هل سنتعرّض، مجدّدًا، لتفتيشات أمنية ؟ بقلم مطانس فرح

مراسل حيفا نت | 20/11/2009

 

ألاحظ، مؤخرًا، "صحوة" فنيّة تجتاح أحياء وادي النسناس، من رسومات وإبداعات لفنانين، تزيّن جدران وواجهات بيوتنا العربية القديمة، وتحتلّ أسطح بعض المباني الآيلة إلى السقوط. لا شك بأنّي أكثر من يقدّر الأعمال الفنيّة والإبداعيّة ولا جدل في ذلك؛ إلاّ أن هذه "الصحوة" الفنيّة، والحركة غير العاديّة، وفي هذا الشهر بالذات، تذكّرني باقتراب موعد مهرجان "عيد الأعياد".

فبعد مضي أكثر من عقد ونصف العقد، ما زال حي وادي النسناس العربي العريق، "يستقبل" مهرجان "عيد الأعياد" سنويًا؛ شاء من شاء من سكانه، وأبى من أبى. فسكان هذا الحي ينتظرون هذا الحدث "العظيم" سنويًّا، ليقلب حياتهم، مجدّدًا، رأسًا على عقب. وللأسف، القسم الأكبر منهم  يقبل بالأمر على مضض، وقسم آخر ملوّن وذو وجهين، وقسم لا مبالٍ، لا يعنيه الأمر. وأنا أعلم، علم اليقين، أن بعضًا من التجّار مستاءٌ كذلك، إلاّ أنه يفضّل السكوت للحفاظ على ماء الوجه مع باقي التجار والمنظّمين.

 

 

كم هو مضحك هذا الوضع ومُبكٍ!

سئمنا.. مللنا.. ضجرنا.. وباختصار "قرفنا" لمن لا يفهم – من هذا المهرجان السنوي، الذي تسوّق له بلدية حيفا والمنظمّون تحت شعار "التعايش" الزائف. وكي لا يفهمني البعض بشكل خاطئ؛ فأنا لست ضد التعايش بتاتًا، إلاّ أنّي مع التعايش الحقيقي المبني على المساواة التامة بين العرب واليهود، واحترام الآخر في هذه البلاد؛ تعايش مبنّي على أساسات وأسس، لا على تعايش "الحمص والفول والفلافللأيام عديدة فقط.

وللتذكير؛ كالعادة في كل عام، يتحوّل حي وادي النسناس فترة "عيد الأعياد"، إلى منطقة مغلقة كلّيًا أو شبه مغلقة، محاطة بـ"حواجز"، مدجّجة برجال الشرطة والأمن، وبوحدات حرس خاصة، للحفاظ على أمن الزائر الذي "يؤمن" بالتعايش. ومن أجل الحفاظ على أمن وراحة الزوّار، تُسلب حريّة التنقّل والحركة من سكان الحي الأصليين، فيتعرّض السكان للتفتيش لدى تنقلهم من حارة إلى أخرى؛ ومن يرفض التفتيش مبدئيًا، يقوم رجال "الأمن" باستجوابه للتحقّق من أنه يسكن الحي؛ ويطالبونه بإبراز بطاقة الهويةكما حدث معي سابقًا، ورفضت. يذكّرني الأمر، وللأسف، بما يحدث في المناطق الفلسطينيّة المحتلة؛ وبسبب هذه الازعاجات و"الإهانات" والتفتيشات يغادر غالبية السكان الحي أيام السبت هربًا.

وفي هذه الفترة بالذات، يمرّ طلاب المدارس والجامعات فترة امتحانات فصليّة وشهريّة؛ فكيف يستطيع طلابنا التركيز والدراسة أيام السبت، وهم ونحن – سكان الحي، من عمال وموظفين نصحو، في ساعات الصباح الباكر، على صوت إزعاج وصراخ الباعة وأصحاب البسطات، لتستمر "سمفونية" الصراخ المتواصل حتّى ساعات المساء المتأخرة.

 

 

 

وفي السنوات الأخيرة، يُمنع السكان من إيقاف سياراتهم في الحي، لتحتلّ موقف السيارات "بسطات" البائعين الذين يأتون، على الأغلب، من خارج مدينة حيفا. إضافة لذلك، وفي ظلّ "الحصار"، لو أصاب أي ساكن في الحي مكروه، أو سكتة قلبية مثلاً، فأنا متأكّد من أنه سيفارق الحياة قبل وصول سيارة الإسعاف!

فبعد أكثر من خمسة عشر عامًا من استقبالنا لهذا المهرجان "العظيم"، مهرجان "التعايش"، النتائج واضحة: تفشّت العنصرية، وازدادت أعمال العنف، وكبرت الفجوة، واتّسعت الهوة بين العرب واليهود في مدينة "التعايش" حيفا. فعن أيّ مساواة وتعايش تتحدّثون؟!

كما أني لم ألمس منفعة عامّة عادت على هذا الحي وساكنيه، تعويضًا عن الضرر والإزعاج اللاحق بهم. فما زال ينقص الحي النوادي الشبابية، والأطر التربوية والثقافية الملائمة، عدا المكتبات العامة والحدائق والإنارة وما إلى ذلك، مقارنةً بباقي الأحياء اليهودية في هذه المدينة.

يكفي! عيب أن يستمر الترويج لهذه المهزلة على حساب راحة السكان، أصحاب هذه الديار والبيوت. إضمنوا على الأقل، أبسط الحقوق بالتنقّل وعدم الإزعاج المستمر والراحة والاحترام لسكان هذا الحي.

فهل سنلمس تغييرًا، ولو جزئيًا، هذا العام، باحترام المسؤولين، من بلدية ومنظّمين لأبسط حقوقنا، أم سنتعرّض مجدّدًا، كما في كل عام، لتفتيشات "أمنية"؟

سؤال سنعرف جوابه قريبًا.

وكل مسرحية "تعايش" وأنتم ونحن بخير..

(حيفا)

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *