوده وكيانه وحماية مقوّماته القوميّة والشّرعيّة كشعب عربيّ فلسطينيّ وعودة لاجئي شعبنا إلى ديارهم التي ليست لهم ديارٌ غيرها ومن أجل المساواة المدنيّة والقوميّة والسّلام العادل وتقرير مصير شعبنا فوق ترابه وفي وطنه..
ولهذا تخاف السّلطة وجهازها القمعيّ وأعوانها من هذا اليوم ومن محبّيه إذ تقول لمن يريد الاحتفال بيوم الأوّل من أيّار "شو كِنَّك شيوعي!"
فالأوّل من أيّار ليس للشّيوعيّين فقط، لكنّ الشّيوعيّين أوّل من رفعوا لواءه ليرفرف عاليًا، وما زالوا المثابرين على رفعه، في سماء الأوطان وبين الأمم مُبَشِّرًا:
بِجُمُوعٍ قَوِيَّة هُبُّوا لاحَ الظَّفَر
غَدُ الامَمِيَّة سَيَشْمَلُ البَشَر