شذرات من ذكريات معك /معه بقلم : المحامي سمير فوزي حاجّ – عبلين

مراسل حيفا نت | 30/01/2010

في ذكرى الأربعين لرحيل طيّب الذكر ابن الأخت المحامي حبيب إبراهيم  نشاشيبي-

     البلابل تموت وهي تشدو

ربّ  أخ لم تلده أمّك

ربّ أخّ ولدته أختك !

أهكذا يصبح الربيع خريفا ؟ والشهد مرّا وعلقما !

والذكريات كما تشدو مطربتك..سفيرتك المفضّلة فيروز:"صدى السنين الحاكي !".
 ذهب صوتك وبقي صداه !

غاب جسدك ،وبقيت الذكريات وغبار الأيام !

  *       *            *           * 
   طفل خفيف الظلّ .

في  ألبوم "أيام الجامعة" كما نسمّيها ،صورة طفل مرح خفيف الظلّ،في الرابعة من عمره،يشعّ النور في عينيه،ويبتسم للحياة التي ما أكملت ابتسامتها له. وفي الصورة، صورتك القديمة،آثار دبابيس وصمغ لكثرة ما غيّرت أقامتها،ولكثرة ما علّقتها أيقونة وتعويذة فوق منامي !..
ذهبت.. وبقيت الصورة  تبتسم وتسأل عن صاحبها !.

  *        *            *         * 

 الأزهار الجميلة لا تعيش طويلا

البحر في يافا أزرق.

يافا التي أحببتها ، وأحببت فيها لياليها الجميلة مع الأصدقاء،مثلما أحببت
مسبّحة"أبو حسن"،وسمك "رؤوف وأنيتا"،وخبز "أبو العافية"..في سهرتنا
الأخيرة فيها،انتظارا لموعد فحص طبّيّ قاس،في مستشفى أيخيلوف،كان لون البحر في عينيك أصفر،وصوتك كان خافتا وخائفا.
كانت عيناك تقولان: أبتاه أمرر هذه الكأس !.
.وما مرّت الكأس يا حبيب !

*       *              *                *

كنّا نمشي في الشوارع،ثمّ صارت الشوارع تمشي فينا .

حين سكنّا معا ،بصحبة الأستاذين جاسر داود ووسام عزام-أطال الله في عمريهما- في تل-أبيب،شارع  يوشع بن نون،الذي أوقف الشمس في السماء ليطيل النهار
-ليته أطال النهار معك-،كنّا على موعد كلّ خميس،في مقهى بازل،الذي ما زال كرسيك فيه شاغرا وناطرا.
كنت تحبّ الحياة والسهر،مثلما كنت تحبّ الدراسة والعمل.
رحلت وبقيت الذكريات الجميلة مدفونة هناك عربون محبّة. 

*        *           *                  *
أتذكر ؟
أتذكر حين أردت أن تشتغل وأنت في سنيّك الأولى،في دراسة الحقوق،فتّشنا لك فوجدنا وظيفة في التعليم في مدينة الرملة،مكان معلّمة ستخرج في أجازة ولادة.
ذهبنا وقابلنا المدير،الذي أعجب بك ووافق أن تعمل في مدرسته.وأنت يومها سألت
المدير في حماس ونشاط،متى أبدأ،أجابك  بهدوء وتروّ:" المولود يا أستاذ حبيب،يأتي مثل اللصّ،بلا موعد مسبق. حين تلد المعلّمة تبدأ !".

لقد صدق المدير بقوله .
 ونحن يومها يا أستاذ حبيب ! لم نفكّر ولو للحظة واحدة،أنّ الموت سيأتيك مثل ذاك
اللصّ،ويسرقك منّا.

 *               *                   *                       *

سكن الموت قلبك قبل أن تموت.
كانت لعبة الحياة والموت خاسرة معك.
هل كنت تنتظر النرجس والموت واللون الرماديّ !

قبيل رحيلك/سفرك/أقلاعك، وتحديدا قبل غيبوبتك بأقلّ من أسبوع،هاتفتني كثيرا وطلبت أن نجلس "جلسة عمل".وجئت مكتبي باحثا،وحين وجدتني مشغولا،غادرت
المكتب،وطلبت الاتصال بك.
عندما جلسنا في بيتك،أوكلت لي أن أنهي بعض ملفات خاصة بك،معلّلا أن درب آلام  جديدة تنتظرك،ولا تعرف أين توصلك.ولمّا طلبت منك نزع هذه المخاوف،ونزع هذه الملفّات وأصحابها من فكرك،أجبتني بأنها أمانة في عنقي..ومسؤولية!
هكذا عشت وهكذا رحلت..كبيرا في حياتك وكبيرا في مماتك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *