نحن وأفاتار بقلم: فؤاد سليمان

مراسل حيفا نت | 25/02/2010

 بادرت زوجتي لشراء بطاقتين لفيلم "أفاتار" الثلاثي الأبعاد، الذي يعرض حاليًّا في قاعات "يس بلانيت" في حيفا. وافقت على الذهاب بفتور ملحوظ، لأني لم أكن أتوقع أن يكون الفيلم من الأفلام الجيدة التي تسنح لي الفرصة بمشاهدتها. ذهبنا الى السينما واشترينا الـ"بوب كورن" وجلسنا في القاعة  المليئة ووضعنا النظارات. بدأ الفيلم وحملق الجمهور في الشاشة وراح يتابع الفيلم المليء بالحركة والأحداث.

تبدأ القصة في عام 2154، حين يستيقظ "جيك سولي"، الذي يمثله "سام ورتينجتون"، من نوم عميق، ليكتشف أنه قد انتُدب من قبل الشركة التي يعمل فيها أخاه التوأم، وذلك لكي يكمل مهمة أخيه المتوفى. لقد توفي الأخ الذي كان عالمًا عبقريًّا، ولكون جيك توأمه، فقد كان بإمكانه تنفيذ مهمة الأخ الهامة. كان على من اختيروا لهذه المهمة أن يعتنقوا أجساد أفاتار. إنها أجساد صُممت كأجساد أبناء شعب الـ "نافي" الذي يسكن كوكب "بندورا"، بحيث تتم السيطرة على الأجساد عبر جهاز يوصل بالدماغ ويمكنها من أن تعيش على الكوكب وأن تتنفس الهواء السام لبني البشر.

تقوم الحضارة الإنسانية في الفيلم بالاستيطان على "بندورا" لتستخرج منه مادة يحتاجها البشر، وهي مادة ثمينة جدًا ونادرة في الكون. شعب "النافي"، سكان الكوكب الأصليون، يسكنون قرب مصدر تلك المادة ويرفضون الانتقال إلى مكان آخر بسبب عقائدهم وتراثهم. وظيفة جيك سولي ورفاقه المعتنقين أجساد السكان الأصليين، هي الوصول إلى إقناع شعب الـ"نافي" بحل دبلوماسي يقوم بموجبه بترك أراضيه مقابل تعويضات مالية يقدمها لهم البشر. تبدأ مغامرة جيك الذي يندمج مع شعب الـ"نافي" ويقع في حب امرأة جميلة منهم باسم "نيتيري"، تعلّمه أصول حضارتها. تفشل محاولات جيك بإقناع الـ"نافي" بترك أراضيهم وتبدأ حرب بين الإنسان والـ"نافي"، ينضم جيك فيها إلى الـ"نافي" ويخوض حربًا صادقة وشجاعة، يُهزم في نهايتها البشر ويحل الهدوء والسلام على أرض "بندورا".

يُظهر الفيلم الإنسان كمحتل جائر وعديم الأخلاق، يركض وراء طموحاته المادية ويدوس في لهاثه خلفهاعلى كل من هو أقلّ منه قوة ومعرفة بالتكنولوجيا. وفي هذا فإن قصة الفيلم تشبه قصة أمريكا مع شعوب العالم الثالث وقصّة تورّطها في العراق من أجل النفط. أنا شخصيًا رأيت في الفيلم موقفًا أخلاقيًّا من سياسة قمع الضعيف واستغلاله. إضافًة، فإن الفيلم يسرد تفاصيل علاقة حب مثيرة بين إنسان وبين مخلوقه من الفضاء الخارجي. إنها، بالطبع، حالة لطيفة ومثيرة للخيال، لإمكانيّة حصولها في مستقبل بعيد تعيش فيه مخلوقات فضائية، جنبًا إلى جنب مع الإنسان.

يتّصف الفيلم، الذي كتبه وأخرجه "جيفر كاميرون"، بتقنية مدهشة في استغلال تكنولوجيا مُحَوسَبة خلاّبة. إنه جدير بالمشاهدة، لكونه يتناول مواضيع أخلاقية هامة، هذا إضافًة إلى مستواه التقني المتميّز وعالم الخيال الرائع الذي يبنيه. وبخلاف معظم الأفلام الأمريكية فإن الإنسان في أفاتار هو المحتل والشرير والمخلوق الفضائي هو الطرف البريء والبطل. لهذا لم أتفاجأ قبل يومين، حين تصفحت إحدى الصحف المحلية، لأقرأ عما حصل في مظاهرة في قرية "بلعين"، حيث ارتدى بعض المتظاهرين ثيابًا كثياب شعب الـ"نافي". وأنا أنظر إلى الصورة المرفقة بالخبر، أشعلت سيجارة وأخذت نفسًا عميقًا وقلتُ لنفسي "يا له من أمر لطيف أن يستغل شعبنا الفلسطيني فيلمًا أمريكيًّا لكي يكسب التعاطف العالمي مع قضيتنا. ثم أخذت نفسًا آخر وتابعت: "ويا له من أمر بديع أن تتطور علاقة حب بين إنسان وبين مخلوقه من العالم الخارجي… إنها قمة الإنسانية".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *