ردا على د. منذر حدادين- من هم النواصب؟ وماذا تقول الوثائق؟ اليف صباغ- البقيعة

مراسل حيفا نت | 09/01/2010

وصلني ما كتبه د.منذر حدادين في زاوية "رسائل وردود" من صحيفة الرأي، اليوم 7.1.2010 ، وبالرغم من ثقتي الكبيرة بالمرسلين الا أنني آثرت قراءة الرد من المصدر عبر موقع الصحيفة الالكتروني، إمعانا مني، في عدم تغيير مبدئي، في تقصي الحقائق من مصادرها، لأن أكثر ما يقلقني أن اعتمد كلمة او موقفا نقل منقوصا ولو بحسن نية، ولما وجدت ما وصلني مطابقا لما قرأت في المصدر، وإذ يطرح الدكتور حدادين علي تحديا كنت أتمناه دائما والمتمثل باعتماد الوثائق في النقاش، أقول : أهلا بالتحديات! وكم كنت ارغب ان يتاح لي المجال لعرض آلاف الصفحات من الوثائق الهامة التي بحوزتي لإطلاع المهتمين على تفاصيل الصفقات التي أبرمتها البطريركية اليونانية، بشهادة القنصل اليوناني العام  في القدس وتوقيعه وختمه، مع الشركات الإستيطانية اليهودية، ومعدي هذه الصفقات والمروجين لها والمنتفعين منها والموقعين عليها منذ عهد

أليف صباغ

 البطريرك تيموثاوس وحتى يومنا هذا. وبما ان أمنيتي هذه غير قابلة للتحقيق في الوقت الراهن اكتفي بالرد التالي:
بداية أود التوضيح أن "النواصب" يا د.حدادين هم أولئك الذين ناصبوا او يناصبون أهلهم العداء لصالح الخصوم والأعداء وليس العكس. ومع ذلك فلن أصفك بما تصفنا به  بل سأقول لك ما قاله نبي المسلمين عن بني قومه من الكفار: "اللهم اغفر لهم، إنهم لا يعلمون".
كما اود التوضيح، أن صراعنا ليس من المستشارين او النواصب الجدد، ولا مع البطريرك ثيوفيلوس شخصيا، لانه في تقديرنا لا يختلف عن سابقيه، بل صراعنا مع البطريركية اليونانية، هذه المؤسسة التي استكبرت واستبدت بمقدرات البطريركية والطائفة منذ مئات السنين ولا تضمر للرعية العربية التي تشكل أكثر من 99% من ابناء هذه الكنيسة العريقة أي خير سوى ان يكونوا أيتاما على مأدبة اللئام، وهذا ما نرفضه ونناضل لتغييره لنكون أمناء على مقدساتنا، مخلصين لمسيرة أجدادنا متجذرين في وطننا الفلسطيني، الذي لا وطن لنا سواه. وهل يمكن ان يبقى هذا الوطن سليما معافى دون القدس؟ بأوقافها ومقدساتها ملكا حرا وغير مشروط لأبناء الكنيسة الأم؟
يتحدث د. حدادين عن "جهاد" البطريرك ثيوفيلوس، الذي "تكلل بالنصر المؤزر على شركة الإستيطان- عطريت كوهانيم بإبطاله صفقة ميدان عمر بن الخطاب" مشيرا الى(قرار المحكمة بتاريخ 2/12/2009) . وكم كنت وزملائي سعيدين ان يكون ذلك صحيحا. وكم كنت اتمنى على د. حدادين الا يتعجل القول قبل أن يقرأ القرار والبروتوكول الموجود بحوزتنا باللغة العبرية. وبما أن د. حدادين لا يعرف العبرية فأوصيه بقراءة رسالة احد المحامين، الأستاذ اسامة سعدي او الأستاذ نهاد ارشيد، الذين ترافعا عن عدد من المستأجرين العرب في ميدان عمر بن الخطاب. فماذا يقول بروتوكول المحكمة والقرار؟ الجواب:
1. الشركات الإستيطانية التي تدعي انها اشترت العقارات المذكورة من البطريركية في زمن البطريرك المعزول ايرنيوس هي التي قدمت الدعوى لإخلاء المستاجرين وليس البطريرك ثيوفيلوس. إنها اربع شركات مسجلة خارج البلاد، اما عطيرت كوهانيم فليست منهم. فمن اين اتيت بها يا دكتور؟ من هنا بدأ التخبيص او التضليل .
2. قررت المحكمة في التاريخ المذكور، وبناء على طلب من محامي الشركات الإستيطانية وليس محامي البطريرك او غيره، فصل مسار التقاضي الى مسارين: الأول بين الشركات الإستيطانية الأربع من جهة وبين البطريركية من جهة اخرى في المحكمة المركزية في القدس بعيدا عن انظار المستأجرين العرب او  محاميهم او مشاركتهم الرأي.  والثاني بين الشركات الإستيطانية وبين المستأجرين في محكمة الصلح، إذا ما ربحث الشركات المذكورة القضية ضد البطريركية.
 3. هذا وحذر محامو المستأجرين العرب، في رسائلهم الى مكتب الرئيس عباس، من هذا الفصل مدعين، انه بهذا القرار "لن يكون للمتصرفين بالعقارات أي وسيلة لمتابعة القضية والتأثير على مجرياتها وستخلو ساحة العراك القانوني من أي فريق ما عدا الشركات الأجنبية من جهة والبطريركية من جهة أخرى" ( البند 6 أ من رسالة المحامي رشيد يوم 16.12.2009). إضافة الى ذلك، يقول المحامي رشيد: "إنه من المؤسف ان اعتبار قرار المحكمة "انتصارا" كما روج له البعض في وسائل الإعلام المختلفة…ولكننا نعتقد انه من وجهة أوسع لأبعاد القضية من وجهة النظر القانونية، فإن الشركات الاجنبية هي التي حققت انتصارا تكتيكيا مهما لها" (البند 10 من الرسالة نفسها). إذن، ماذا فعل البطريرك "المجاهد" ثيوفيلوس لإسقاط الصفقة المذكورة؟
4. يضيف المحامي رشيد في رسالته ( بند 6 –ب) انه "رغم محاولاتنا المتكررة لإستيضاح مسالة إعادة المبالغ التي دفعتها الشركات الأجنبية الى البطريركية، لم نحصل على أي رد ايجابي من البطريركية، كما انه لم يرد في لوائح البطريركية أي ادعاء بأنها قد أعادت للشركات الاجنبية المبالغ التي دفعتها هذه الشركات ثمنا للعقارات او أي جزء من هذه المبالغ،  كذلك فقد فهمنا أن الشركات الاجنبية تواصل تحويل دفعات سنوية الى البطريركية بدل حقوق الحكر الممنوحة لها، وفقا لإدعائها، دون ان تقوم البطريركية برفض استلام هذه الدفعات او إعادتها الى الشركات الأجنبية".  هذا الأمر الذي يسهل على الشركات الأجنبية لاحقا في إثبات صلاحية الصفقة حتى مقابل البطريرك الحالي. فهل هذا هو "الجهاد المؤزر بالنصر" يا د. حدادين؟ الم يتعلم المستشارون بعد ضرورة ان يقرأوا الوثائق التي يتحدثون عنها ويشيرون اليها بتحدِّ كبير؟

5. فوق هذا وذاك، إذا كان البطريرك ثيوفيلوس يريد ابطال صفقة باب الخليل، فلماذا يصر المستشارون الإعلاميون ان ايرنيوس وقع الصفقة المذكورة في حين انه ينكرها ويدعي ان باباذيموس كان قد طرد من وظيفته وانه لم يكن مخولا بالتوقيع على أي صفقة وبالتالي فهي باطلة. فهل من مصلحتنا تأكيد حصول الصفقة وصلاحيتها ام ان مصلحتنا تأكيد ادعاءات ايرنيوس؟ ومع العلم ان ايرنيوس طرفا في المحكمة المذكورة وموقفه يساعدنا جدا لدحض ادعاءات الشركات الاجنبية الا ان البطريركية لم توكل له محام يدافع عن موقفه. فهل من تفسير؟. فهل ذلك لمصحة ابطال الصفقة ام لتثبيتها والقذف بها الى سلة ايرنيوس؟  وإذا كنتم تريدون من ذلك التأكيد على ان ايرنيوس قد وقع صفقة باب الخليل بالفعل لإضفاء الشرعية على عزله؟ فاقترح عليكم ان تقرأوا بروتوكول الجلسة السرية التي شارك بها البطريرك ثيوفيلوس نفسه ومحاميه رامي مغربي وآخرون مع اللجنة الوزارية الإسرائيلية يوم 11.7.2006 والتي يقول فيها رامي مغربي للإسرائيليين :"انتم تعلمون ان الإجراءات لعزل ايرنيوس بدأت قبل النشر عن تلك الصفقة بكثير، وأنها تمت بسبب الإدارة الفاشلة وغير السليمة لشؤون البطريركية…..ويشير مغربي الى ان "تحقيقات من الشرطة بدأت ضد ايرنيوس وان لديه وثائق يمكن ان يثبت من خلالها ان ايرينيوس وعد بتنفيذ صفقات عقارية مع الدولة ولكنه لم يف بتعهداته. بالمقابل فإن ثيوفيلوس مخلص للدولة صاحبة السيادة وهو لم يتعهد بشيء لأحد، ومع ذلك فإن البطريركية مستعدة لعقد صفقات مع الدولة".(البروتوكول المذكور ص 5)

6. يعيب علينا د. حدادين حصولنا على الوثائق من المستوطنين او غيرهم. ويا للعار ؟! الم تتعلم الشعوب المناضلة ان تحصل على اسلحتها من اعدائها ايضا؟ وهل من العيب ان نحصل على وثائق قدمها أي طرف الى المحكمة؟ وإذا كانت هذه الوثائق مزورة فلماذا لا تفضحوا ذلك؟  أليس الحصول على الوثائق من العدو أفضل من التوقيع على اتفاقيات معه؟ وهل ترفعون رؤوسكم بالتوقيع على الصفقات واحدة تلو الأخرى وتتحدثون باسم أم الكنائس وأم الكنائس منكم براء.
7. كنت قد قرأت ردك على صفقة ما الياس مع شركة تلبيوت الجديدة يا دكتور في الصحيفة نفسها يوم 12.8.2009، تنقل فيه للقراء، كغيرك من المستشارين والناطقين، جملة من المعلومات المضللة عن الصفقة المذكورة، ليس هذا فحسب بل تعبر عن رأيك ، باسم الواقعية طبعا،  وتقول: "ان القيام بمشاريع استثمارية في تلك الأرض وتغيير تصنيفها وصفة إستعمالها لا يقوى عليه الا ذوو مكانة اجتماعية وسياسية داخل اسرائيل وهو ما يتوفر في صاحب مجموعة الشركات المختارة" أي تلبيوت الجديدة. إن خطورة موقفك هذا لا ينبع من تضليل معلوماتي تعرضت له، إن تعرضت، بل من قناعة لو ترسخت في اذهان الفلسطينيين، والمقدسيين منهم بشكل خاص، فلا ضرورة للنضالات التي نخوضها أبدا. فلتقدم القدس بكل ما فيها للمستوطنين اليهود، لأنهم الوحيدون اصحاب النقوذ لدى الحكومة الإسرائيلية لتغيير تصنيف الارض واستثمارها. وعليه آمل يا دكتور حدادين الا تتراجع عن المعلومات المضللة التي تصلك وبدورك تنشرها للقراء. بل ان تراجع قناعاتك نفسها، لأنه بقناعاتك هذه يصدق المثل القائل: "كفك على الضيعة" وفي حالتنا هذه "كفك على القدس".
 فهل عرفت يا دكتور من هم النواصب بعد الآن؟ أليس  من الجدير أن يحترم الإنسان مكانته  المهنية والاكاديمية قبل أن يمرغها بوحل البطريركية اليونانية المستبدة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *