حادثة خيار بقلم: فؤاد سليمان

مراسل حيفا نت | 11/02/2010

 

مرّ أسبوع فذهبت لزيارة عائلتي ووجدت أبي لا يزال يحاول التخفيف من وزنه، هذه المرّة بواسطة "طريقة أتكنسون". أما أمي فقد اكتشفت أنها قد توقفت عن التنبؤ بمستقبل أبي وأختي من خلال "فتح" فناجين القهوة. جلستُ أدخن سيجارة مع أختي التي أخبرتني أنها ستغنّي بعد يومين في أحد مقاهي حيفا. وهي تخبرني بذلك،  تذكرت "أيام زمان"، حين كنت أهوى العزف والغناء وأؤلف الأغاني وأعزف في المقاهي مع إحدى فرق الجاز. حين عدتُ إلى الدار، وجدت زوجتي تلعب إحدى ألعاب الحاسوب. حضّرت لنفسي فنجان شاي وجلستُ أنا أيضًا أمام الحاسوب. أشعلت سيجارة ووضعت أغنية لي عنوانها "تلعطي ماديّة". لقد ألفت هذه الأغنية وسجّلتها قبل عدة سنوات. إنها تتحدّث عن فتاة تفضل عالم المادّة على الحب. لقد ألفتها بوحي علاقة عاطفية لم تكتمل مع فتاة من أصل فلسطيني، قدمت من نيويورك للعمل كمحامية في إحدى مؤسسات حقوق الإنسان. بعد فترة تعارف قصيرة بيننا، صرنا نذهب أحيانًا إلى السينما وأحيانًا أخرى إلى شاطئ البحر. أنا من ناحيتي بدأت أتعلّق بالفتاة وصرت أفكر في الذهاب والعيش معها في نيويورك. في أحد الأيام ذهبنا إلى شاطئ البحر لنرقب غروب الشمس. يومها كانت قد اقتنت  بعض حبّات الخيار والبندورة وجلبتها معها لتأكلها على الشاطئ. جلسنا بالقرب من البحر فتحت الكيس الذي كان معها وأخرجت منه بعض حبات من الخيار. حاولت أن أكون لطيفًا فعرضتُ عليها أن أغسل لها الخيار قبل أن تأكله، فقالت: "لا داع. يمكنك فقط أن تفركه بيديك". وهذا ما فعلت. صرت أفرك الخيار بيديّ وأناولها وهي تأخذ وتأكل بشهيّة.

بعد حادثة الخيار هذه أصبت بانتفاخ في أصابع يدي اليمين، وفهمت أنه نوع من الحساسيّة، سببها فرك الخيار المرشوش بالكيماويّات. وأنا لا أزال أعاني من أصابعي المتورمة، جاءت الفتاة لمقابلتي وقالت لي بأنها قد بدأت علاقة غرامية مع أحد المحامين الذين تعرفت عليهم مؤخرًا. يومها شعرت بخيبة أمل شديدة وصرت أقول لنفسي: "هاي طلعت مادية وفضّلت محام جيوبه مليئة على موسيقي غالبًا ما لا يجد ثمنًا لعلبة سجائر".

حتّى اليوم، وبالرغم من مرور سنين على حادثة الخيار، فإن أصابعي لا تزال تتشنّج قليلاً بين الحين والآخر. ومع أن هذا لم يعد يزعجني أو يؤلمني، إلا أنه لا ينفك يذكرني كيف أن فتاة أحلامي آنذاك قد "طلعت ماديّة". وأنا أفكر في هذه الأمور أخذت رشفة من الشاي وسحبت نفسًا من السيجارة وقلت لذاتي بأنه قد لزمني الكثير من وجع القلب والأصابع لكي أفهم أن عالم المرأة شديد التعقيد وأنه يفوق طاقتي على الفهم والاستيعاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *