الرهبان الكرمليون
هم مجموعة رهبان، تابعون للكنيسة الكاثوليكية ويستلهمون إسمهم من جبل الكرمل، المكان الذي فيه أُسست الجمعية. استقرت مجموعة من الصليبيين، في أواخر القرن الثاني عشر، على منحدرات جبل الكرمل الغربية، وكانت رغبتهم إتباع نمط حياة النبي الياس، حياة تنسكية في مغاور الكرمل. في فترة غير محددة، ما بين عام 1206- 1214 طلب القديس بروكاردور رئيس الرهبان آنذاك، من القديس البرت، بطريرك القدس ان ينص لهم قانون حياة. وهكذا تم انتماء هذه المجموعة من النساك التي عرفت فيما بعد بأسم "الرهبانية الكرملية" الى أبرشية القدس. بنى الناسكون آنذاك كنيسة صغيرة لهم، في وادي السياح، على بعد سبعة كيلومترات جنوب حيفا. وقد نقب آثار المكان من قبل الراهب الفرنسيسكاني "بجاتي" وهكذا عُثر على الكنيسة الاصلية.
في عام 1259، دعا القديس لويس بعد عودته من الاراضي المقدسة ستة رهبان كرمليين من جبل الكرمل الى فرنسا.منذ سنة 1238 وما بعدها، بدأ الكرمليون بتأسيس أديرة في اوروبا. ولكن عند سقوط مدينة عكا عام 1291 اضطر الرهبان الى ترك الاراضي المقدسة. عام 1631 عاد خادم الرب، الراهب يروسيروس الى جبل الكرمل لترميم مهد نشوء الجمعية، تحت اسم "الكرمليين الحفاة". وبهذا بنى ديراً صغيراً على قطعة ارض بجانب المنارة، حيث عاش الكرمليون حتى عام 1767، حينما أمرهم ظاهر العمر بترك المكان وهدم الدير.
انتقل الكرمليون الى موقعهم الحالي على جبل الكرمل(ستيلا مارس) حيث بنوا كنيسة كبيرة وديراً فوق مغارة معروفة "بمغارة مار الياس" على أنقاض الكنيسة اليونانية التي بُنيت في العصور الوسطى والمعروفة باسم "دير القديسة مرغريت" ومن أنقاض كنيسة صغيرة وقديمة تعود الى ما قبل الحروب الصليبية. اثناء حملة نابليون (1799)، اُصيبت كنيسة الكرمليين بدمار كبير. وقد أحضر الجنود الفرنسيون الذين أُصيبوا بالوباء الى الدير لمعالجتهم.. وعندما سنحت للرهبان اول فرصة للعودة الى الدير، قاموا بدفن جثث الجنود بصورة لائقة في حديقتهم، ورفعوا تذكاراً بشكل هرم فوق القبر. اما الصليب الحديدي الذي على قمة الهرم فنحته ملاحو السفينة "شاتو- رينو ".
عام 1821 امر عبدالله باشا والي عكا، بهدم الكنيسة كُلياً. بعد ذلك بدأ الأخ الراهب كازيني، ببناء الكنيسة والدير من جديد، وتم تدشينها عام 1836. بعد ثلاث سنوات منح البابا غريغوريوس السادس عشر الكنيسة اسم "معبد صغير" والمعروف اليوم باسم "ستيلا مارس" (ديرمارالياس).
ان لتمثال العذراء المجيدة الموضوع فوق الهيكل العلوي أهمية خاصة به. فقد تم نحت رأس التمثال عام 1820 من قبل "كاراقينا من جنوا".
وضِعَ الأكليل على الرأس في الفاتيكان بحضور البابا بيوس السابع، عام 1823. بعد ذلك بحوالي مئة عام تم نحت الجسد من خشب أرز لبنان على يد "اريئيدى" وبورك التمثال من قبل البابا بيوس الحادي عشر قبل إعادته الى الاراضي المقدسة.
اما الرسومات الفنية التي تزين قبة الكنيسة فقد نُفذت عــلى ايدي الأخ الراهب لويس يـوجي
(1924-1928). وهي تصور صوراً للقديس الياس وهو مرفوع على مركبة من نار، وللنبي داود وهو يعزف على قيثارته، لقديسي الجمعية الكرملية، للأنبياء أشعيا، حزقيال، دانيال وللعائلة المقدسة. اما تحت هذه الصور فهنالك رسومات تعبر عن الانجيليين الأربعة. وتحت صور الانجيليين كُتبت آيتان من الكتاب المقدس واللتان تتلوان عادة في قداس "العذراء سيدة الكرمل". الشبابيك الزجاجية الملونة تصف النبي الياس في الصحراء، وارتفاعه في مركبة من نار.
وسِعَّ الدير بعد الحرب العالمية الاولى، لاستضافة المعهد العالمي لدراسة الفلسفة، التابع للجمعية، ولكن سُرعان ما أغلق بسبب نشوب الحرب عام 1939. المعهد موجود حالياً في روما، ويستضيف عدداً كبيراً من الكرمليين، من جميع أنحاء العالم لدراسة اللاهوت. اما المعهد القديم فقد تحول "لمضافة للحجاج".
المحرقة:
يملك الكرمليون ديراً صغيراً في موقع المذبحة التي قام بها القديس الياس والمعروف باسم "المحرقة ". تبعد "المحرقة" حوالي ثلاثين كيلو مترا من حيفا.
يروي سفر الملوك ان النبي الياس بنى هيكلا، خلال حكم الملك آحاب والملكة ايزابيل. وقد ناشد الله ان يُنزل ناراً من السماء على المذبحة. وتم قتل انبياء البعل في نهر كيشون الذي يجري بقرب الجبل الذي تقع عليه المحرقة.
يروي الكتاب المقدس ان القديس الياس، رأى بعد المذبحة، غيمة على قمة جبل الكرمل والتي جلبت الامطار بعد المَحِل. رأى الكرمليون بالغيمة رمزاً للعذراء مريم، التي تُمطر البركات. وهكذا نما وازدهر في آن واحد التعبد للقديس الياس وللعذراء مريم الممجدة.