قمرٌ
يا بدرَ البدورِ يُغطّى السماءَ
يَفتَحُ سِفْرَ التكوينِ وَرَسْمَ التلوينِ
وخرائطَ أقاليمِ الهجرةِ من مكانٍ ما
من نقطةٍ ما ..
من زمنٍ يرسُمُ في كُتُبِ الخلقِ كلامَ اللهِ
يَجْلِسُ سيدُ المكانِ والزمانِ
ويقرأُ في سفرِ الصحراء
ثلاثةٌ من الملائكةِ
الأوّلُ : فرَشَ الصحراءَ
الثاني : نصَبَ الخيمةَ
الثالث : عربيٌ
فرَشَ عباءَةَ السماءِ خيمهْ
وَيَخْطُو مُرتحلاً من البحرِ الأحمرِ
إلى المحيطِ الهادئ حتى خليج العرب
وشرقًا من رأسِ خليجِ العقبةِ حتى الفراتِ
قمرٌ
فوقَ البحرِ
مبللٌ قليلاً بالنعاسِ والمطرِ
وينتشرُ الضبابُ
غزالةٌ
تنزلُ من سُحُبِ السوادِ
تَلفُّ البحرَ في منديلِ الدمعِ
وينسكبُ نهرُ الشوقِ في وادٍ سحيقٍ
لا زرعَ فيه .. لا غرسَ لا نباتَ
حَنيني ليسَ على حجرٍ
على رسمٍ على القفارِ
حنيني لمن سكنَ الديارَ ..
خُذْني مَعك خُطْوتي في الهواءِ
أضَاعني قَدَري ..
والأفقُ في مِعْصَمِي
كان يشيرُ لي إلى الطريقِ ..
تخاصمَ في ليلِ الأعاصيرِ مع بَصَري
كانَ هواءً صار ريحًا صار إعصارًا
أين مَوْطِنُ قدمي أين الطريقُ ؟
خُذْني ..
أُجاوِرُ خطواتِكَ في ليلِ الغربةِ والترحالِ
خُذْني معكَ
أدْخُلُ خيمةَ التاريخِ
عباءَتي الشمسُ والصحراءُ يدي ..
وأصابعي أوديةٌ دائمةُ الجريانِ بالحبرِ والكتابهْ
خُذْني معكَ
خُطْوتي في الهواءِ
أضاعَني قَدَري وبيني وبينَ مملكتي يقِفُ الغريبُ
وقاطعُ الطريقِِ
والسيفُ والجلادُ والمقصلة
والطريقُ إلى رحابِ مكةَ طويلة
وليلٌ من الضبابِ كثيفٌ ..
زمنٌ يَرْفَعُ على رؤوسِ الرماحِ
قلعةَ الانتظارِ
وصمتَ المكانِ وعطشَ القلوبِ
كم انتظر َ الماءُ أنْ ينفجِرَ ) غزالٌ راكضٌ )
من بئرِ زمزمَ
في براري جفافِ الغيمِ في قرآنِ السماء ..
سيّدُ المكانِ والزمانِ
اتكأ على عصا من نخيلِ العراقِ ..
قلتُ : يا صحراءَ كُوني عَطشي جُوعي رُجوعي
عِشقي سَفري وتِرحالي
في جنونِ الريحِ
في سفرِ البدويِ
مرتحلاً ..
ما بينَ النجم ِ وبينَ الماءِ
وعطشِ الأرضِ في مواسمِ الشمسِ إلى السماءِ ..
مرتجلاً قصيدةً ما بينَ النهدِ وبينَ الأطلالِ
عطفًا على تجريحِ الريحِ من قسوةِ المكانِ
رجوعًا على ( ما الحبُّ إلا للحبيبِ الأولِ )
يا مَهْدَ الجزيرةِ العربية