ما نستثمره الآن في أولادنا نجده لاحقًا

مراسل حيفا نت | 18/11/2016

الدكتورة هالة خوري بشارات، الخبيرة في القانون والعمل المجتمعي:
ما نستثمره الآن في أولادنا نجده لاحقًا
لقاء خاص حول موضوع السّلم المجتمعيّ أجراه الدكتور عزيز دعيم، (خاص بـ “حيفا”)
السّلم المجتمعي مصطلح غير واضح لغالبية المجتمع، وتُظلله ضبابية كثيفة متعلقة بتنوع ارتباطاته وبتنوع نظرات الشرائح المجتمعية بتعدداتها المختلفة له.
لتقصي مفهوم وسُبل تعزيز ثقافة السّلم المجتمعي ضمن دراسة أكاديمية قمت بها، التقيت بشخصيات متنوعة قمت باختيارها كعيّنة قصدية، لتساهم في سبر أعماق مفهوم ثقافة السّلم المجتمعي، وارتباطاته وتأثيره وتأثره. وفيما يلي توثيق مقابلة غنيّة بالمضامين والتوجهات، أثارتها الدكتورة هالة خوري بشارات، عن طريق رؤيتها اليومية والميدانية للموضوع، وخبرتها في القانون والعمل المجتمعي.
د. هالة خوري – بشارات، حاصلة على اللقب الأول والثاني بامتياز في المحاماة من كلية الحقوق في الجامعة العبرية، وعلى اللقب الثالث الدكتوراه في القانون من جامعة أكسفورد – بريطانيا. عملت في مجال المحاماة في مركز الدفاع عن الفرد (هموكيد)، وفي مكتب محامين مختص بقضايا الإهمال الطبي، وكمحررة لدفاتر عدالة، وكمحاضرة، خارجية، في مجال القانون الدولي الجنائي، في كليات الحقوق في جامعة تل أبيب وجامعة حيفا، وفي قسم الحقوق في كلية “هامنهال”. محاضرة في القانون وعضو الهيئة التدريسية في المركز الأكاديمي “كرمل” في حيفا. ومن ضمن المساقات التي تعلّمها: قواعد الإثباتات، قانون الإجراءات الجنائية، والقانون الدولي العام والجنائي. وهي عضو إدارة “عدالة” منذ العام 2007، وأشغلت منصب رئيس الإدارة حتّى العام 2014.
– ما هو مفهومك لثقافة السّلم المجتمعي؟
– نحن في مجتمع يتميّز بخاصية التعددية، ونحن أقلية أصلانية فيها تعددية كثيرة. عندما نتحدث عن سِلم مجتمعي أرى حلقتين، حلقة المجتمع العربي وحلقة المجتمع الأكبر أي الدولة. ثقافة السِلم هي بناء علاقة سليمة وصحية وبنّاءة، فيها أمل وعطاء واحترام متبادل وفعّال، وقبول للآخر ضمن تعددية كبيرة (أي ضمن أقلية أصلانية فيها تعددية كثيرة). ثقافة السّلم تتمحور في نظرتنا للآخر، على أننا كلنا سواسية، وفي التعامل مع الآخر دون استعلاء، وفي التفكير عن الآخر بدون آراء مسبقة، وانتماء أكبر للإنسانية والإنسان.
– ماذا يعني لك نشر ثقافة السّلم المجتمعي في المدرسة أو المؤسسة التربويّة؟
– نشر ثقافة السِلم هي مهمة ثقافية تعليمية في الدرجة الأولى، وأهميتها تسبق تنفيذ أو إنجاز المنهاج. هذا الأمر يضمن تربية جيل لديه مؤهلات وصفات للتعامل مع الآخرين، بما في ذلك مواجهة صعوبات وتحديات يضعها المجتمع أمامه، لكي يشق طريقه إلى النجاح الشخصي والعملي والمجتمعي. فما نستثمره الآن في أولادنا نجده لاحقًا.
– حسب رأيك ما هو دور الإدارة المدرسية في نشر ثقافة السّلم المجتمعي؟
– دور المدير هو الدور الرئيس، هو الحلقة الأولى في كل العملية، هو الرأس، فهو يأخذ دور قائد “فريق الاوركسترا” لضمان تجانس الموسيقى الصادرة من الفريق، وذلك من أجل ضمان “ثقافة المنظمة” حتى يتحدث الجميع بنفس اللغة والمصطلحات. كما أنّ وظيفة المدير في المتابعة أيضا، فهو يعالج كل حلقة ضعيفة، ليقويها ويدعمها ويعزز فيها جانب ثقافة السلام، هو المتابع والقائد والمراقب لانسجام جميع الإفراد والشركاء وتفعيل “العازفين” في أروع انسجام.
– وفقًا لرأيك ما هي أهم العوامل التي تعزز بناء شراكة مجتمعية بين المدرسة والمجتمع المحلي لنشر ثقافة السّلم المجتمعي؟
– هنالك مجموعة من العوامل المعززة لنشر ثقافة السّلم، منها:
• توثيق العلاقة وتفاعل متبادل ومكثف بين المدرسة والمجتمع.
• توثيق شبكه التواصل بين أطراف المجتمع.
• تجنيد المؤسسات المحلية والجمعيات والمؤسسات المدنية لدعم الفكرة والبرنامج.
• الاستعانة بمختصين لدعم المشاريع والبرامج فكلما كان التشابك والتواصل أكبر كلما كانت الفائدة أعظم.
• سماع ومشاهدة أخبار مع إرشاد وتحليل وحوار، بما في ذلك توعية لملاحظة ما بين السطور، والانتباه لكيفية عرض نفس الخبر في وسائل الإعلام المتنوعة، والمقاصد المبيّنة والمبيّتة أحيانا، والتمييز بين الحقائق والآراء، والتدرب على النظر للأخبار بشكل ناقد وليس كحقائق مُسلّمة.
– ما هي أهم العقبات التي تواجه الإدارة المدرسية في بناء شراكة مجتمعيّه لنشر ثقافة السّلم المجتمعي في مدارس الجليل حسب رأيك؟
– هنالك العديد من العقبات:
• المدير، من حيث استعداده ووضعه ثقافة السِلم في أولوياته.
• الأهل، من حيث انشغالاتهم وعدم تفرّغهم للمدرسة.
• الطاقم، من حيث أهليته واستعداده للشراكة والتفعيل.
• عدم تناغم أساليب التربية بين المدرسة والبيت، فمن المهم أن يعمل الطرفان معًا ويُكمل أحدهما الآخر.
• الجو العام وتفشّي العنصرية والتضييق على الأقليات وسياسة وسائل الإعلام.
• عدم تعاون المؤسسات، هنالك إحساس بأن الجمعيات والمؤسسات المجتمعية والمدنية تقوم بدورها في المدارس.
• موانع اقتصادية ونقص في الميزانيات والموارد.
– ما هي الحلول المقترحة للتغلب على العقبات التي تقف حائلًا أمام الإدارة المدرسية في بناء شراكة مجتمعية لنشر ثقافة السّلم المجتمعي في مدارس الجليل حسب رأيك؟
– من أهم الحلول:
• التأكيد والعمل على رفع دور البيت في التربية السليمة والسِلمية والاهتمام بالأولاد.
• حاجة الأولاد للأهل في عصر المنافسة نحو التقدم، وانشغالات واهتمام الأهل بتقدمهم المهني على حساب الأولاد (أي أن يكون الأولاد في سلم الأولويات).
• تعزيز القيم الإنسانية والسلوكيات والنظرة الإيجابية.
• تقديم الدعم والإرشاد والتوجيه للطلاب والأهالي.
• شراكة مجتمعية في فعاليات وبرامج اثراء.
– ما هي مقترحاتك لعناوين ومضامين أنشطة وبرامج، ترينها مهمة، لدعم ثقافة السِلم المجتمعي؟
– هنالك مجموعة من المشاريع والبرامج الداعمة لثقافة السِلم منها:
• زيارة مؤسسات مجتمعيه ومستشفيات ومحاكم.
• تعارف بين مدارس فيها تعددية.
• اشتراك في مسابقات كتابية، علمية، وإبداعية متنوعة تخلق نوعًا من الشراكة والتعرف على الآخر وتنمي الطموح.
– ما هي رسالتك للجمهور؟
– هذه الرسالة تعبّر عن منهجية هامة جدًا، إذ فيها استثمار للطاقات الإنسانية الذين هم أولادنا. فِكر ثقافة السِلم هو فكر هام جدًا فمجتمعنا بأمس الحاجة له، فهو يساهم في تقدم أولادنا وتأهيلهم لحياة أفضل ولمواجهة التحديات. حبذا لو يتم تطبيقه مع كل الصعوبات الجمّة والضغوطات والعراقيل وألا يبقى الأمر نظريّا، إذ يحتاج لإرادة قوية ونيّة طيبة ودافعية وتحفيز.
– شكرا جزيلا.
– عفوا.

unnamed-34

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *