فَلْيَسْقُط الاسْتِعمَار وأَجيرَته الصَّهيُونِيَّة ( د. خالد تُركي – حيفا )

مراسل حيفا نت | 06/07/2009

  حَتَّى تأْتينا العزائمُ على قدْرِ أهلِهَا وحتّى تأتينا المكارِم على قدْرِ أصحابها، وحَتَّى يُولّى عَلَينا كَما نَكُون، علينَا أنْ نكُون صادقين في سردِ تاريخِنا وحِفظِهِ عن ظَهْرِ قَلب وتَحفيظِه لأولادِنا والحفاظ عليه من الضّياعِ ومن غدرِ الزّمانِ كي لا يأتي أحدٌ ما، مارِقٌ ذو هوايةِ تَسْويفٍ أو حِقْدٍ أو كَيْدٍ، وَيَزرَعُ البحرَ مقاثٍ ويكتب أشياء مقتبسة من أرشيف المخابرات الإسرائيليّة، مرجعيّته، فالتّاريخ يكتُبُه الشّعبُ والحدثُ يَصنعُهُ الشَّعبُ وكذلك الصُّمود والتَّصدِّي والمُجابَهَة والمواجَهَة يَصنعُهُ الشَّعبُ الذي يسْتَرخِصُ حَياتَه في سَبيلِ حياةٍ حرّةٍ، عزيزةٍ، كريمةٍ، شريفةٍ ونبيلةٍ ويَتَمسَّك بالإباءِ والكرامَةِ والحقِّ والوحدة. وحتّى لا يَكتُب التّاريخَ، تاريخَ شعبٍ ووطنٍ، من يجلسُ في هذا البلاطِ أو ذَاك، أو قارئٌ من أرشيفِ المُخابرات، لغرضٍ في نفس يعقوب، وحتّى تكون مرجعيَّتُنا التّاريخيّة  حقيقيّةً وصادقةً، علينا كتابة اعترافات الشَّاهِدين على الحَدَثِ وصانعيِهِ لكي لا يضيع كريشةٍ في مهبِّ الرِّيح، في هذا الزّمن العربيِّ الرّديء. وإذا كانت حقيقةُ سُقوطِ النّاصِرة غَيرَ وَاضحةٍ لتلك الصّحيفةِ أو ذلك المُحاضِر قرّرتُ أن أهتمَّ، بتواضعٍ، بهذا الموضوع لإزالةِ الرَّمادِ عن العُيونِ ولأذكّر ﴿إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى﴾ ﴿وسَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى﴾.

لقد سقطت الناصِرة في السّابع عشر من تمّوز عام ألفٍ وتسعِمائةٍ وثمانية وأربعين، بعمليّة ديكل، حينَها كانَت رَفيقتُنا وَرْدَة شُومَر حَبِيب، أمّ السّعيد، صبيّةً في السَّادسَة عَشْرَة مِن العمرِ وَتَتَذَكَّرُ بعضَ حَوَادِث تِلكَ السّنة. كَانَ أَخُوها رَاجي يَعْمَلُ سائقًا في خِدمَةِ اللجنةِ القَوميَّة، التَّابِعة لِجَيْشِ الإنْقَاذ، حيثُ كانَ عَدَدُهُم في النَّاصِرة نحو خَمسِمائة متطوِّعٍ بقيادةِ مدلول بك، وكان ينقلُ رئيسَ اللجنةِ القوميَّة في النّاصِرة، إبراهيم الفَاهُوم أو آخرين مِن وإلى بَيْروت إلى مقرِّ القِيادَةِ العُليا، للتَّنسِيقِ والمُبَاحَثات والاسْتِشَارَة، وحين كانَ عائدًا من سفرِهِ حدَّثَ أَهْلَ بيتِهِ أنَّ رجالَ عصْبَةِ التَّحرُّرِ الوطني يقفونَ وقفةً بطوليَّةً عندَ مشارِفِ ومداخلِ النَّاصِرة ليمنَعُوا أهلَ البَلدِ من النُّزوحِ، لدرجة أنَّهم كانوا يفرِّغون إطارات الشّاحنات من الهَواء، بواسطةِ آلات حادَّة، حتّى يمنَعُوا نقلَ السُّكَّانِ إلى مَا وراءِ الحدُود، وفي حادِثةِ أخرى تقُولُ أنَّ شَبَابَ العصبةِ وأصدقاءهم أوقفوا الشَّاحِنَات بأجسَادِهِم، أو حتّى انْبَطَحوا تحتَ عجلاتِ الشّاحنات، في الحيِّ الشَّرقيِّ للمدينةِ، كي يَمْنعُوا السّكّان من الرَّحِيلِ والتَّهجيرِ واللجوء، ويُحكَى أيضًا أنَّ سُكَّان حيّ الرّوم توجَّهُوا إلى الحيّ هُناك، برفقةِ خوري الرّوم، الأب باسيليوس، ليمنعُوا التّهجيرَ بعد أن حاصرَ الجيشُ المنطقةَ، وحين سُئِلوا: "شو خَصْكو بالحارة الشّرقيّة" قالوا لهم: "إحنا أهل بلد وحدة وما بصير نخلّيهن يتركوا، لأنّو مصيرنا واحد"..وهنا يتدخّل السَّيِّد سُهيل حبيب، أبو إيهَاب، الذي كانَ عمْرُهُ ستَّة وعشرين عامًا، يقول: كان هُناك ضابطٌ عراقيٌّ من جيشِ الإنقاذِ تربطُه علاقةً وطيدةً مع رفاقِ العصبة، يُدْعى أحْمَد الشِّيخِلِي، حيث توجَّه معَهُم إلى منطقةِ عين العذراء وحين رأى الشَّاحنات تستعدّ للانطلاقِ بركّابِها، بدأ يُطلِق الرّصاصَ على إطاراتِها لمنعها من نقلِ السُّكان إلى خارجِ الوَطَن.

يقولُ الرّفيق عبَّاس زين الدّين، أبو عصام: "لقد حاصَروا النّاصِرة من جميع جهاتِها وأبقوا منفَذيْن، طريق الشْريعة المفتوحة باتّجاه الأردن والطّريق الشّماليّة المُؤدِّية إلى رميش وبنت جبيل وطبعًا كان مسارُ النَّازحين باتِّجاهٍ واحدٍ لأنَّ المُحْتَلّين أطلقُوا النَّار على كلِّ من فكَّر بالعودة. ويُتابع أرادَ المُحتلّون إرهابَ السُّكَّانِ لحثِّهِم على الهرب، كان النّاسُ مُجْتَمعين في مقهَى كامل البُولس، الكائن وراءَ عين العذراء، لسَمَاعِ نشرات الأخبار المتتالية وإذْ بأحدِهِم يرمي قنبلةً على جُمهورِ الحُضورِ حيثُ استُشْهد حينَها أحدُ وجهاءِ المدينةِ، سِرِّي الكيلاني، وجُرِح  بعضهم".

لقد كانت هناك أوامر من جيش الإنقاذ نفسه يمنع فيها الرَّحيل، "إذْ أنَّ الحكومات العربيّة أرادَت الحؤولَ دونَ تدفُّق مزيد من اللاجئين إلى بلادِها. وبالتّالي رُدّ بعض الأشخاصِ الذين كانوا قد بدأوا بالمغادرةِ على أعقابِهِم. لكن عندما اشتدَّ القصف، رأى أنَّه من غير المُجدي مقاومة القوّات اليهوديّة المتفوِّقة جدًّا، فشجَّع النَّاس على الرَّحيل وسلَّم المدينة بنفسِهِ في السّاعة العاشرة ليلاً" (التّطهير العرقي في فلسطين، إيلان بابه ص 199). ويقول السّيّد سُهيل حَبيب بعد أن رأى رئيس بلديّة النّاصِرة السّيّد يوسف الفاهوم، أبو عاطِف، أنَّ الغلبةَ لوحدات جولاني صعد إلى الخانوق مع وجهاء المدينة، ليرْفع الرّاية البيضاء ويُعلنَ استِسلامَ المدينةِ لتلك الوحدات، وهكذا حفظ للنَّاصِرة بقاءها وحفظ لأهلها حياتَهم. وتتابع أمّ السّعيد حديثها: لقد اختبأنا في مغارةٍ، في حارةِ الصَّبر، قُربَ بيتِنا  خوفًا من القتل والذّبح والفتك والتعرّض لأعراضنا، حيث كان عددُنا حوالي ستين شخصًا. بعد أنْ سَمِعنا زغردات الجارة، أمّ فؤاد، التي قالت آويهتها الأخيرة، قبل أن تُقتَل برصاص قنَّاص غدَّار، خرجنا من المغارة وأذكر أنّها غنَّت:دُوسُوهِن دُوسُوهِن وبالسِّيف قطِّع رُوسْهِن كانت تظُنُّ أمّ فؤاد أنّ جيش الإنقاذ، الذي أخذ من النّاصِرة مركِزًا له، بدأ بتحرير البلد، لكنَّها لم تعرفْ مكرَ الغُزاةِ بعْد، حيثُ دخَلَت وحدات جولاني بقيادةِ الضَّابطِ موشيه كرمل، أحياء المدينة وهُم يعتَمِرون الكوفِيّات، فخَرَجت لتهنئتهم بالنَّصر لكنَّ حَتفَها كانَ ينتظرها. جرت، في اليوم ذاته، حادثةٌ مشابِهةٌ، تسردُها الرّفيقة أم جابر، سميرة خوري، عن زوجِ عمَّتها، الذي ما أن أطلَّ بِرأسِهِ من البابِ ليخرُجَ إلى السَّاحَة حتَّى أصابتْهُ عدّة رصاصات موجّهة إلى رأسِهِ فأردَتْه قتيلاً (جذور من الشّجرة دائمة الخضرة د. أحمد سعد ص 112). ويُشيرُ إيلان بابه إلى ما قاله بن غوريون لقائد العمليّات العسكريّة بأن يسمح  للنّاس بالبقاء لأنّ "العالَم يُراقبُنا هُنا"، ولكن ليس كلّ من سُمِحَ لهُ بالبقاءِ كان آمنًا"(التّطهير العرقي في فلسطين، إيلان بابه ص 199). بعد سقوط حيفا، أي قبل سقوط النّاصِرة، حمل الرّفيق توفيق طوبي منشورًا كتبه باسم عصبة التّحرّر وطُبِع على ورق ستانسل، إلى النّاصِرة، بعد أن سلّمَ نُسخًا منه لرفاقنا في عكّا،حيث أعطاه للرّفاق ليقوموا "بتوزيعه على اللاجئين النّازحين" (جذور من الشّجرة دائمة الخضرة د. أحمد سعد ص 18)، هذا وقد اختُتِم  المنشور، كما جرت العادة، بشعار فليسقط الاستعمار وأجيرته الصّهيونيّة وبتوقيع عصبة التّحرّر الوطني.وتُشير الرّفيقة سميرة خوري بعد أن وصلت إلى النّاصِرة قادمة من عكّا حيث كانت تعمل مدرِّسة هناك: "وعندما وصلتُ وأنا أحمِلُ أفكار عدم الرّحيل، وأحملُ معي منشورات عصبة التّحرّر الوطني التي تدعو للبقاء في أرض الوطن والدِّفاع عن أنفسِنا وبيوتِنا وأرضِنا بدأتُ أُطلِعُ والدي على هذه المنشورات وأناقشه بروحها، عرفت منه أنّ هذه الدّعوة أيضًا كانت في الناصِرة".. (جذور من الشّجرة دائمة الخضرة د. أحمد سعد ص 111).  

وعندما اعتَقَلَ جيشُ الإنقاذ رفاقَنا في النّاصرة يقول طيّب الذّكر سهيل نصّار: "وسرعان ما ألّفوا محكمة عسكريّة لمحاكمتهم وعَلِمنا أنّ المحكمة كانت قد اتّخذت قرارًا مُسبقًا، بطردِهم إلى ما وراء الحدود السّوريّة، ورميهم بالرّصاص والتّخلّص منهم، تَجنَّدَتْ النَّاصِرة لإطلاق سراحهم إلى درجة أنَّ رئيس اللجنة القوميّة، المرحوم إبراهيم الفاهوم، طالب بإطلاق سراحهم.وفي يوم المحكمة وقفَ الشّهيد الشّاعر عبد الرحيم محمود، ليُعلن أنّه يعرف المُعتقلين وتفانيهم في النّضال من أجل حقّ تقرير المصير، لشعبهم الفلسطيني، وإنشاء دولته المستقلّة"(جذور من الشّجرة دائمة الخضرة د. أحمد سعد ص 159). ويُضيف الرّفيق أبو عصام: أنّه حين اعتقلوا رفاق العصبة قام نفرٌ من جيش الإنقاذ بدعوة النّاس للبصق على المُعتقلين لإذلالهم، ولم يُلبِّ أحدٌ طلبهم لِما يكنّونه من الاحترام والمودّة والتّقدير لهؤلاء الشّباب، ويُتابع حديثه: أنّ الشّاعر عبد الرّحيم محمود، أبو الطَّيِّب، والذي كانت تربطه علاقة متينة بالقائد الشّيوعي طيِّب الذّكر فؤاد نصّار وباقي الشّيوعيّين في فلسطين، خاصّة بعد أن عادا من منفاهما، من العراق. لقد كان مُتطَوِّعًا بِرتبةِ ضابط في جيش الإنقاذ، من وحدة جمال الحُسيني، حيث استُشْهِدَ في معركة الشّجرة شمال المدينة قرب مفرق مسكنة في الطّريق إلى طبريّا،  بعد ذلك في الثّالث عشر من تمّوز عام ألفٍ وتسعِمائةٍ وثمانية وأربعين. وقد قامت  صحيفة الاتّحاد بنشر قصائده، يا عامل وثورة العاملين وقصيدة "الشّهيد" التي نتغنّى بها وننشِدها اليوم هي من كلمات لشّاعر الشّهيد عبد الرّحيم محمود:

سَأَحْمِلُ رُوحِي عَلَى رَاحَتي

وَاُلْقِي بِهَا فِي مَهَاوِي الرَّدى

فإمَّا حَيَاةٌ تَسُرُّ الصَّدِيقَ

وَإمَّا مَمَاتٌ يُغِيظُ العِدَى

وَنَفْسُ الشّرِيفِ لَهَا غَايَتَان

وُرُودُ المَنَايَا وَنَيْلُ المُنَى

ويحدّثنا صديقنا أبو إيهاب أنَّ الجيش أصدر أوامره بتسليم السّلاح وبدأ بحملات التّرهيب والتّخويف خاصّةً في الحيّ الشّرقيّ لجمع الذّخيرة والأسلحة، وحين سمع رفاقنا الخبر بدأوا بالتّجمهر قرب العين من أجل الانطلاق نحو الحي المُحاصر لتخليصهم من إرهاب الجيش وكان النّصر حليف رجال العصبة ويذكر منهم الرّفاق: منعم جرجورة، خليل الديب، فؤاد خوري وصليبا خميس..

يكتب الرّفيق سُهيل نصّار في كتاب "جذور من الشّجرة دائمة الخضرة" للرفيق د. أحمد سعد (ص 160): "لم يخرج من النّاصرة سوى أولئك الذين نعتوا الشّيوعيّين بالخيانة، وكانوا يودّون حرق نادي العصبة والمؤتمر ونقل قادة العصبة إلى الحدود السّوريّة". ويتابع كتابته: قاموا بتطويق الحيّ الشّرقيّ، ووصلت أخبار التّنكيل بشباب الحيّ وسكّانه، لبقيّة أحياء النّاصرة. واجتمع عدد من أعضاء العصبة، وقرّرنا الدّخول للحيّ ليتمّ اعتقالنا، حتّى نعرف ما كان يحدث. اعْتُقِلْنا وأخذونا إلى السّاحة التي جمّعوا فيها أكثريّة شباب الحيّ، الذين أحاط بهم الجيش المُدجّج بالسّلاح وبالكلاب الشّرِسة.. كانوا يُطلِقون النَّار فوق رؤوس المُعتقلين ويُفلتون الكلاب عليهم. لم يُرهبنا سلاحهم وكلابهم، تصدّينا لهذه الأعمال الهمجيّة والفاشيّة بالهتاف ضدّ المُحتلّين وسقوط الفاشيّة والنّازيّة".

يقول الرّفيق عبّاس زين الدّين: كان عمري في ذلك الحين أحد عشر عامًا، وحين قام الجنود بتجميع سُكّان الحارة الشّرقية في ساحة الجابية قرب مسجد السّلام وبدأوا باعتقالهم، برز دور "جمعيّة النّهضة النِّسائيّة" حيث قُمنَ بإيصال المواد التّموينيّة، من مأكل ومشرب لسُكّان الحيّ المحاصرين وقد قدّمت طيّبة الذّكر عائشة الماير، أم خليل بياضي، أبو الرّائد، المساعدة الكاملة لرفيقات الجمعيّة وكذلك قاموا بجمع التّواقيع من أجل الإفراج عن الأسرى.لقد ذكَّرني والدي، أبو خالد، أنَّ الصُّدفةَ قد جمعت طيِّب الذّكر عيسى حبيب بجارنا خليل بياضي في بيتنا، في حيّ وادي النِّسناس، بعد أن رجعتُ إلى البلاد لقضاءِ عُطلتي الصيْفيَّة، من دراستي الجامعيّة في جمهوريّة تشيكوسلوفاكيا، وفي حديث تعارفٍ بينهما حدَّثه أنّ طيِّبة عائشة الماير، والدته، كانت قد صفعت الضّابط الإسرائيلي، ووندرمان، بصرمايتها، شُحْويطتِها، على خدِّه أمام المُعتقلين، وأخذت قبّعتَه ورمتها عاليًا في الهواء، حين كان الجنود يحاصرون الحارة الشّرقيّة. إهتمّ رفاق عصبة التّحرّر بالدِّفاع عن المدينة ووحدة أهلها ورفاهيَّة سُكّانها، فبعد سُقوطِ النّاصِرة، ضاقت الحياة بأهل المدينة واستفحلت البطالة نتيجة للاحتلال ومنع التّجوّل والتّصاريح للتّنقّل بين بلدة وأُخرى وزادت حالات الفقر والعوز تفشِّيًا فقام رفاقنا بإعادة تفعيل وتنشيط مؤسّسات مؤتمر العمّال العرب لصالح سُكّان البلد، حيث عملوا على إيجاد أماكن عمل وتحسين ظروف العمل وحتّى زيادة في الأجر اليوميّ المُنخفض.ويضيف الرّفيق بشارة عبود في "ذاكرة شعب ووطن ص 73": بعد احتلال النّاصِرة في تمّوز 1948 فتحنا أبواب مؤتمر العمّال العرب في النّاصِرة الذي كان قائمًا زمن الانتداب وبدأنا حالاً بالسّعي لإيجاد عمل لمئات العمّال العاطلين عن العمل وتم تحقيق ذلك في أعمال مؤقّتة حول النّاصِرة بالإضافة إلى قطف الزّيتون والسّمسم والبيّارات في منطقة الرّملة واللد"..ويُذكر أنّه تم استيعاب نحو أربعِمائة عامل ومهنيّ وموظّف. هذا هو تاريخُنا وهذه هي حضارتُنا، هذا هو مسارُنا وهذه هي مسيرتُنا التي نفتخِرُ ونعتزُّ بها ونعُزُّها وما هذه الأصوات المُغرِضة والمُتطاوِلة على مفخرةِ شعبنا، حزْبِنَا، إلا أصوات غِربَانٍ تَنْعقُ وَوُجُوه بومِ شُؤمٍ ﴿إِنَّهُم يُكِيدُونَ كَيْدًا﴾. فالغِربَانُ تَخافُ الصُّقورَ والنُّسور، والضَّبعُ، أمّ عامر، تَغْدُرُ في أيّ لحظة تراها مناسبة أو يُشبَّه لها أنّها مناسبة.

فكما جاء في نشيدنا نحن شِدنَا المعالي:

إنَّنا نشيد في الورى الحياة

سوف نُشهِد الورى بأنّنا أقوياء

فإنّما النِّضال روح للشّباب

وأنَّ رفاقَ توفيق زيّاد، عبد الرّحيم محمود، فؤاد خوري، صبحي بلال، صبحي سروجي، بشارة عبّود، نقولا عاقلة، فؤاد نصّار، سهيل نصّار، منعم جرجورة، حسين أبو أسعد، خليل دخيل الحامد، يوسف صبَّاغ، يوسِف خطيب، أنيس صفُّوري، خليل خوري، لولو صبّاغ، سليمان حمدة، أنطون سقّا، راشد خليل، جريس أبو العسل، لبيبة ذيب، سلمى شومر، نعيم الدّنّون، يوسف فرّاج، ميشيل درملكنيان، رزق عبده، عبد الفتَّاح الزّعبي، سليم القاسم، حسن أبو عيشة، طه البيُّومي، بشارة طنّوس، إبراهيم بكر، رضوان جرجورة، أمين قدحة، شفيق بشارة، نظمات حلاق، نقولا ورور، نجيب الفاهوم، خليل ديب وبشارة معمّر وأستميحُ قُرّائي عُذرًا إن نسيتُ أحدًا، لأنّ قائمة شُرفائنا في ناصِرة الجليل، ناصِرة شعبنا طويلة ولا تسعها الكتب، فهؤلاء هم رجالُنا، أبطالنا في الميدان الذين حملوا الرَّاية الحمراء عاليًا فوقَ الشُّهُبِ، الذين وقفوا ﴿..صفًّا كأنّهُم بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾، لا يخافون الرّدى، في وجه كلِّ المؤامرات التي حيكت ضدَّ شعبِنا وأفشلوها فهُم حُماةُ دِيارِنَا وشعبنا وحضارتِنَا ، هُم تيجانُ روؤسِنَا ونهضَةُ قِيَمِنَا وبتاريخِهم النّاصِع سنبني الغدَ الشّريف، غد الشّعوب.ونَعدُ وعدًا صادِقًا كلَّ الذين يريدون النَّيْل من تاريخِنَا ومن عزيمتِنَا، أنّ نواطيرَ مِصرَ لن تنامَ عن ثعالِبِها. وَنَهْتِفُ فِي وَجْهِ الذِين لا يَعْرِفُونَ حُدُودَهُم: مِطَّاوِل عَ الشُّيُوعِيّة خ.. مِيِّة بِالمِيِّة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *