خذوا عيدكم وارحلوا- وصفي عبدالغني

مراسل حيفا نت | 28/12/2009

يقام هذه الايام في مدينة حيفا المهرجان المسمى بعيد الاعياد, وقد اقامت اللجنة المختصة بتنظيم المهرجان موقعا الكترونيا بهذه المناسبة, وبعد الاطلاع على الموقع وتفحص ما جاء فيه يتبين لك عزيزي القاريء ما يلي : 
يقام المهرجان في فترة الاعياد الثلاثه, عيد الاضحى , الحانوكا وعيد الميلاد في حي وادي النسناس في حيفا. وللتعريف بهذا العيد نقرأ في الموقع وبترجمة حرفية, مهرجان عيد الاعياد الذي يعبر عن الفسيفساء الانساني لسكان حيفا وحسن الجوار بين ابناء كل الديانات في حيفا يهدف لتطوير وتحسين التسامح عن طريق الثقافة والفن.

فكيف يكون ذلك !..  ما هي الفعاليات التي تقام اثناء هذا المهرجان ؟, ومن هم المشاركون فيها ؟, ولمن توجه هذه الفعاليات ؟, من هو الجمهور المستفيد من فعاليات المهرجان ؟ هل من مستفيدين ومتضررين ماديا, ومن هم ؟
اسئلة كثيرة طرحت في اعقاب الجدل الذي ثار قبل وبعد حفل افتتاح عيد الاعياد, خاصة مع حضور الشخصيات المشاركة في الافتتاح والنداءات لمقاطعتها, كل هذا يثير التساؤل التالي  هل نحن بحاجة لعيد للاعياد ؟ .
اول ما بحثت عن تطوير وتحسين التسامح, كما ورد عن هدف المهرجان, لم اجد افضل من ان ابحث في الموقع المخصص للمهرجان, خاصة وان القائمين على المهرجان هم من اقاموا هذا الموقع, فعند دخولك الموقع تبادرك المفاجئة, حيث ان الموقع مكتوب بلغة واحدة هي اللغة العبرية, فالتعريف بالمهرجان والفعاليات والبرامج كلها كتبت باللغة العبرية, ولم يكلف القائمون على المهرجان انفسهم عناء الترجمة للغة العربية, سوى ترجمة كلمة رئيس البلدية. حتى ان برنامج الفعاليات الموجه للجمهور العربي من على صفحة في احدى الصحف العربية كتب باللغة العبرية, ما نفهمه وبالعربي الفصيح, ان النشر والاعلان موجه للجمهور اليهودي, وقد تم تجاهل الجمهور العربي واللغة العربية بالكامل, ليس هذا فقط بل ولم نسمع ان احدا اعترض على هذا الامر او طالب البلدية واللجنة التوجيهية للمهرجان باصدار نشرات باللغة العربية كتلك التي توزع بالعبرية, فتهميشنا وادخالنا الى ما وراء الكواليس " حتى لا ننغص على احد " لم يعد يهمنا, وبات جل همنا ان تلتقط لنا الصوراو ان نترزق ببضعة قروش من بيع الترمس والفول. 
ولتعميق الشعور بحسن الجوار ولتضييق الفجوة الاقتصادية القائمة بين ابناء الشعبين في حيفا, قامت بلدية حيفا وللسنة الرابعة على التوالي بالتعاقد مع الشركة اليهودية " اتوس " لانتاج عيد الاعياد على مدى شهر كامل, ما نفهمه وبالعربي الفصيح ان كل الاموال المخصصة لانتاج برامج وفعاليات المهرجان ذهبت لحساب الشركة المذكورة ولم يحصل العرب منها ولو على شيكل واحد. اضافة لذلك فان رئاسة اللجنة التوجيهية للمهرجان قد اوكلت للسيده روتي اشكنازي القائمة باعمال رئيس اللجنة الثقافية البلدية, فهل انعدمت الشخصيات العربية الحيفية التي تستطيع ان تشغل مثل هذا المنصب.

اما عن الفعاليات والمشاركات في المهرجان فحدث ولا حرج, وعلى سبيل المثال لا الحصر سيقام اثناء المهرجان بازارا للاثريات, وبعد الاطلاع على النشرة الخاصة للبازار يتبين لنا ان عدد المشاركين فيه هو تسعة وعشرون مشاركا, لا يوجد بينهم سوى مشارك عربي واحد من حيفا.      

وبعد استعراض البرامج الفنية للمهرجان يتبن لنا كم هو هزيل دور الفنانين العرب من حيث عدد المشاركين, فعددهم لا يتجاوز الثلاثة وهم الاستاذ الفنان الياس عطاالله, الفيروزية تغريد عبساوي والفنانة الرائعة سيدر زيتون. كما وهناك برامج للاطفال اقتصرت المشاركة العربية فيها على مسيرة لكشاف الناصرة ومسيرة للاطفال بلباس بابا نويل, ( راجع النشرة وفعاليات يوم 19.12 ) ما نفهمه وبالعربي الفصيح ان لا مكان للعرب للمشاركة في هذا المهرجان, وان القائمين عليه لا يريدون للجمهور اليهودي ان يطلع على الجانب الثقافي والفني للعرب من خلال مشاركة اوسع واعمق.
لقد اقيمت ضمن فعاليات المشاركة الميدانية اكشاك لتقديم الاعمال الفنية, المهارات الشخصية وبيع لمعروضات فنية, انقسمت هي الاخرى كما المدينة مقسمة, فتركزت اكشاك الخواجات في القسم الجغرافي العلوي من الواد, وكانت تعرض للزائرين اعمالا فنية  كالكتابة على الارز, الرسم على الوجوه, الرمل الملون وغيرها من الاعمال الفنية المختلفة. بينما اختزلت المشاركة العربية باقامة اكشاك في القسم الجغرافي السفلي من الواد تسابق اصحابها على تقديم الفول المسلوق, الترمس, العصير والسحلب, بالاضافة لل- " بيتا دروزيت مع اللبنة ".
لجنة حي وادي النسناس ودورها
لم يرد ذكر لجنة الحي لا في التخطيط ولا التحضير للمهرجان مع ان المهرجان مقام في الواد على ارض ملعبها البيتي وبين جمهورها, الا انها كانت الحاضر الغائب, فهي حاضرة بافرادها غائبة بل مغيبة وظيفيا, وقد اقتصر دورها على جمع رسوم الاشتراك من اصحاب الاكشاك في اخر النهار, مع انه كان من الممكن ان يكون للجنة الحي وهي المضيف دورا رئيسيا مهما في التخطيط والتنظيم وادارة المهرجان, فهذا ما كان سيكون عليه الحال لو اقيم المهرجان في احد احياء حيفا اليهودية, فهناك ما كانت لجنة الحي ستسمح بان يهمش دورها وان تكتفي بدور الجابي
اصحاب المحال التجارية و " خراب البيت "   
بعد الاسبوع الثاني من اقامة المهرجان قمت بجولة تفقدية لاصحاب المحلات التجارية في الواد لاستطلاع احوالهم في عيد الاعياد, فبادروني بالندب والرثاء لما الت اليه احوالهم في العيد خاصة وانهم ممنوعون من فتح الاكشاك وعرض بضاعتهم خارج محلاتهم التجارية, وعندما قام احدهم بفعل ذلك جاء المراقب البلدي وقام بتحرير مخالفة مالية له واجبره على اخلاء المكان. ويقول ( ف ) وهو صاحب بقالة : ان الزوار لا يدخلون للشراء من البقالة وفي المقابل يسمحون لاصحاب الاكشاك ان يعرضوا بضاعتهم على مدخل الدكان وهم يعرضون نفس البضاعة التي ابيعها, كذلك الحال بالنسبة لاصحاب محلات بيع الخضار والفواكه, فالزوار لا يشترون واما زبائننا فلا ياتون في هذا اليوم لان الطريق الى الواد مغلقة ولا يستطيعون دخول الواد بسياراتهم وعليهم حمل مشترياتهم والعودة سيرا على الاقدام.
اما ( ف ) فيقول : " ما دام الهدف من اقامة عيد الاعياد هو تعميق العيش المشترك وتطوير التسامح بين ابناء الشعبين فلماذا لا يتم اقامة المهرجان بالتناوب بين وادي النسناس مرة وفي مركز الكرمل او شارع موريه مرة, فياتوننا في هذا العام  بينما ناتيهم نحن في العام القادم, وهنا قاطعه احد المحليين قائلا : " يا اخي هم لا يريدون ان تحصل مثل هذه الفوضى العارمة عندهم, ولا يسمح اصحاب المحلات التجارية في الكرمل لمثل هذا الامر ان يحدث".
فاجابه الاول " ما دام هيك, فليأخذوا عيدهم ويرحلوا عنا ".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *