أطلقت "سِوار"، وهي مؤسسة نسويّة عربية لدعم ضحايا الاعتداءات الجنسية، حملة حملتها لمناهضة ظاهرة العنف الجنسي تحت عنوان "هو اللي لازم يخاف". صديقتي ليلى، وهي عضوة في "سِوار"، هاتفتني واتفقنا على أن نلتقي في المؤسسة، وفعلا فقد ذهبت للقائها هناك، حيث استضافتني وأحضرت لي فنجان شاي أعشاب لطيف، ثم أرتني الملصق الذي أصدرته المؤسسة والذي يظهر فيه، إضافة إلى الشعار "هو اللي لازم يخاف"، رجل خائف يغطي وجهه. صورة الرجل الخائف أثّرت فيَّ وجعلتني أخاف من هذه الحملة مع أني في حياتي لم أعتد جنسيًا على أحد، وفي هذا ما يدلّ على نجاعة الملصق، وكونه يزرع الفكرة جيدًا في أذهان الناس.
شرحت لي ليلى أهداف المؤسسة وأهداف الحملة بشكل خاص، ففهمت منها أن ضحايا الاعتداءات الجنسية في مجتمعنا هنّ اغالبا نساءً وأطفالاً لإستضعافهم ، وأن المعتدين عليهن في غالبيّة الحالات هم إما من أفراد العائلة، كالأب أو الأخ أو العم، أو من أصدقاء العائلة. للسِوار خط هاتفي يستقبل اتصالات من الضحايا، ومن وخلال المكالمات الهاتفية، تقوم متطوعات وعضوات في المؤسسة بمعالجة الضحايا نفسيًا وبتزويدهنّ بمعلومات قانونية وبدعم نفسي وقانوني. أحيانًا، قالت لي ليلى، يتصل بالمؤسسة أناس مهتمون بالأمر، وليس بالضرورة ضحايا لاعتداءات، ويستفسرون عن المؤسسة وأهدافها. لقد نجحت الحملة الحالية في زيادة الاهتمام بالقضيّة وفي زيادة عدد التوجهات إلى مؤسسة "سِوار" من قبل مؤسسات ومدارس والتي تطلب من عضوات "سِوار" أن يقمن بإلقاء محاضرات للتوعية حول هذا لموضوع الهام.
فؤاد سليمان
النساء اللواتي يقعن ضحايا للعنف الجنسي يستترن في معظم الحالات تحت اسم مستعار ولا يكشفن عن هويتهن، وذلك لأنهن يشعرن بالخزي والعيب وبأن التهمة موجهة لهن في الدرجة الأولى، وذلك أيضًا لأن المجتمع ينظر لهن بشكل مُهين، لأن الاعتداء عليهن كان جنسيًا، وذلك خلاف ما كان سينظر لهن لو اعتدي عليهن بالضرب أو لو ُسرقن أو ما شابه. إن مجتمعنا هو مجتمع متحفظ ولا يرى وينظر إلى المواضيع الجنسية والعنف الجنسي كمواضيع من الضروري التعامل معها في إطار الحياة اليومية. ومع أن الكثيرات من ضحايا الاعتداءات الجنسيّة يتوجهن لطلب المساعدة، إلا أنّ أعدادًا أكثر من النساء تبقين صامتات ولا تتوجهن لطلب المساعدة، وذلك لخوفهنّ من تعامل المجتمع الظالم تجاههن.
مجتمعنا يتميّز بتعامل خاطئ مع موضوع الجنس، والذي يتميّز في الأساس بالكبت. الرجال في المجتمع يجدون أنفسهم مع طاقة جنسية كبيرة، تزيد من قوتها الإغراءات عبر التلفزيون والانترنت، وهم لا يجدون متنفسًا مقبولا لهذه الطاقة، فـيقوم البعض منهم، وخاصّة ممن يعانون من عدم الاتزان، بالاعتداء على نساء من أقاربهم. لا دفاع هنا عن المعتدين أو أيجاد ذرائع لتبرير جرائمهم، لكن يجب الاعتراف بأن الظاهرة معقدة والإقرار بأن الاتهام يجب أن يوجّه في الأساس نحو المجتمع الكابت والمُحبط للجنس، بحسب معايير مجتمعنا على النساء أن تبقى عذراوات حتى الزواج، وعلى الرجال تنفيس طاقاتهم الجنسية بطرق طبيعيّة ولائقة، ولكن مثل هذه الطرق تبقى مسدودة فالمصاحبة ممنوعة قبل الزواج والإحباط يزداد عند الرجال والنساء. باختصار، فإن المجتمع مريض في معاييره الكابتة للجنس. بعد أن عدت إلى البيت عقب اللقاء مع ليلى، صببت كأسًا من النبيذ ودخّنت سيجارة وقلت لنفسي "إن جميعنا ضحايا هذا المجتمع الرجعي الذي يرى في الجنس عيبًا، وإن الحل يتطلّب أوّل ما يتطلّب أن تزداد الليبرالية ويزداد التحرر الجنسي في هذا المجتمع.