كفر مصر
كميل ساري – مدير قسم الرقابة ،الأبحاث وسياسة صيانة الآثار في سلطة الآثار
تقع قرية كفر مصر قرابة ثلاثة كم إلى الجنوب الشّرقي من جبل الطّور، وهي واحدة من قرى المجلس الإقليمي بستان الجليل، الذي يضمّ أربع قرى: نين، سولم، دحي وكفر مصر.
لمحة عامّة ومصدر الاسم
رجّح بعض الباحثين إلى أنّ أصل التّسمية يعود إلى “مصر”، حيث ينسب الباحثون تأسيس القرية المعاصرة إلى عائلات مهاجرة من مصر إبّان فترة حكم علي باشا خلال القرن التّاسع عشر (1768 – 1849). كما يبدو، خلال فترة الانتداب لم تتواجد في القرية أيّة عائلة مصريّة، حيث كان جميع السّكّان من عائلة الزّعبيّة.
أمّا خلال العصور القديمة، فقد رجّح الباحثون أن يكون أصل التّسمية، يعود إلى استيطان المصريّين القدامى في المنطقة عام 605 ق.م إبّان فترة الفرعون نخاو الثّاني (610 – 595 ق.م). كما ورد اسم “كفر مصر” في المصادر الصّليبيّة، بينما ورد اسم القرية في خارطة “جاكوتين” من عام 1799، تحت اسم “Mebhel” بمعنى المكان الخلّاب/الجميل.
لاحقًا ورد ذكرها في سجلّ الضّرائب من الفترة العثمانيّة (تحت اسم Misrasafa) على أنّها تابعة إلى لواء صفد، بينما ذكرت باسم “كفر مصر” ضمن المسح الذي قامت به جمعيّة مسح فلسطين عام 1888 (PEF – Palestine exploration fund). كما ووصفها الرّحالة فيكتور جيرن خلال زيارته للموقع عام 1875.
الحفريّات الأثريّة ونتائجها
جرت الأبحاث الأولى في القرية عام 1984 ولا زالت مستمرّة على مراحل حتّى أيّامنا هذه. وتمّ مسح المِنطقة خلال المسح الأثريّ بدعم سلطة الآثار عام 1990 (صورة رقم 1 – المنطقة من خلال خارطة المسح الأثري). خلال حفريّات عام 1984، تمّ الكشف عن بقايا كنيس يهوديّ في مركز القرية، يعود تاريخه إلى الفترة البيزنطيّة (القرون الثّالث – السّابع ميلاديّة: صورة رقم 3)، كذلك تمّ العثور على بقايا منازل من الفترة الإسلاميّة (الفترات الأمويّة والعبّاسيّة) والفترة المملوكيّة والصّليبيّة.
لاحقًا، وفي عام 2002، أجرت سلطة الآثار حفريّات أثريّة (قرابة 100 متر إلى شرق الكنيس)، تمّ خلالها العثور على آثار مبنى جدرانه مبنيّة من حجر البازلت؛ وعلى مقربة من أحد الجدران عثر على صفيحة (صينيّة) من النّحاس، يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر ميلاديّ (صورة رقم 2 – بلطف عن سلطة الآثار). أمّا أدوات الفخّار من المبنى فقد تمّ تحديد تاريخها إلى الفترات: البيزنطيّة (القرن السّادس ميلادي) والفترات الإسلاميّة (القرون السّابع – الثّامن ميلاديّة).
أمّا حفريّات عام 2006 فقد كشفت عن جزء من مبنى أحاط حوضًا للمياه، وكما يبدو فإنّ الحوض استعمل لتجميع المياه لريّ الأراضي الزّراعيّة القريبة منه. ووفقًا لأدوات الفخّار، تمّ تحديد تاريخ الحوض إلى الفترة الرّومانيّة والبيزنطيّة (القرون الثّاني – السّادس ميلاديّة).
الحفريّات الأثريّة التي أجريت في كفر مصر قليلة (أربع حفريّات إنقاذ)، إلّا أنّها أشارت إلى بداية الاستيطان في المنطقة منذ الفترة الرّومانيّة وحتّى أيّامنا. خلال المسح الأثري تمّ التقاط بعض أدوات الفخار من الفترة الفارسيّة (القرن السّادس ق.م)، إلّا أنّنا لم نعثر على بقايا استيطان من تلك الفترة حتّى الآن.