عائلة عصفور العريقة تمتد جذورها في حيفا ويعيش أهلها في الشتات

مراسل حيفا نت | 13/12/2009

نقدم في هذا التقرير إحدى العائلات العربية العريقة في حيفا، عائلة تهجّرت غالبيتها في نكبة 48 كباقي الشعب الفلسطيني. وتركت وراءها البيوت،الأراضي والمصالح التجارية. وعاشت على أمل العودة الى حيفا المدينة التي ترعرعت ونشأت فيها، إلا أن الحرب والظروف السياسية لم تشفع لهذه العائلة بالعودة الى أرض الوطن الى الشارع الذي حمل وما زال يحمل اسمها "شارع عصفور". إنها عائلة عصفور العريقة التي يشهد الشارع الذي يحمل اسمها حتى يومنا هذا رغم الإهمال والبيوت القديمة بأنها عائلة كانت لها جذورها وتاريخها وحضارتها وسمعتها ومكانتها.

 فنحن اليوم نتحدث عن شارع عصفور الذي يربط شارع عين دور بشارع المجينيم( شارع جورج الخامس سابقا) وقد أجرينا لقاء مع ايلي عصفور ابن المرحوم عبد المسيح عصفور وهو الأخ الوحيد من أبناء المرحوم يعقوب عصفور الذي عاد الى حيفا بعد حرب ال 48. وأنشأ عائلة وحافظ على بيت العائلة في شارع عصفور 1- الى أن صدر أمر من قبل بلدية حيفا بهدم بيت العائلة، الذي كان يطلّ على كنيسة مار الياس للروم الملكيين الكاثوليك في شارع عين دور. فبعد عقد عدة جلسات في المحاكم وقبل 4 سنوات ربحت العائلة المحكمة وتم تعويضها ببيت في الطرف الثاني من شارع عصفور الملتقي بشارع مئير. فحصلت العائلة على مبنى عربي جميل أقيم عام 1920 حسب ما هو محفور على الحجر في مدخله. إلا أن أب العائلة عبد المسيح عصفور لم تدم سعادته فقد توفي، وبقيت زوجته ورفيقة دربه روزيت في البيت الذي كان سابقا مبنى محمكة العمل اللوائية.

وبقي آخر العنقود من عائلة المرحوم عبد المسيح عصفور ايلي محافظا على بيت العائلة ويحتضن والدته ويعتاش من مصلحته. فحين أعلمته بأنني أريد ان أعدّ تقريرا عن عائلة عصفور، وشارع عصفور جهّز ايلي نفسه وحضّر مجموعة من الصور العائلية القديمة، وجوازات سفر والده عبد المسيح وجده يعقوب عصفور في فترة الإنتداب. مما أثلج صدري وبروتوكولات لإجتماعات جمعية آل عصفور في حيفا. هذا يعني أنّ التاريخ لا يمكن وصفه  بدون وثيقة أو صورة تذكارية عدا عن المباني والآثار. فهذا الشاب ملمّ بكل تفاصيل العائلة يحافظ على تراثها، ويفتخر بأنه ينتمي لعائلة عصفور العريقة ويعيش في الشارع الذي ما زال يحمل اسمها، رغم تغيير معالمه وتهجير أهله.

لمحة عن عائلة عصفور:

اشتغل عدد كبير من عائلة عصفور بالبناء وتشييد الكنائس في حيفا، وبعض قرى الجليل. كما برز عدد من الشخصيات من أبناء هذه العائلة منهم: المحامي حنا عصفور الذي قام بمهمة المستشار القانوني لجمعية العمال العربية الفلسطينية في حيفا في زمن الإنتداب. كما شارك في عدد من المؤتمرات العمالية في لندن وباريس. كما واشغل منصب عضو بلدية حيفا لعدة مرات.

كان لعائلة عصفور جمعية مسجلة باسمها تأسست عام 1941 وبسبب النكبة تركت العائلة حيفا منهم: يعقوب فهد عصفور،مارون عصفور،أنيس عصفور،أديب اسحاق عصفور.

رسالة من جمعية آل عصفور مؤرخة في 1945-2-(23 الى رئيس بلدية حيفا) بطلب اطلاق اسم شارع على اسم العائلة ومما جاء في الرسالة

"إنّ قطعة الأرض المستطيلة المحدودة شرقا بشارع عين دور، وغربا بشارع السلزيان وشمالا بشارع يافا، وجنوبا بشارع سحبان منذ 1792م تقريبا ملكا ثابتا لآبائنا وأجدادنا. ومنذ عام 1890 حتى تاريخ اليوم بيع منها قطعا بمعدّل النصف، والنصف الآخر لا يزال في أيدينا وأيدي أنسبائنا بالمصاهرة، كما مبيّن على الخريطة المرفقة طيّه. فمن هذا يتبين لسعادتكم أن عائلتنا هي أول من تملكت هذه الأرض من الحكومة العثمانية منذ مئة وخمسون عاما. فهل لا ترون الحق،سعادتكم،أن نطالب بتسمية أحد شوارع هذه المنطقة باسم عائلتنا بباقي العائلات الذين  أطلقت أسماؤهم على بعض شوارع المدينة؟

إن شارع السالزيان لم يطلق عليه هذا الإسم إلا نسبة للمدرسة التي أنشئت في عام 1929،كما وإن اسم عين دور أطلق نسبة للسينما التي أنشئت عام 1932، بينما اسم سحبان أطلق في السنة الماضية نسبة لشيء لا نعرفه.

إننا لذلك نطالب سعادتكم باسم الأولوية والحق تغيير اسم أحد الشوارع الثلاثة الآنفة الذكر واستبداله ب"شارع عصفور" نسبة لعائلتنا مالكة المنطقة جميعها منذ عشرات السنين".

 

 

هذا واستبدل اسم شارع سحبان بشارع عصفور وتقدمت جمعية آل عصفور برسالة شكر الى رئيس البلدية وقّع عليها رئيس الجمعية فهد عصفور.

مقابلة مع ايلي عصفور حفيد يعقوب عصفور وابن المرحوم عبد المسيح عصفور:

*حدثنا عن جذورك التي تعود الى عائلة عصفور.

 *عائلة عصفور هي عائلة حيفاوية عريقة تبقّى منها القليل بعد حرب 48. فأنا

ايلي عصفور ولدت في حيفا عام 1966، أذكر أخبار العائلة وتناقلتها من والدي المرحوم عبد المسيح عصفور. حيث كانت عائلة كبيرة في زمن فلسطين تمتد ما بين شارع عصفور وعين دور والملك جورج(همجينيم) اليوم والسالزيان وفي عدد من ألأحياء العربية ولها بيوت في الكرمل. كان لعائلتنا أملاك وكانوا يبنون بنايات خاصة للعائلة،نحن عائلة تمتد جذورها نحو 400  عام، حيفاوية الأصل والجذور.

انا أصغر واحد  في أبناء المرحوم عبد المسيح عصفور من أصل 5 من بينهم 3 شباب وبنتان وهم: أختي البكر سامية عصفور زوجة منير أبو الزلف، ليليان عصفور تعيش في كندا،وأخي سمير،وأخي نبيل وأنا آخر العنقود. وبسبب صغر سني ومكوثي فترة طويلة في بيت العائلة السابق في شارع عصفور-1 – الذي تم هدمه وتم توسيع الشارع مقابل كنيسة مار الياس للروم الملكيين الكاثوليك أثّر ذلك على حياتي وارتباطي بجذورها. كما أن المرحوم والدي كان يقص لي حكايات ويسرد لي من تاريخ هذه العائلة العريقة. كما حدّثني والدي المرحوم عن  تأسيس جمعية عصفور في حيفا. وعن رحلة العذاب والهجرة والتهجير التي مرت بها العائلة والرعب.  وكيف تم تهجير العائلة بالسفن الى لبنان حتى أن والدي عبد المسيح تم تهجيره الى لبنان وبقي جدي المرحوم يعقوب عصفور وحيدا في بيت العائلة بسبب حالته الصحية وكبر سنه. وقد عاد والدي عبد المسيح وحيدا من لبنان الى بيته في حيفا بعد الحرب عاد متسللا.

كان للمرحوم جدي يعقوب عصفور4 أولاد وهم: المرحوم البكر فهد عصفور كاتب وسكرتير جمعية آل عصفور قبل ال 48، والمرحوم عمي جورج يعقوب عصفور ومن ثم المرحوم والدي عبد المسيح عصفور،والمرحوم عمي وليم. كما كان جدي أبا لثلاثة بنات وهن " فكتوريا عصفور،ونيللي،وفيروز وجميعهم تهجروا في عام 48 الى لبنان والشتات ودول أجنبية في فرنسا والأرجنتين ولندن فرنسا.

والدي الوحيد الذي بقي في البلاد حيث حافظ على أملاك العائلة وبيتها وعلى المرحوم جدي يعقوب. فبعد الإحتلال عانينا الأمرين حيث سكن بيت العائلة عدة عائلات يهودية بعد عودة أبي من لبنان. وقد احتضن أقاربنا في شارع مار يوحنا جدي وعاش والدي مع جدي عدة سنوات وعاش وعمل واستطاع أن يعيد البيت حيث استطاع شراءه من المستوطنين الذين استوطنوا بيتنا.

 فعاد بذلك ملك العائلة وأعدنا شراءه واسترجاعه والسكن فيه حتى قبل 4 سنوات. في هذا البيت كبرت عائلة المرحوم والدي عبد المسيح عصفور. حتى تم اصدار أمر مصادرة البيت لصالح توسيع شارع عين دور  قبل 4 سنوات.  فالحنين لا يفارقني وما زال بيت العائلة في مخيلتي وفي قلبي رغم هدمه وتغيير معالم المنطقة. ففي هذا البيت نشأت وترعرعت منذ طفولتي وشبابي.

ماذا تبقى من شارع عصفور؟

بقي في الشارع الذي أسكن في طرفه الآخر مكان مقر محكمة العمل سابقا( زاوية شارع مئير) عائلة من أقاربنا  وهي عائلة بيير عصفور،كان اسم جده بطرس إميل عصفور وأطلق  بيير على ابنه البكر إميل.كما تبقى في الشارع مجرّد بيوت قديمة من الحجر بدون اثباتات قانونية. وبقيي الشارع بدون سكانه الأصليين وبقيت ملامح البناء، الحجر،العقود، الذاكرة والصور والملفات.

اقاربك خارج البلاد هل تعلرفهم؟

غالبية العائلة هجرت الى لبنان، فمثلا عمتي فيروز تزوجت ابراهيم عفارة أصله من حيفا، ولكن بسبب الحروب في لبنان اغترب قسم كبير منها في عدة دول أجنبية وعربية. تطورت العلاقة في الفترة الأخيرة بعد تطور التكنولوجيا ووسائل الإتصال، فمثلا اليانا عصفور من حيفا تزوجت في البلاد وسكنت في كندا وهناك تعرفت على بنات عمتي ميري،وديزي وهنا ابتدأت الإتصالات مع العائلة.

كما أن لنا اقارب في كندا وأميركا والأرجنتين،كما أن لنا أقارب في الأردن وبعد السلام مع الأردن توسعت الإتصالات فالتقيت بابن عمي لأول مرة في حياتي 58 عاما  وزوجته من عائلة بجالي، والدتها من عائلة حوا من حيفا.

ولكن المشكلة في قدومهم إلى البلاد لأنهم يحملون زواجات سفر عربية والتخوف في حال قدومهم البلاد إلى حيفا سيتم ختم الجوازات بالختم الإسرائيلي. ولهذا هم لا يريدون أن يتعرضوا لمضايقة بسبب هذه النقطة. كما أننا نقوم باتصالاتنا مع أولاد عمنا في كندا،وقد التقى بهم أخي سمير وأختي اليانا وكان لقاء مؤثرا جدا،أما أنا فنحن على اتصال هاتفي.

 ماذا تعرف عن شخصيات عائلة عصفور؟

تأسست جمعية آل عصفور وكان رئيسها الياس عصفور وسكرتيرها فهد عصفور،وكانت جمعية أهدافها الخير والحفاظ على قيمنا والرباط العائلي وكان لها تأثير حيث استطاعت اطلاق اسم عصفور على الشارع الذي تتمركز فيه العائلة بدل من شارع سحبان الذي لا أهمية له.

ما هي أمنيتك؟

أمنيتي إذا رزقني الله بذكر أن أطلق عليه عبد المسيح عصفور على اسم المرحوم والدي. فكان والدي حنونا ومحبا للعائلة. فأخي نبيل  سمى فهد  ونمر عصفور.

كما أنني أعيش مع والدتي في بيتي الجديد للسنة الرابعة على التوالي مكان محكمة العمل سابقا، ويراودني تخطيط بأن أقيم فندقا في الطابق الثاني حسب الطابع الشرقي  وسوف أطلق عليه اسم مضافة عائلة عصفور. مما يعيد مجد وذكرى عائلة عصفور، أو أطلق اسم ضيافة عائلة عصفور. كما أتمنى بأن يحل الصراع وتفتح الطرق بين الدول ونعوض العائلات العربية من الناحية العاطفية. فأنا بدون أولاد عم وعمات يعيشون في المهجر لم أر في حياتي أعمامي أو أولاد عمي فقط ابن البكر فهد في الأردن.

ما هو أكثر لقاء بعائلتك أثر فيك؟

عندي كاسيت من عمتي تتحدث فيه عن الحنين لحيفا ولوالدي وللعائلة والأمل في العودة إلى حيفا، ولقاء العائلة.فعمتي توفيت في حيفا بعد 50 عاما من التهجير وكان عمرها 80 عاما حيث زارتنا بصورة مفاجئة في حيفا. ففي أحد الأيام قرع الباب وإذا بها تدخل بيتنا وكان لقاء مليء بالدموع  والحرارة.

 فقد عادت إلى حيف ولكنها لم تحصل على هوية وتوفيت في حيفا وتم دفنها في مقبرة الكاثوليك (فستقية عائلة عصفور) فهي ولدت في حيفا وتوفيت في حيفا ولكنها لم تتمتع بالحرية ولم تعترف السلطات الإسرائيلية بوجودها حتى في مماتها  فكان الشاهد الوحيد هو إذن دفن المرحومة عمتي من الكنيسة.فهي زارت والدي وعمرها 80 عاما وقد ماتت ودفنت في تراب حيفا بدون حقوق .

أعد التقرير: رزق ساحوري

اضغط play لمشاهدة جميع الصور ولكن اذا كانت خلفية الالبوم لون احمر اضغط على refresh او רענן(F5) 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *