ليش هاي الفرقعهْ-بقلم: فؤاد سليمان- حيفا

مراسل حيفا نت | 16/09/2009
حين أتخيل مجيء عيد الصليب، وهو العيد الذي مر أمس بسلام نسبيًا، ولكن بدرجة كبيرة من الإزعاج، أتخيّل فرقعة مستمرة لمدة نهار كامل، فرقعة غير محمولة لقذائف نارية، نهار غير محمول. لكن أحيانًا يّذكرني هذا النهار بمواقف مضحكة جرت في طفولتي. مثلاً، أذكر أنني كنت أتمشى في أحد أيام العيد في شارع هشيزاف، الذي كنا نسكنه، فرأيت ثلاثة فتيان يحملون الفراقيع. واحد منهم كان يحمل فراقيع من النوع الصّاروخي الذي يقذف الواحدة تلو الأخرى. فجأة قرر هذا الشاب أن يبدأ يقذف فراقيعه الأوتوماتيكية باتجاه صديقه، فصوّب الـ"مدفع" الصغير نحو صديقه وبدأ يقذف الفراقيع. هرب صديقه منه، لكن ذلك الوقح لم يدع صديقه وحاله، بل لحقه واستمر في مهاجمته خلال هروبه.
 
ذكرى أخرى لها علاقة بيوم الصليب، تعود إلى بضع سنوات مضت، حين كنت في الخامسة أو السادسة والعشرين. يومها ذهبت لزيارة صديق لي ثم جلسنا نلعب الشطرنج. لم أكن أدري أن ذلك اليوم هو يوم عيد الصليب، وذلك لأن صديقي يسكن في حي الكبابير والمنطقة هادئة ومريحة ولا تشتعل بضجة الفراقيع. حين فاز صديقي بلعبة الشطرنج، قال دون سابق إنذار وهو يبتسم ابتسامة بيضاء: "بتعرف إنه اليوم عيد الصليب؟". فأجيته مستغربًا "بلاّه؟" وابتسمت ابتسامة كبيرة معناها "كم أنا سعيد لأني استرحت من ضجة حارتي وفراقيعها". وحتى الآن أذكر أن ذلك اليوم كان أفضل عيد صليب مر علي، وإن كانت لدي نصيحة أعطيها لكنت قلت: "في عيد الصليب، لا تفكر مرتين… أهرب…. فلّ ….سافر الى الكبابير".
 
اليوم، يوم واحد ما بعد عيد الصليب، اتصلت بي زوجتي من التاكسي الذي كانت تستقلّه، فسمعت السائق وهو يشتم العرب والساعة اللي خُلقوا فيها، وذلك، كما فهمت، بسبب الفرقعة التي كانت في عيد الصليب. في تحليلي للأمر: "لماذا يهوى فتياننا الفرقعة؟". قد يعود ذلك إلى رغبتهم اللا-واعية بحرب أهلية أو احتجاج صاخب على سياسة الدولة العنيفة ضد العرب. ومع هذا، وبغض النظر عن معاملة الدولة القاسية، علينا أن نبقى متحضرين وأن لا ننحدر إلى عادات فظّة، وبالعربية العامية: "فكّونا من هاي العادة المُقرفة" وتعالوا نصرف أموالنا بما يُدخل السعادة الى قلوب الناس، وليس بفراقيع لا شيء يأتي منها إلا الضجة. عيد الصليب بدأ بإشعال النيران على رؤوس الجبال والتلال، وذلك لأيصال الخبر من القدس إلى روما بأنه قد تم العثور على الصليب. لكن الرومان الذين فعلوا ذلك لم يفرقعوا، فلماذا نفرقع نحن؟!!.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *