”غرفتي مليئة بضيوف غير مدعوّين” بقلم : فؤاد سليمان

مراسل حيفا نت | 02/12/2009

الأحلام التي نحلم بها تنبع لاوعينا، ومع أنها تستمد مضامينها من الواقع الذي نعيشه، إلا أنها تُعيد ترتيبه بصورة سرياليّة. قبل بضعة أيام حلمت بحلم جعلني استيقظ وفي داخلي شعور بالإلهام. كان ذلك حوالي الساعة السادسة صباحًا حين قمت ودخّنت سيجارة وبدأت استعيد أحداث ما كان في المنام. لقد حلمت بأني استأجرت غرفًة متواضعة في يافا. وأنا في غرفتي، وإذ بالعديد من الشباب والشابات اليهود يدخلونها من دون استئذان. دخلوا الغرفة واستقروا فيها وصاروا يعيشون فيها مثلي، ينامون فيها ويأكلون ويتحدثون في مواضيع مختلفة. بدأ الأمر يزعجني لدرجة كبيرة حتى أنني قرّرت بأن أطردهم. كلّ ما أردته في الحلم هو أن أخلو بنفسي وأن أحتسي بهدوء بال كأس نبيذ مع سيجارة، لكن المجموعة التي استوطنت في غرفتي حالت بيني وبين الشعور حتّى بهذه المتعة البسيطة.
الأمور لم تبق على هذا الحال، بل إنها ازدادت تفاقمًا، فقد بدأت المجموعة التي استوطنت في غرفتي بالازدياد، حيث أتي المزيد منهم ثم بدؤوا بتوسيع الغرفة، وسرعان ما بنوا فيها مدرّجًا ضخمًا وزادوا عدة غرف اخرى. المدرّج كان يحيط بسرير ضخم كانوا ينامون عليه، وكان الشباب والشابات يجلسون على المدرّج ويشاهدون مسرحية أو عرضًا ما. استيائي الشديد من الحال الذي وقعت فيه جعلني أتوجّه بالشكوى لزعيمهم، وهو شاب يشبه رئيس لجنة الطلاب في جامعة إسرائيلية. قلت له: "أليس في نيّتكم الخروج من غرفتي؟! فهي لي وأنا الذي استأجرتها". نظر الشاب إلي وقال: "بالطبع لا!! فالنادي الموجود هنا سوف يتطور، ونحن باقون هنا إلى دهر الداهرين". ساعتها أحسست بالغضب وخرجت إلى الحارة ومعي تلفوني الجوّال وأنا عازم على الاتصال بالشرطة، لكن التلفون لم يشتغل إلا بعد محاولات عديدة. حين نجحت في الاتصال، ردّ عليّ موظف في مركز الشرطة، لكنه لم يظهر أي تعاطف مع وضعي، بل قال لي بلهجة قاسية لا تخلو من تهديد: "اهتم بأمورك. لدينا مشاكل كثيرة أهمّ من مشكلتك". قال هذا وأغلق الخط في وجهي.

بعدها عدت إلى الدار فتوجه اليّ زعيم المجموعة قائلا: "إن النادي يكبر، وبدأنا نجني أرباحًا عالية ونريد مشاركتك ببعض الأربح، لأن الدار في نهاية الأمر على اسمك"، والغريب أني شعرت وأنا أسمعه بشيء من الرضا، بالرغم من الأسى الذي أنا فيه.
وأنا في هذا الحال، وإذ بالباب يفتح ويدخل منه بعض الأصدقاء القدامى ممن تعلمت معهم في المدرسة الثانويّة. ساعتها تنفستُ الصعداء وقمت واستضفتهم وأخبرتهم بما حصل لي وشاركتهم رجائي بأن يخرج هؤلاء الذين سيطروا على غرفتي. ردّ فعلهم كان غير ما توقعت، فقد استمعوا لحديثي دون اكتراث، ثم أخبروني أنهم معنيون بأن يبقى هؤلاء اليهود في الغرفة. قالوا لي هذا وهم يلمحّون بأن بقاءهم يعني أيضًا بقاء الصبايا الجميلات اللواتي حضرن مع الجمع. وللعجب، فقد أوضح الأصدقاء موقفهم باختصار ثم دخلوا مسرعين واتخذوا لهم أماكن مع الجمهور الذي اكتظ به المدرّج.
عندها بقيت بلا حيلة، إلى أن قلت لنفسي وأنا في الحلم: "الأفضل أن تترك كل هذا وتذهب لتنام"، وفعلاً فقد مشيت نحو السرير الضخم وارتميت عليه إلى جانب النائمين فوقه من يهود ومن عرب وحاولت أن أغمض عينيّ وأن أستسلم للأمر الواقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *