السماح ببناء شقق سكنية على مقبرة إجزم المهجرة قرب حيفا

مراسل حيفا نت | 26/06/2009

أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، مؤخراً قراراً يسمح لأفراد في مستوطنة "كيرم مهرال" قرب حيفا ببناء شقق سكنية على مقبرة قرية إجزم المهجرة عام 1948، وذلك بعد مداولات استمرت نحو خمس سنين، وذلك في أعقاب التماس تقدمت به في حينه "مؤسسة الأقصى"، وعدد من أهالي قرية أجزم المهجرة.وقال النائب د.جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي البرلمانية، في أعقاب القرار إن إسرائيل والمنظمات اليهودية يقيمون الدنيا ولا يقعدونها عند المس بمقبرة يهودية حتى لو كان طفيفا لا يذكر. والآن تأتي المحكمة العليا الإسرائيلية، التي تلبس أقنعة التنور والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتسمح بانتهاك حرمة مقبرة البروة، والآن جاء دور مقبرة إجزم ليبنوا عليها الشقق السكنية. وقد سبق وأن فعلوا ذلك عشرات المرات في حيفا ويافا وعشرات المواقع الأخرى.يذكرأنه تم وقف العمل في مقبرة قرية إجزم، بموجب قرار احترازي مؤقت صدر عام 2004، وذلك بعد أن شرع حينها مستوطنون من مستوطنة " كيرم مهرال"، التي على أنقاض قرية أجزم، ببناء شقق سكنية كبيرة على أرض مقبرة القرية مما أدى إلى نبش عدد من القبور.إلا أن المحكمة العليا أصدرت مؤخرا قرارا في الملف المذكور يقضي بردّ ورفض الالتماس، ما يعني إعطاء الإذن والسماح ببناء شقق سكنية على أرض مقبرة قرية إجزم المهجرة.

قرية إجزم:

 عاصمة المنطقة كلها في أيام خوال، المطلة بجلال من نشز دائم الخضرة على شاطئ البحر المتوسط القريب الساحر.تقع إجزم عل بعد عشرين كيلومتراً، تقريباً، جنوبي حيفا وثماني كيلومترات من شاطئ البحر. زرتها هذه المرة مع الصديقين وديع وبكر عواودة وعائلاتنا الثلاث، وذلك في إطار جولة ضمت بعض قرى الروحة وجنوب الكرمل.

الذي يميز إجزم عن مثييلاتها من القرى الفلسطينية المهجرة أن العديد من مبانيها لم يدمر بل ما زال موجوداً، بعضه يستعمل من قبل الساكنين الجدد (كقلعة آل الماضي والمدرسة التي غدت كنيساً، وبعض البيوت المبنية من الحجر النظيف التي حولت إلى بيوت سكن فاخرة)، والبعض الآخر مغلق ( كمسجد القرية الذي حوى أيضاً داراً لتحفيظ القرآن الكريم أدارها الشيخ العلامة الصوفي يوسف النبهاني صاحب التصانيف الكثيرة في التصوف والفقه الإسلامي، والذي توفي ودفن في إجزم عام 1930). وعلى ذكر مسجد إجزم الكبير، (الذي وجدنا البوابة الموصلة إليه موصدة، هذه المرة، ولم نفلح بدخوله) فقد رأيت في زيارة سابقة أن الكثير من النقوش والزركشات قد تقشرت وسقطت ( كما يبدو من رطوبة المكان بسبب إغلاقه المستمر!) ولم تبق إلا الآية القرآنية التي تبدأ ب " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا… ".

كذلك حصل بعض التآكل في بيتين من الشعر نقشا عل الباب الخارجي للمسجد، من جهة الشمال، وقد جاء في الشطر الأول منهما : "مسعود شاد فأجزلن ثناءه "، والاشارة هنا لمسعود الماضي الذي حكم إجزم والمنطقة في أوائل القرن التاسع عشر، وأمر ببناء هذا المسجد الواسع المكون من طابقين وصحن واسع مبلط، استعمل الطابق الأول للصلاة، في حين تواجد بأطراف صحن المسجد صفان من الغرف الصغيرة التي استعملت ككتاتيب لتحفيظ القرآن.بلغت مساحة أراضي إجزم 45000 دونم، نصفها من الأراضي السهلية التي زرعت بالغلال والخضروات والتبغ، أما النصف الأخر فقد زرع بالفواكه والزيتون والتين.

أما سكان القرية فقد بلغ عددهم عشية التهجير قرابة ال-4000 نسمة،وقد تكونت من عائلات عدة نذكر منها : الماضي، زيدان، البلالطة، الطوافشة، محسن، أبو حمدة، الواوي، الأبرص، جياب، أبو شقير، عبد المعطي،درويش، تركي، أبو عابد، أبوسرية، أبو خليفة، الفرايزة وأسعد.

إعتاش معظمهم من الزراعة وتربية المواشي. في حين عمل قسم لا يستهان به في سلك الوظائف الحكومية، بعضهم في جهاز التعليم نذكر منهم فلاح محمد سعيد الماضي الذي كان مديراً لمدرسة سمخ، وأخاه عرسان الذي كان معلماً في حيفا، وفاضل موسى زيدان الذي كان معلماً في حيفا، وتوفيق مراد الماضي الذي كان معلماً في البصة (قضاء عكا ).

كما وعمل في سلك الأشغال العامة والخدمات كل من الشيخ قاسم الأحمد في دائرة الأحراج في زمارين، حسين أبو هريس في دائرة البريد وحسني نمر الماضي الذي كان سكرتيراً في دائرة الأراضي (الطابو ) في حيفا. كما وتجند في سلك البوليس البريطاني قرابة 20 مجنداً، كان أعلاهم رتبة عبد الله حسن زيدان الذي وصل إلى رتبة عقيد في مركز بوليس حيفا.

كان في القرية مدرسة انتقلت إلى بنائها الحديث المكون من 12 غرفة في منتصف الأربعينات وقد عمل في هذه المدرسة 18 معلماً وتعلّم فيها قرابة 300 طالباً.

من الناحية السياسية انقسمت القرية إلى قسمين : قسم أيد الحسينيين بزعامة الزعيم الاستقلالي المعروف معين الماضي وأخيه أسعد، وقسم أيد المعارضة النشاشيبية بزعامة نايف ومحمود الماضي.

وقد أثر هذا الإنقسام بشكل كبير على الفعاليات الوطنية في القرية والقضاء، خاصة في المراحل الحرجة أثناء ثورة 1939 -1936 وفترة 1948 -1947. ومعين الماضي كان زعيماً على المستوى القطري الفلسطيني وعلى الصعيد القومي العربي العام فهو خريج جامعة السوربون وجامعة استانبول في موضوع المحاماة، ومن منظمي مؤتمر الجمعيات القومية العربية في باريس عام 1913. وقد كان كذلك من أركان الدولة القومية التي انشأها الملك فيصل في دمشق في 1918 -1920 ومن العضاء المؤسسين للفرع الفلسطيني لحزب الإستقلال، كما كان عضواً في اللجنة التنفيذية برئاسة موسى كاظم الحسيني والهيئة العربية العليا برئاسة الحاج أمين الحسيني.

إجزم في ثورة 1936: كانت القرية نشيطة جداً في ثورة 1936 -1939، وقد أقيمت فيها ثلاثة فصائل عملت تحت إمرة القائد يوسف سعيد أبو درة، كان قادتها كل من: أحمد عبد المعطي، عبد القادر أبو حمدة وأحمد زيدان. وقد كان عدد الثوار فيها قرابة ال- 70 ثائراً.

 

ما وعملت في القرية ومحيطها محكمة فرعية للثورة ضمت كل من أحمد يونس أبو حمدة، العبد الصالح، حسن سليم الماضي وعلي أحمد الشيخ حسن.

 

وقد استشهد من أبناء القرية في الثورة قرابة ال – 15 ثائراً نذكر منهم : أحمد قاسم التركي ( أعدمه البريطانيون بعد أن قبضوا عليه )، عقاب محمد الناصر، محمد الشنبور، محمد أحمد الحسين، عبد الرحمن العبد، زعل التركي، موسى عبد الرازق أبو حمدة، صبري احمد زيدان وتوفيق محمود الحامد.

التهجير: كانت إجزم، كما أسلفنا القول، ضلع القاعدة في مثلث الرعب ( إجزم، جبع، عين غزال)، صدت منذ بداية الحرب هجمات عدة استهدفت السيطرة عليها، وذلك من قبل رجال فرع النجادة في القرية، مفرزة صغيرة لجيش الجهاد المقدس ومفرزة من المتطوعين العرب (خاصة من العراقيين).

وقد بقيت صامدة حتي الرابع والعشرين من تموز 1948 حيث دكت مواقع المدافعين عنها دكاً بواسطة قصف جوي إسرائيلي مركز، ولم يكن للمدافعين أية وسائل للدفاع الجوي، في حين لم تفلح بعض الطلعات للطائرات العراقية بتخفيف وطأة الهجوم الذي انتهى باحتلال القرية وتهجير معظم سكانها.

بقي جزء صغير منهم مع محمود الماضي حتى عام 1951 حيث تم اسكانهم في الحي الغربي من القرية، ولكن عقدهم انفرط بعد مغادرة محمود الماضي القرية إلى حيفا وإقامة مستوطنة "كيرم مهرال" في باقي أجزاء القرية. فتم ترحيلهم إلى الدالية وعسفيا والفريديس وبعضهم التحق بعائلاتهم في جنين وباقي مخيمات اللاجئين. لجأ معظم مهجري القرية إلى العراق وهم يعانون اليوم، على أثر الاحتلال الأمريكي في آذار -نيسان 2003 ضائقة كبيرة.

كتب د.مصطفى كبها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *