في حديث ناقد وجريء، جاك يعقوب لصحيفة وموقع “حيفا”:

مراسل حيفا نت | 18/06/2014

حاوره مطانس فرح                         

صوّره وائل عوض

في حديث صريح، أبعد ما يكون عن التّلوّن والدّبلوماسيّة، وأقرب ما يكون من الخِبرة والمِهْنيّة، يعمد ويصمّم ويصرّ مصفِّف الشّعر والمجمِّل (الماكياجير) ومصمّم الأزياء، الحيفاويّ جاك يعقوب، في لقاء حصريّ مع صحيفة "حيفا"، أن يضع النّقاط على الحروف، وأن يَنقد ما يجري في السّاحة الجماليّة الفنّيّة، بكلّ ما يتعلّق بتصفيف الشّعر والتّجميل (الماكياج) وتصميم الأزياء، مؤكّدًا أنّ ما يملكه من خِبرة ومِهْنيّة وتِقنيّة ولمسات إبداعيّة على مدار أزيَدَ من ثلاثة عقود، تؤهّله لإبداء رأيه والحكم فيما تراه عيناه في هذه المضامير التّجميليّة الفنّيّة.

 هل تعتقد – بعد سبات طويل نسبيّـًا – أنّ رأي ونقد جاك يعقوب سيهمّان أحدًا؟!

طبعًا؛ وأكثر من أيّ وقت مضى!

 سأكون حازمًا منذ بداية حديثنا.. كيف لك أن تحكم على الأمور، وأنت برأي وشهادة الكثيرين في مجال تصفيف الشّعر والتّجميل (الماكياج) وتصميم الأزياء، مغيّب وبعيد عن الأضواء؟!

أنا لست مغيّبًا ولا بعيدًا. ما زلت في الصّدارة. لقد وصلت إلى منزلة تخوّلني أن أضع النّقاط على الحروف لأنقد الفوضى المستشرية في السّاحة. فجاك يعقوب لم يمت ولم ينتهِ عهده بعد!

 ولكنّ هناك أسماء جديدة لامعة اليوم، في مجالات تصفيف الشّعر والتّجميل (الماكياج) وتصميم الأزياء؟

أين هم هؤلاء اللّامعون؟! من منهم يملك البصمة الّتي يملكها جاك يعقوب؟! أنا ما زلت موجودًا، شاء مَن شاء وأبى مَن أبى. فأعمالي وإبداعاتي وبصماتي الدّامغة في المجالات الثّلاثة، وتاريخي العريق والمميّز يشهد بخلاف ما يشهده أولئك الّذين يعتقدون أنّهم مبدعون!

 ولكن لا يمكنك أن تنكر تألّقاتهم وتستخفّ بإبداعاتهم، سواء أكان ذلك في مجال تصفيف الشّعر أم التّجميل (الماكياج) أم تصميم الأزياء؛ فهم أسماء لامعة، فعلًا..

أسماؤهم "لامعة" محلّيّـًا، بينما اسم جاك يعقوب ما زال يلمع قطريّـًا وعالميّـًا. اِسمي مرسّخ منذ أجيال ومعروف للجميع، بينما بالكاد يعرف ابن البلد المجاور اسم هذا المبدع "اللّامع" فلان أو المصمّم "العبقريّ" علّان. كنت من أوائل مَن رسّخ أساسات التّجميل وتصفيف الشّعر والأزياء في البلاد، وخطَّ أسلوبًا خاصّـًا به. واليوم، يأتي هؤلاء "المبدعون" محاولين ترك بصمة لهم، ولكن يصعب عليك أن تجد بصمات جديدة! فالبصمات "الإبداعيّة" لهؤلاء متشابهة ومُستنسَخة ومُقلَّدة!

ومع ذلك، أنت تتقفّى أعمالهم..

صحيح. فرغم خبرتي الطّويلة الّتي تزيد عن 35 عامًا ونجاحاتي الكثيرة، أنا متابع وملاحق لأعمال غيري، فهذا إجباريّ لدراسة ومتابعة ما يجري على السّاحة؛ لأنّي لست غبيّـًا كالآخرين الّذين يستخفّون بعمل الغير. غباء منك ألّا تراقب وتدرس الغير، مهما كان صغيرًا هذا الغير أو أقلّ منك بدرجات! فأنا لا أستخفّ بعمل أيٍّ كان ممّن يدّعي الإبداع؛ رغم أنّي لا أجد إبداعًا على السّاحة. أتألّم لحال هؤلاء الصّغار الّذين يعتقدون – ربما غرورًا أو جهلًا – أنّهم كبار، فعلًا. ولكي أكون مُنصفًا أشير إلى أنّه قد تجد هنا أو هناك فكرة جيّدة أو لمسة إبداعيّة لدى أحدهم، لكنّها – للأسف – غير مكتملة.. إنّ موضة التّجميل (الماكياج) والشّعر والأزياء تعيد نفسها – تمامًا كالتّاريخ – ولدى اتّباع موضة حديثة/قديمة يعتقد هذا المُبدع في مجاله أنّه خطّ له أسلوبًا خاصّـًا وترك بصمة إبداعيّة. ينقص هؤلاء «المبدعين» الكثير الكثير من الخبرة والمِهْنيّة..!

 هل نفتقر إلى الخبرة والمِهْنيّة، اليوم، في مجالات تصفيف الشّعر والتّجميل (الماكياج) وتصميم الأزياء، حيفاويّـًا؟!

نعم. وأقولها للجميع، بكلّ جُرأة وثقة: لا يوجد مِهْنيّون واختصاصيّون ومبدعون في مجال تصفيف الشّعر والتّجميل (الماكياج) وتصميم الأزياء!

  كيف ذلك، وهم موجودون منذ سنوات في السّاحة؟

وجودهم في السّاحة لا يعني أنّهم متميّزون. فعند تتبّعك أعمالهم تجد أنّها مبنيّة، أساسًا، على القصّ واللّصق، بعيدًا عن الخبرة والتّفكير السّليم واللّمسة الإبداعيّة، وهذا هو التّقوقع والتّخلّف، فلا إبداع ولا تميّز. فلو كرّرت العمل على الطِّراز (الموديل) ذاته – سواء أكان في مجال الشَّعر أم التّجميل (الماكياج) أم التّصميم – لفترة طويلة، فستنجح في إتقانه وستعتقد أنّك مبدع حقيقيّ! وكلّ مَن يدّعِ أنّه ترك بصمة في مجال تصفيف الشّعر والتّجميل (الماكياج) وتصميم الأزياء يوهم نفسه بذلك، لأنّ هذه البصمة – في أفضل حالاتها – موسميّة فقط، بينما بصمة جاك يعقوب وكبار المصمّمين والمصفّفين والمجمّلين دامغة.

 ألا يوجد إبداع، اليوم، في مجال تصفيف الشّعر، باعتقادك..؟!

دعكَ من المظاهر الخدّاعة، ولا تنجرف مع التّيّار أو تسير وراء قطيع من الفتيات أو الصّبايا اللّواتي يلهثنَ وراء اسم "لامع" فقط! فلا يجدنَ إبداعًا ولا لمعانًا ولا تميّزًا.. في المقابل هناك قَصّة واحدة ووحيدة مُستنسَخة، قَصّة شعر واحدة لهذا "المبدع اللّامع"، ينفّذها على صبايا في العشرينيّات وسيّدات في السّتّينيّات.. ولدى تجوالك في حيفا تجد أنّ النّساء بأعمارهنّ المختلفة يمتلكنَ القَصّة أو التّسريحة ذاتها.. كيف يصلح ذلك؟! فلكلّ جيل ما يناسبه!

 ولكن، في كلّ موسم هناك صرعات وخطوط عريضة لبِدعة تصفيف شعر..

لا يمكن لهذه البِدعة أو الموضة أن تنحصر بقَصّة واحدة ووحيدة مُستنسخة! فالمشكلة تكمن، إذًا، في هذا الفنّان الّذي يعتقد أنّه «مُبدع»، بينما – باعتقادي – هو غبيّ ومتقوقع، لا يملك رؤية فنّيّة ولمسة إبداعيّة، ينسخ هذه القَصّة العصريّة حتّى لو لم تلائم الفتاة أو السّيّدة، بدون دراسة تفاصيل الوجه ومعالمه.. فأين الإبداع، وأين التّميّز، وأين البصمة؟! فهذه الصّرعات الّتي تتحدّث عنها و"الإبداعات" المختلفة الموجودة على السّاحة والّتي تُبهر القطيع، هي مجرّد فقّاعة. بينما أنا كنت أوّل مَن أبدع وتميّز، وهذه حقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها أو يتجاهلها!

 ومع ذلك، لا يمكنك أن تتجاهل مصفّفي الشّعر الرائدين في حيفا، وخصوصًا في مجال تصفيف شعر العرائس..!

قد تجد – هنا وهناك – بعض التّسريحات، ولكن غالبيّة التّسريحات والقَصّات مُستنسخَة ومُكرَّرة ومعلوكة؛ أين هم مصفّفو شعر العرائس المُبدعون؟! فغالبيّتهم أقرب إلى كونهم ممشّطي شعر لا إلى كونهم مُبدعين أو مُصفّفين.

 لنعُد إلى مصمّمي الأزياء، وخصوصًا مصمّمي فساتين العرائس..!

يبتسم بسخرية ممزوجة بألم، متسائلًا بتعجّب: ماذا؟!! أين هم مصمّمو الأزياء، أيضًا؟! 

 عدد بارز منهم موجود بقوّة، أقلّها، في السّاحة الحيفاويّة..

ما تراه في السّاحة الحيفاويّة هو أشبه بتصميم. لا يوجد مصمّمو أزياء، يوجد خيّاطون، فقط!!

 تصريح "خطير"..!

وأنا مسؤول عن تصريحي هذا. نَعم، لا وجود لمصمّمي أزياء مُبدعين في حيفا! أتحدّى أيّـًا كان مِمّن يدّعي التّصميم أن يريني تصميمًا إبداعيّـًا ذا طابع فنّيّ راقٍ، بتقنيّة وجودة عالية وفكرة جديدة غير مُستَنسخَة. أفتقد اللّمسة الفنّيّة والتّجديد في التّصميم! غالبيّة عرائس، اليوم، مدركات كلّ الإدراك وواعيات كلّ الوعي لما يُرِدنَه في فساتين زفافهنّ. فتأتيك العروس – بعد أن تكون قد تفحصّت وتمحّصت، وجالت وصالت، وأبحرت في الشّبكة العنكبوتيّة (الإنترنت) – مع تخطيط وتصميم شبه جاهزين لفستان زفافها؛ فيقوم هذا المصمّم «المبدع» بتركيب الـ"ﭘـَزِل" (الأحجيّة) وخياطة هذا الفستان! أليس من المُعيب أن يدّعي هؤلاء «المُبدعون/العبقريّون» الخيّاطون التّصميم، طالما هم لم يثبتوا أنفسهم حتّى على السّاحة المحلّيّة بعد!

 ألا تعتقد أنّك تبالغ كثيرًا..؟!

لا أبالغ. يمكنهم أن يفحصوا الأمور ويتأكّدوا من صحّة أقوالي.. فعلى سبيل المثال، منذ بداية العام الجاري (2014)، كنت في عدد كبير من الأعراس، لأكتشف أنّ العروس نسخة عن عروس الأمس، وعروس الغد نسخة عن عروس اليوم. باتت العروس عبارة عن مشروع مُستنسَخ، بأسلوب قصّ ولصق، سواء أكان ذلك في مجال تصفيف الشّعر أم التّجميل (الماكياج) أم تصميم فستان العرس. أتحدّى أيّـًا كان أن يريني عملًا إبداعيّـًا وتصميمًا غير مُستنسَخ، وأن يُظهر قدراته الإبداعيّة التّصميميّة ولمساته الفنّيّة الّتي تخوّله أن يكون مصمّمًا. على المصمّم الحقيقيّ أن يملك الخبرة الكافية والعين الثّاقبة الفاحصة الحادّة، ليصمّم للعروس ما يناسبها ويلائمها، لا ما يناسب القطيع..! في تصميمه يجب أن يستر العورات ويبرز المفاتن، وأن يحاول إقناعها –  بأسلوبه السّلس والمِهْنيّ – بأنّ ما يناسب غيرها من العرائس لا يناسبها، فكلّ عروس تختلف عن غيرها، شكلًا وفكرًا، لذا عليه أن يظهرها بأبهى وأجمل طلّة لها في أهمّ يوم في حياتها، لا صورةً مُستنسخة عن غيرها.

هناك من درس تصميم الأزياء وامتاز ويحمل، اليوم، شهادة أكاديميّة، فكيف يمكنك الاستخفاف به؟

أنا أراقب ولا أستخفّ. ولكن تجد كلّ مَن درس تصميم الأزياء لمدّة ثلاث أو أربع سنوات، في شبه معاهد هنا أو هناك، ويحمل كرتونة A4 – يقصد الشّهادة الأكاديميّة (م.ف.) – يعتقد أنّه أصبح مصمّم أزياء بارعًا! صحيح أنّه تعلّم الخطوط العريضة للتّصميم، ولكن علمه هذا لا يكفي؛ فتجده لا يفقه شيئًا في مجال عالم تصميم الأزياء والموضة، تنقصه الخبرة والرّؤية الثّاقبة السّليمة. ومن المُؤلم أن يعتقد هذا المبتدئ أنّ مجرّد إنهائه دورة تعليميّة أو حصوله على كرتونة يخوّله أن يفتح صالونًا لتصميم فساتين العرائس! والحال يسري على جميع المجالات؛ فكلّ من يُنهِ دورة في قصّ الشّعر يتحوّل – بقدرة قادر – إلى مصفّف شعر عرائس، وهو بالكاد يمكنه تمشيط الشّعر! تصفيف شعر العروس يحتاج إلى اختصاص وخبرة، لا إلى مجرّد تمشيط عاديّ.

 لِمَ تجلس جانبًا، إذًا، وتنتقد، بدل أن تبادر إلى تغيير هذه الصّورة السّوداويّة بنظرك؟! ألا تملك الخِبرة والمِهنيّة والتّقنيّة الكافية للتّغيير؟!

هناك إجماع تقنيّ ومِهْنيّ وإبداعيّ حول جاك يعقوب. أنا لا أجلس جانبًا، بل أعمل على نار هادئة، أتجدّد دائمًا، لكنّي لست متعطّشًا للوصول كغيري، لأنّي وصلت بعيدًا وحقّقت أحلامًا لا يحلم بتحقيقها «عمالقة» مصفّفي الشّعر والمصمّمين الحيفاويّين.. كنت أستقبل في صالوني، يوميّـًا، أزيَدَ من 120 زبونًا، مجموع ما يستقبله "المبدعون"، اليوم.. وكنت أعطي لكلّ واحدة منهنّ حقّها وأظهرها بطلّة مختلفة ومميّزة عن غيرها.. تاريخي يشهد لي على ذلك. أنا أوّل من أبدع في تصميم فساتين السّهرة والأعراس لسيّدات المجتمع الحيفاويّ، فأمّهات عرائس اليوم كنّ زبائن جاك يعقوب. وأنا أوّل المجمِّلين الّذين أحدثوا خطّـًا في مجال التّجميل (الماكياج)..

 أنت تتحدّث عن الماضي.. ولكن أين جاك يعقوب اليوم، فلا واحدة تطرق بابك، تقريبًا؟!

كلامك ليس دقيقًا. لقد مررت بأزمة تجاريّة واقتصاديّة كبرى قبل سنوات عدّة، بعدما احترق الصّالون الّذي أملكه بكلّ ما يحويه من موادّ خام وأجهزة وآليّات، إضافةً إلى احتراق مئات فساتين السّهرات والأعراس، وهذا أثّر سلبًا في مسيرتيَ المِهْنيّة، وقد غِبت عن السّاحة لفترة زادت عن خمس سنوات. ورغم الفراغ الّذي أحدثته لم يأتِ مصفّف شعر أو مجمِّل أو مصمّم أزياء ليملأ هذا الفراغ! وخلال هذه الفترة نشأ جيل جديد من الفتيات والصّبايا اللّواتي – كما ذكرت لك، آنفًا – يسرنَ مع التّيّار كالقطيع، وابتعدنَ عن جاك يعقوب.

 ألا تعتقد أنّ عصبيّة وغرور جاك يعقوب ساهما في ابتعاد الزّبائن؟

لم يستطِع النّاس استيعاب وفهم جاك يعقوب كما يجب، ومع ذلك عملت على تغيير ذاتي ونفسي واجتهدت على التّغيير للأفضل.. جاك يعقوب، اليوم، أكثر نضوجًا.. لربّما أحاطتني لفترة ما هالة من الغرور، وكنت عصبيّ المِزاج من جرّاء ضغوطات العمل، لكنّي طوّرت نفسي وعملت على التّغيير..! للأسف، تخلّى عنّي الكثيرون ولم يقفوا إلى جانبي في ظروفي وأوقاتي الصّعبة.

 ألم يأتِ هذا التّغيير متأخّرًا؟

التّغيير للأفضل مرحّب به في أيّ زمان ومكان.

 أين عرائس جاك يعقوب اليوم، مقارنةً بمئات العرائس لدى باقي المصفّفين والمجمّلين ومصمّمي الأزياء؟

بعد التّقلّبات الّتي مررت بها خلال مسيرتيَ المِهْنيّة، من نجاحات عديدة وإخفاقات هنا وهناك، وأزمات مادّيّة أثّرت في سير العمل.. وبعد أن حقّقت كلّ النّجاحات الّتي يحلم بها أيّ شخص في مجال الموضة والأزياء والشّعر والتّجميل (الماكياج)، أصبح لديّ إشباع واكتفاء ذاتيّ، وأتمنّى لأيٍّ من الموجودين في السّاحة الوصول إلى ما وصلت إليه، رغم أنّ تلك مهمّة شبه مستحيلة. لم يصل أحد ممّن هم في السّاحة إلى ما وصل إليه جاك يعقوب؛ فحتّى في فترة الرّكود المِهْنيّ لم يستطِع أحد استغلال الفرصة ليملأ الفراغ.

 ومع كلّ هذه الخبرة والمِهْنيّة الّتي تحدّثنا عنها، لِمَ لا تبادر إلى فتح أو تأسيس مدرسة لتعليم قصّ وتصفيف الشّعر، أو مدرسة لتعليم أسس التّجميل وتصميم الأزياء؟

لا يستأهل أحدٌ ذلك، وخصوصًا أولئك الّذين يعتقدون أنّهم متميّزون في مجالهم، وهم لا يفقهون شيئًا. أذكّرك، وأذكّر كلّ من نسي أو تناسى، أنّي كنت أوّل مَن بادر إلى فتح وتأسيس معهد لتصفيف الشّعر. وكانت لهذا المعهد أصداء واسعة قطريّـًا ودوليّـًا. كنت المعلّم الأوّل. وكُنْ على يقين أنّ أكثر من 70% من مصفّفي الشّعر، اليوم، هم تلامذة جاك يعقوب.. ولكنّ الغالبيّة منهم – للأسف – لم تسِر على أساسات التّعليم الصّحيح لجاك يعقوب، ولذا تجد قسمًا كبيرًا منهم متقوقعًا ومنغلقًا ولم يفلح في هذا المضمار..! لقد خرّج معهد جاك يعقوب لتصفيف الشّعر عددًا كبيرًا من المصفّفين، يفوق الأعداد الّتي خرّجتها كبرى معاهد تصفيف الشّعر في البلاد. بشهادة كبار الاختصاصيّين، أنا أستاذ ومعلّم في مجالي رغم أنف الجميع.. وإذا كانوا يضعون نظّارات سوداء على أعينهم، ولا يروون الأمور على حقيقتها، ويتجاهلون – لربّما خوفًا أو تردّدًا – تاريخ جاك يعقوب، الاسم والظّاهرة والبصمة، أذكّرهم بأنّني موجود وأتألّم لحال غالبيّتهم، ولما آل إليه وضع تصفيف الشّعر والتّجميل (الماكياج) والتّصميم في حيفا!

 ومع ذلك، فأنت لا تبادر إلى التّغيير..!

كنتُ موجودًا في السّاحة قبل أزيَدَ من 25 عامًا، حينها لم يعرف هؤلاء الّذين يدّعون الإبداع معناه. أعتبر نفسي – وبكلّ تواضع – صاحب موسوعة معلومات (إنسيكلوپيديا) في مجال تصفيف الشّعر والتّجميل (الماكياج) والأزياء.. مشواريَ الطّويل، من فشل ونجاحات، ومثابرة ودراسات وتجارب وممارسات وخبرة مهولة، ومِهْنيّة وتقنيّة؛ ميّز جاك يعقوب، ليصبح بصمة دامغة وختمًا موثّقًا ونجمًا لامعًا في عالم تصفيف الشّعر والتّجميل (الماكياج) والأزياء. أنا مصفّف للشّعر منذ عام 1980، ومجمِّل وخبير تجميل (ماكياج) منذ عام 1983، ومصمّم أزياء منذ أزيَدَ من 20 عامًا.. فهل يمكن لأحد أن يمحو هذا التّاريخ؟! أنا لم أمت ولا أُحتضر بعد..! وعهد جاك يعقوب لم ينته. فالاختصاصيّ – حتّى إذا وصل الثّمانين من عمره – يبقى مرجعًا للمبتدئين! فلا يمكنك أن تستخفّ بتاريخ الكبار.. "البلد اللّي ما فيها كبير ما فيها تَدبير"..!

 هل تعني بـ"أكبر" الأوّل؟!

طبعًا، وأفضل ممّا كنت عليه في السّابق..! في بداية السّتّينيّات من عمري، وبعد نجاحات وبصمات وصولات وجولات لا ولن يحلم بها أحد، وصلت إلى اكتفاء ذاتيّ، حيث لا يمكن لأحد أن يزعزع عرش جاك يعقوب! وصلت القمّة، وأصبحت هرَمًا.

 عرش جاك يعقوب.. فهل تقصد أنّك الملك؟!

لم أدّعِ، يومًا، أنّي ملك، ولكنّيَ الأفضل، بدون أدنى شكّ! فإمّا أن أكون الأوّل أو لا أكون!

 وهل صقلت خبرتك ومِهْنيّتك بالعلم؟

طبعًا. خلال بداياتي اكتشفت أنّي أجهل الكثير، بخلاف هؤلاء الّذين يجهلون ويعتقدون أنّهم يعرفون..! فعلى سبيل المثال، تدرّبت عند أفضل أساتذة كيمياء صبغات شعر في العالم، وأملك الآليّات الصّحيحة والتّفاصيل والمعلومات الدّقيقة، فهذا هو الشّقّ الأقوى لديّ في مجال الشّعر، وأجزم لك بأنّك قد تجد في البلاد بالكاد أربعة أو خمسة اختصاصيّين مِهْنيّين (من اليهود) في مجال كيمياء الشّعر! وقد تستغرب عندما تعلم أنّه يصعب عليك أن تجد اختصاصيّـًا عربيّـًا في مجال كيمياء الشّعر على المستوى العالميّ! فهؤلاء المبدعون الّذين يدّعون الاختصاص في كيمياء الشّعر والصّبغة، بالكاد يصلون إلى 1% ممّا يعرفه جاك يعقوب!

 وعودة إلى تصميم الأزياء..

أنا مصمّم أزياء من الألف إلى الياء.. أستخدم قطعة القماش الخام لأبدع، لا أستحضر قطع قماش مُصمّمة جاهزة كغيري من المصمّمين! لقد صمّمت فساتين سهرة وفساتين عرائس للغالبيّة السّاحقة من نساء مجتمعنا العربيّ واليهوديّ، وكانت جميع السّيّدات والفتيات يختلفن واحدة عن الأخرى؛ من حيث الشّعر والماكياج والأزياء؛ لم ولن تكن العروس نسخةً عن غيرها، لأنّي أدأب، دائمًا، على أن تكون مميّزة في يوم زفافها. فعندما يستنسخ المبدع أعماله في التّصميم والتّجميل (الماكياج) والشّعر يصبح فاشلًا. المُبدع الخلّاق هو ذلك الّذي يتجدّد ويتغيّر ويُدهش، دائمًا. وللأسف، لا أجد، اليوم، مُبدعين في السّاحة؛ لا أجد مَن يستفزّني أو يثيرني أو يتحدّاني.

 ومن يستفزّك ويحثّك، دوليّـًا؟!

أتابع أعمال كبار المصمّمين العالميّين، ولكنّي لا أستنسخ أحدًا. أمزج ما بين الغرب والشّرق وأضع لمساتي الخاصّة خلال التّصميم. قد أتأثّر، أحيانًا، بعمل إبداعيّ، ولكنّ ذلك يدفعني إلى تحدّي نفسي لتصميم ما هو أفضل. تشدّني تصميمات المُبدع اللّبنانيّ، زهير مراد، كما تعجبني صرعات طوني يعقوب، وتصميمات روبير أبي نادر..

 وماذا بالنّسبة إلى المُبدع اللّبناني/العالميّ، إيلي صعب؟

لإيلي صعب بصمة إعلاميّة لا إبداعيّة! فهو لا يتجدّد، وتجد غالبيّة فساتينه نُسخةً عن بعضها بعضًا.

 كيف يعرّف جاك يعقوب نفسه، اليوم؛ أنّه مصفّف شعر، مجمِّل، أم مصمّم أزياء؟

أنا أجمع ما بينها، لأشكّل أبدع وأجمل لوحة.

 وهل هناك مَن تطرق باب جاك يعقوب اليوم، لتظهر يوم زفافها بأجمل وأبهى طلّة؟!

العروس الّتي تطرق بابي تحصل على ما لا يمكنها أن تحصل عليه في أيّ مكان كان في حيفا؛ من حيث الخدمة والخبرة والمِهْنيّة والتّقنيّة والإبداع والتّميّز، وتجد جميع ما تحتاجه تحت سقف واحد. فأنا دائم التّجدّد والإبداع. أنا لست في وضع كارثيّ، صحيح أنّني مقلّ في تصميماتي، ولكنّي أعتمد التّقنيّة والمِهنيّة، وأفضّل الكيف على الكمّ. كمُبدع أفضّل أن أصمّم عددًا من الفساتين المختلفة والمميّزة بدل أن أصمّم عشرات الفساتين المُستنسَخة. وفي نهاية المطاف، إنّ المؤمن بكفاءاته وقدراته لا يستجدي ولا يتوسّل ولا ينحني تملّقًا لأحد..! أنا لا أطرق باب أحد ولا أفرض نفسي على السّاحة، لأنّي لم أغِب عن السّاحة! فكلّ مَن تبحث عن التميّز، بعيدًا عن القطيع، فستعرف الوصول إلى جاك يعقوب!

 هل أنت ساخط على الوضع؟

لست ساخطًا، لكنّي متألّم؛ لأنّي لم أجد مُبدعًا في أيٍّ من المجالات الثّلاثة الّتي تحدّثنا عنها، أحدث تغييرًا أو قام بثورة إبداعيّة. وعتبي على كلّ أولئك الّذين لم يقدّروا نجاحاتي وتاريخي الحافل، وحرصي على عملي. 

 أما زال نجمك يلمع؟

لم يبهت لمعان نجمي، فما زال يتلألأ وحيدًا، لأنّه لا توجد نجوم حيفاويّة في مجال تصفيف الشّعر والتّجميل (الماكياج) وتصميم الأزياء.

 مَن سيكمل مشوار جاك يعقوب؟

لا يوجد بديل عن جاك يعقوب حتّى كتابة هذه السّطور.. «يا زلمي لو بدها تشتّي كان غيّمت»! يصعب استنساخ جاك يعقوب، رغم محاولات تقليد هنا وهناك.. ومع ذلك، ترقبّوا منّى المفاجآت..!

 هل ستفاجئنا بعرض أزياء إبداعيّ قريب، مثلًا؟!

لا تمكنني الإجابة عن هذا السّؤال، فالأمور نابعة من أحاسيس ومشاعر. سيُبهر ويفاجأ الكثيرون لو وجدت أنّ هناك حاجة ملحّة للتّحضير لعرض إبداعيّ وفنّيّ ومِهْنيّ كامل ومتكامل، لا مثيل له.

 كلمة أخيرة..

جاك يعقوب لم يقُلْ كلمته الأخيرة بعد…!

[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/14356849820141806061722"]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات